أجرت سوريا، الأحد، أول انتخابات لاختيار نواب مجلس الشعب بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد وتولّي رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع حكم البلاد، حيث جرت بشكل مباشر في المناطق التي تسيطر عليها حكومة دمشق ولم تشمل السويداء ومناطق سيطرة "قسد".
وأدلى أعضاء الهيئات الناخبة في المحافظات السورية بأصواتهم في عملية اختيار أعضاء مجلس الشعب وذلك بعد أن فتحت مراكز الاقتراع أبوابها منذ الساعة التاسعة من صباح اليوم، وأغلقت معظم مراكز الاقتراع عند الساعة الثانية عشرة ظهراً بينما مددت في عدد من المحافظات مثل دمشق وحلب.
ولم تعلن السلطات عن نسبة الاقتراع، بينما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن نسبة المشاركة كانت مرتفعة دون أن تحددها.
وقد أعلن رئيس اللجنة العليا السورية للانتخابات نوار نجمة في وقت سابق اليوم بدء فرز الأصوات في عدد من المناطق وإعلان فوز مرشحين.
القانون الانتخابي
وقد دعي 6 آلاف ناخب من هيئات انتخابية بمختلف المحافظات للإدلاء بأصواتهم في انتخابات غير مباشرة واختيار ثلثي مقاعد مجلس الشعب.
حددت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب 49 مركزاً للاقتراع للدوائر الانتخابية المقررة بالمحافظات على أن يتم تحديد موعد لاحق للاقتراع في بعض مناطق محافظتي الرقة والحسكة (معدان ورأس العين وتل أبيض)، بينما ستبقى مقاعد باقي الدوائر شاغرة في المحافظتين، إضافة إلى دوائر محافظة السويداء كافة إلى حين توافر الظروف المناسبة.
وكان 1578 شخصاً من الهيئات الناخبة على مستوى 50 دائرة انتخابية في عموم سوريا بينهم 14 بالمئة من النساء ترشحوا لخوض الانتخابات للفوز بعضوية مجلس الشعب الجديد.
ونص المرسوم الرئاسي رقم (66) لعام 2025 الصادر عن الشرع، على توزيع أعضاء المجلس وفق الكثافة السكانية في المحافظات، وبحسب فئتي الأعيان والمثقفين، مع تعيين ثلث الأعضاء من قبل رئيس الجمهورية، وانتخاب الثلثين وفق لجان انتخابية توزعت مقاعدهم على المحافظات.
فيما حدد المرسوم رقم (143) لعام 2025 عدد أعضاء مجلس الشعب بـ 210 أعضاء، على أن تشكل الدوائر الانتخابية على مستوى المناطق الإدارية، بحيث تتألف الدائرة من منطقة أو أكثر، ولكل منها هيئتها الناخبة التي تتولى انتخاب ثلثي أعضاء المجلس، بينما يقتصر حق الترشح على أعضاء الهيئات الناخبة.
هل يمكن لأي شخص الترشح للبرلمان؟
قضت اللجنة الانتخابية بأنه لا يُسمح للكثيرين في البلاد بالترشح للبرلمان. شمل ذلك أي شخص كان مرتبطًا بنظام الأسد أو مؤيدًا له، مثل النواب السابقين، ما لم يكونوا قد استقالوا أو انشقوا سابقًا.
كما استُبعد أي شخص لديه سجل جنائي؛ وأي شخص دون سن الخامسة والعشرين؛ وأي شخص متورط في "منظمات إرهابية"؛ وأي شخص دعا إلى الانفصال أو التقسيم أو سعى إلى التدخل الأجنبي.
كما استُبعد أولئك الذين لم يحملوا الجنسية السورية قبل عام 2011، عام اندلاع الحرب الأهلية.
الشرع يتفقد سير العملية
ودعا أحمد الشرع السوريين إلى المساهمة ببناء بلدهم من جديد، وذلك في تصريح له بعد تفقده سير العملية الانتخابية في العاصمة دمشق قائلاً إن سوريا تمكنت خلال أشهر قليلة من "إنتاج عمل جبار وأن تدخل في عملية انتخابية جديدة".
وأضاف أن السوريين يفخرون بالانتقال من مرحلة الحرب والفوضى خلال بضعة أشهر إلى الانتخابات والتشاركية. لافتا إلى أهمية إجراء الانتخابات في وقت وجيز حتى يكون هناك تمثيل للشعب ومراقبة ومحاسبة للسلطة.
وأشار إلى أن هناك الكثير من القوانين المعلقة بحاجة إلى تصويت للمضي قدما في عملية البناء، وأضاف "نحن بحاجة إلى إنجازات جديدة خلال الأيام القادمة من أجل إعادة بناء سوريا"
عملية سلسة
وفي وقت سابق اليوم، نقلت "سانا" تصريحات لرئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد الأحمد، قال فيها إنه "جرى تمديد عمليات الاقتراع في دمشق والمدن الكبرى في بعض المحافظات، فيما انتهت عمليات الاقتراع بريف دمشق وعدد من المراكز الأخرى في المحافظات".
وأكد الأحمد، أن العملية الانتخابية "تسير بسلاسة"، معرباً عن اعتزاز السوريين بـ"خوض أول تجربة حقيقية لاختيار ممثليهم في مجلس الشعب".
وقال متحدث اللجنة العليا للانتخابات نوار نجمة، في تصريحات لـ"سانا"، أن النتائج النهائية ستعلن خلال مؤتمر صحفي رسمي تعقده اللجنة العليا للانتخابات في مجلس الشعب يوم الاثنين أو الثلاثاء القادمين.
انتقادات للعملية
نالت العملية الحالية انتقادات كثيرة أبرزها أن الشعب لا يصوّت مباشرةً لاختيار النواب، كما أن الشرع يعيّن ثلث أعضاء البرلمان البالغ عددهم 210 أعضاءً بشكل مباشر.
مع ذلك، رحّب بعض السوريين بهذا باعتباره خطوةً للأمام بعد أكثر من خمسة عقود من حكم النظام السابق.
يقول المنتقدون إن التصويت غير تمثيلي، ويشتبهون في أن الشرع يستغله لترسيخ سلطته.
لا تُجرى الانتخابات في جميع أنحاء البلاد، ولا يشارك فيها عدد من الأقليات، وتُستثنى من الانتخابات المناطق التي لم تخضع بعد للسيطرة الكاملة للحكومة الوطنية.
انتقدت الإدارة الذاتية في شرق سوريا، التي لا تزال تسيطر على جزء كبير من البلاد معظمه من السكان الأكراد، الانتخابات ووصفتها بأنها "محاولة لإعادة إنتاج السياسات الإقصائية التي حكمت سوريا لعقود".
وقالت إن التصويت لن يكون تمثيليًا وسيُهمّش العديد من المجتمعات، وحثّت المجتمع الدولي على عدم الاعتراف بالنتائج.
كانت القيادة الكردية تُجري مفاوضات لدمج عملياتها العسكرية والمدنية مع حكومة دمشق، لكن هذه المفاوضات تعثرت مؤخرًا.
وبين مؤيدين ومعارضين تبقى الأعين شاخصة على المجلس الجديد وأعضائه، وما إذا كانوا فرصة لمشرْعين حقيقيين أم إعادة صياغة لمجالس سابقة كانت صورة شكلية في ظلم حكم رئاسي مطلق، وسط مخاوف من أن يكون السيناريو الحالي شبيهاً بالسابق خلال حكم بشار الأسد لكن بشخصيات جديدة.