كان من الممكن أن يكون يوم ميلاد الطفلين الغزيين، ماسة صقر وعلي الطويل، عاديًا، لكنهما غدًا سيتممان عامهما الثاني دون ضجة أو فرحة أو هدية، محاطين بمئات الأخبار التي تستذكر هذا اليوم، 7 أكتوبر، النهار الذي غيّر وجه غزة إن لم يكن المنطقة، وكتب صفحة جديدة في تاريخ الصراع، فبدّل حياتهما وحياة مئات الآلاف
لم تكن رلى صقر وأمل الطويل، والدتا ماسة وعلي، تتصوران حياةً كهذه لطفليهما، لكنهما الآن تريانهما يكبران وسط القصف والخوف، في عالم لا يعرفان فيه طعم الحياة الطبيعية.
بالنسبة لرلى، فإن تاريخ ولادة ابنتها ماسة لا يُنسى. تقول ذلك بضحكة خفيفة تخفي وراءها قلبًا مثقلاً، وتضيف: "كنت آمل أن تكبر ماسة بشخصية قوية، لكنها ضعيفة. تعاني الفتاة من سوء التغذية، وتزن ثمانية كيلوغرامات منذ خمسة أشهر".
رلى، التي نزحت من بلدة بيت لاهيا شمال غزة، ترعى مع زوجها محمد طفلتهما الصغيرة، التي ولدت بعد عناء للإنجاب استمر خمس سنوات.
حاليًا، تعيش العائلة في مخيم النصيرات للاجئين، محاطة بأثاث قليل بالكاد يلبي احتياجاتها الأساسية: بضعة صحون، كرسي بلاستيكي، سجادة، أريكة بسيطة، وأمل بأن تنتهي الحرب لتكتب بداية جديدة لماسة.
تشرح رلى عن صعوبة تربية الطفلة قائلة: "ماسة عاشت الحرب منذ اليوم الأول وحتى الآن. وبالتأكيد، عندما ترى طائرة حربية أو تسمع صوتها، تعرف أن هناك ضربة قادمة". وتضيف بأن هذه الأحداث ستبقى في ذاكرة ابنتها الصغيرة إلى الأبد.
علي الطويل
بعد ولادة عسيرة، تمكنت أمل الطويل من حمل ابنها علي لأول مرة في ذراعيها، كانت هذه اللحظة ثمرة محاولات ثلاث سنوات للإنجاب، لكنها وزوجها لم يكونا يعلمان أن علي سيولد في تاريخ لن يُنسى.
في خيمة داخل زقاق بأحد مدارس الأونروا، حيث الجدران تتلوّن بسواد القصف. تقول أمل: "علي يعيش في بيئة غير ممتعة من حيث الأمان والاستقرار والصحة والنظافة والطعام والتطعيمات التي حُرم منها. لقد حُرم من ألعابه".
وتشير إلى أن تجربتها مع الأمومة لم تكن كما كانت تتمناها، إذ كانت تتأمل أن يولد علي في واقع مختلف، بعيدًا عن خيام النزوح، في مكان تصل إليه أشعة الشمس بحرية، وشيء من الخصوصية.
يتجول علي بين القليل من ممتلكات أسرته، بينما تراقبه أمه بعين يقظة، وتختم قائلة: "أشعر باليأس لأنني لا أستطيع توفير كل شيء لابني. كنت أتخيل له حياة مختلفة لم يتمكن من العيش في بيته ولم يرَ غرفته. لم يستطع أن يشعر بماهية الحياة الأسرية الآمنة. هناك ضربات، ودمار، ونزوح دائم.. تحول حلمي يوم ولادته إلى كابوس".