بعد نجاحه في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة، يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه أمام مفارقة لافتة: تصاعد شعبيته على الساحة الخارجية مقابل جمود داخلي يعكس عمق التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه إدارته.
أحدث اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تحوّلًا ملحوظًا في نظرة الأمريكيين إلى الرئيس دونالد ترامب، بعد دوره المحوري في التوصل إلى اتفاق أنهى الحرب الإسرائيلية على القطاع، ولكن هذا النجاح، وفق استطلاع جديد لوكالة "أسوشيتد برس" ومركز NORC لأبحاث الشؤون العامة، لم ينعكس بعد على شعبيته في الداخل الأمريكي، حيث تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويطغى الإغلاق الحكومي المستمر على المشهد السياسي.
أُجري الاستطلاع بين 9 و13 تشرين الأول/أكتوبر، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار وقبل الإفراج عن الرهائن والأسرى في إسرائيل. وتُظهر نتائجه أن نحو 4 من كل 10 أمريكيين يرون أن ترامب يؤدي مهامه الرئاسية بشكل جيد، وهي نسبة ثابتة منذ أيلول/سبتمبر.
الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني
أظهر الاستطلاع ارتفاعًا في نسبة تأييد الأمريكيين لطريقة تعامل ترامب مع الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، إذ قال 47% إنهم يوافقون على أدائه في هذا الملف، مقارنة بـ37% في أيلول/سبتمبر. ويُعزى هذا التقدّم أساسًا إلى تحوّل جزء من الديمقراطيين نحو موقف أكثر إيجابية حيال سياساته الشرق أوسطية.
ولكن على الرغم من ذلك، تظل القضايا الداخلية في مقدمة أولويات الأمريكيين، فبحسب استطلاع سابق أجرته AP-NORC في تموز/يوليو، اعتبر تسعة من كل عشرة مواطنين أن الاقتصاد هو المسألة الأهم بالنسبة إليهم شخصيًا، مقابل أربعة فقط يرون أن الشرق الأوسط يحتل أهمية مماثلة.
ضعف الأداء في القضايا الداخلية
في الداخل، لا تزال شعبية ترامب تراوح مكانها، فبالرغم من أن الهجرة تمثّل إحدى أبرز قضاياه السياسية، 4 من كل 10 أمريكيين فقط يوافقون على أدائه في هذا الملف، وهي نسبة شبه مستقرة منذ أيلول/سبتمبر، وأقل مما كانت عليه عند تولّيه ولايته الثانية.
وفي ما يتعلق بالاقتصاد، الذي يشكّل الهاجس الرئيسي للمواطنين الأمريكيين، فلا تتجاوز نسبة التأييد ثلث المستطلعين، بينما يوافق نحو 3 من كل 10 فقط على أدائه في ملف الرعاية الصحية، الذي يُعد أحد أضعف نقاطه.
ومع الإغلاق الحكومي المستمر وتراجع خدمات المستشفيات والرعاية، يزداد الضغط الشعبي عليه، إذ يرفض تقريبًا جميع الديمقراطيين وثلث الجمهوريين طريقته في إدارة هذا الملف.
قلق متزايد من الاتجاه الذي تسير فيه البلاد
تأتي هذه التحديات بينما تستعد البلاد لموسم انتخابي جديد يشمل انتخابات حكّام ولايات مثل نيوجيرسي وفيرجينيا، وانتخابات بلدية في ولايات أخرى. ويخشى الجمهوريون أن تنعكس أرقام ترامب الضعيفة سلبًا على مرشحيهم، وسط استياء متزايد من الأوضاع العامة.
وقد أظهر الاستطلاع أن 7 من كل 10 أمريكيين يرون أن بلادهم تسير في الاتجاه الخاطئ، وهي نسبة أدنى قليلًا من تلك المسجّلة في أيلول/سبتمبر عقب اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك، حين رأى نحو 75% من الأمريكيين أن الوضع يسير في الاتجاه نفسه.
وتُظهر النتائج أن الجمهوريين باتوا أقل تشاؤمًا هذا الشهر، بينما بقيت مواقف الديمقراطيين والمستقلين على حالها تقريبًا.