بحسب تقرير لصحيفة معاريف، يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خطة لخفض العتبة الانتخابية وتشجيع إنشاء أحزاب يمينية صغيرة لتعزيز فرص معسكره قبل الانتخابات المقبلة.
كشف تقرير لصحيفة معاريف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يكتفي بخطاباته الانتخابية أو جولاته الميدانية استعداداً لعام الانتخابات، بل يعمل بهدوء على إعادة تشكيل المشهد السياسي وتعديل القواعد التي تحكمه.
ووفقاً للمراسلة السياسية في الصحيفة آنا براسكي، يقود الائتلاف الحاكم خطة متعددة المسارات تهدف إلى خفض العتبة الانتخابية وتشجيع ظهور أحزاب يمينية صغيرة جديدة، في خطوة يرى خصوم نتنياهو أنها محاولة لضمان بقاء هيمنته على الكنيست المقبل من خلال تفتيت صفوف المعارضة.
خريطة جديدة للأحزاب
وبحسب التقرير يتزامن هذا التحرك مع حراك سياسي مكثف لتأسيس أحزاب جديدة في إسرائيل، بعضها يحظى بدعم غير معلن من شخصيات مرتبطة بحزب الليكود، ما يوحي بأن نتنياهو يسعى إلى إعادة بناء المشهد الحزبي من القاعدةقبل فتح صناديق الاقتراع.
ومن بين التطورات اللافتة تسجيل حزب درزي جديد لدى مسجل الأحزاب تحت اسم "جماعة الإخوان من الدروز والإسرائيليين من أجل النهوض بالمصير المشترك"، يرأسه مجدي سرحان، نائب رئيس بلدية المغار.
ورغم الاسم غير المألوف، تشير تقديرات في الأوساط السياسية إلى أن الحزب الجديد مرتبط بشخصيات قريبة من الليكود أو من الدوائر المحيطة بنتنياهو. وتنقل براسكي عن محللين أن الهدف الحقيقي من تأسيسه هو تشتيت أصوات الطائفة الدرزية التي تميل جزئياً إلى أحزاب الوسط واليمين المعتدل مثل "إسرائيل بيتنا" و"أزرق أبيض".
الإحصاءات الانتخابية السابقة تُظهر أن "إسرائيل بيتنا" حصد نحو 15 ألف صوت درزي، ويُعد النائب حمد عمار أبرز ممثلي هذه الطائفة داخل الحزب.
مبادرة من داخل اليمين
في الوقت نفسه، تفيد براسكي في تقريرها أن العميد الاحتياط أمير أفيفي، مؤسس "الحركة الأمنية"، يفكر جدياً في تأسيس حزب جديد يمثل تيار اليمين الأمني غير الديني.
أفيفي، الذي شغل مناصب رفيعة في الجيش الإسرائيلي، يجري مشاورات مع شخصيات من اليمين والوسط اليميني لتشكيل حزب يستقطب الناخبين الذين خاب أملهم من الليكود دون أن يكونوا معارضين لنتنياهو بشكل جوهري.
ويؤكد مقربون منه أن المشروع يستهدف ملء الفراغ الذي خلفه تراجع أحزاب اليمين العلماني واستعادة الأصوات التي كانت موزعة سابقاً بين "إسرائيل بيتنا" و*"المعسكر الوطني"*.
لكن مراقبين في تل أبيب يحذرون من أن هذه المبادرة قد تضعف الكتلة اليمينية نفسها وتؤدي إلى انقسامات في يوم الاقتراع.
تعديل قانون الانتخابات
تقرير معاريف يشير أيضاً إلى أن الائتلاف الحاكم يناقش في الكواليس إمكانية تعديل قانون الانتخابات لخفض العتبة الحالية البالغة 3.25%.
وتبحث لجنة الدستور في الكنيست، برئاسة سيمحا روتمان عن حزب الصهيونية الدينية بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، سبل تمرير تعديل تشريعي يلقى قبولاً داخل صفوف الائتلاف والمعارضة.
وتُظهر استطلاعات الرأي أن الأحزاب اليمينية الصغيرة، ومنها الصهيونية الدينية، تواجه خطر عدم تجاوز العتبة الانتخابية. ويعتقد مؤيدو الخطة أن خفضها سيمنع "ضياع الأصوات" في معسكر اليمين، ويضمن لنتنياهو الحفاظ على أغلبيته في الكنيست المقبل.
أحد أعضاء لجنة الدستور نقل للصحيفة أن الهدف هو "تقليص خسارة الأصوات في معسكر اليمين"، موضحاً أن خفض العتبة سيتيح تمثيلاً أوسع للتيارات اليمينية الصغيرة دون الحاجة إلى تحالفات انتخابية قسرية.
انقسام داخل الائتلاف
لكن داخل الائتلاف الحاكم نفسه تظهر تحفظات واضحة. فقد أعرب أرييه درعي، زعيم حزب شاس، عن رفضه للفكرة، محذراً من أنها قد تشجع على ولادة أحزاب جديدة تستقطب ناخبي الأحزاب الدينية.
وأكد درعي أن "أي تغيير في قواعد اللعبة الانتخابية يجب أن يتم بحذر، لأن نتائجه قد تكون عكسية تماماً لما يريده الائتلاف".
ويرى محللون أن هذه المواقف تكشف توترات داخلية بين مكونات الائتلاف، خصوصاً بين الأحزاب الدينية التي تخشى تراجع نفوذها إذا ازداد عدد القوائم الصغيرة.
في المقابل، يصف مؤيدو خفض العتبة هذا التوجه بأنه إصلاح ديمقراطي يمنح فرص تمثيل أوسع للأقليات والمناطق الطرفية، بينما تعتبره المعارضة مناورة سياسية مغطاة بذرائع قانونية تهدف إلى ترسيخ قوة اليمين بقيادة نتنياهو.
تغييرات أوسع قيد الدراسة
اللجنة تبحث أيضاً إدخال تعديلات أوسع على النظام الانتخابي، تشمل اعتماد اقتراع يتيح للناخب اختيار الحزب والمرشح في ورقة واحدة، إضافة إلى مراجعة نظام تحالف الفوائض بين الأحزاب لتعديل آلية توزيع المقاعد الزائدة في الكنيست.
نحو إعادة رسم المشهد السياسي
يخلص التقرير إلى أن الائتلاف الحاكم يتحرك مبكراً لإعادة رسم قواعد اللعبة السياسية قبل بدء الحملة الانتخابية رسمياً. ويرى مراقبون أن خفض العتبة وظهور أحزاب جديدة قد يؤديان إلى تحول جوهري في ميزان القوى بين اليمين والوسط في إسرائيل، وربما يمنحان نتنياهو أفضلية حاسمة في الانتخابات المقبلة.