المحققون يدرسون الأدلة المتروكة من اللصوص لاستعادة جواهر التاج الفرنسي البالغ قيمتها 88 مليون يورو.
بعد خمسة أيام من السطو الجريء على جواهر التاج الفرنسي في متحف اللوفر، عبّرت المدعية العامة في باريس، لور بيكو، عن “أمل ضئيل” في استعادة المسروقات، مؤكدة في الوقت نفسه تفاؤلها بشأن تقدم التحقيق.
وتعمل السلطات الفرنسية على تحليل أكثر من 150 عينة من الحمض النووي وبصمات الأصابع وآثار أخرى تركها اللصوص على أدوات ومعدات السلامة المستعملة خلال السرقة.
وأشارت بيكو إلى أن النتائج الأولية قد توفّر خيوطاً جديدة إذا كان لدى الجناة سجلات جنائية سابقة.
ووفق التحقيقات، وصل أربعة لصوص إلى المتحف صباح الأحد في شاحنة مسروقة مزودة بسلم ومصعد بطول 30 متراً، حيث صعد اثنان منهم إلى قاعة أبولو في الطابق الأول، التي تضم جواهر التاج الفرنسي المتبقية، مرتدين سترات عاكسة لتشبه العمال. وكسروا نافذة غير مؤمّنة، واستخدموا قواطع لفتح صناديق العرض قبل الهروب على متن دراجات نارية يقودها زملاؤهم.
ورغم محاولة إحراق الشاحنة، فشل اللصوص وتركوا خلفهم خوذة وأدوات قطع وأغراض أخرى، يجري الآن تحليلها في مختبرات باريس والمناطق المجاورة.
كما ساعدت لقطات كاميرات المراقبة العامة والخاصة في تتبع مسارهم داخل العاصمة وضواحيها، وفق بيكو، التي رفضت كشف المزيد من التفاصيل.
ويشارك في التحقيق أكثر من 100 محقق، بينهم ضباط فرقة مكافحة الجريمة المنظمة وخبراء في الفنون المنهوبة والسلع الثقافية.
ولفتت بيكو إلى أن التحقيق يشمل جميع الاحتمالات، بما فيها احتمال وجود مساعدين داخل المتحف. وأكدت أن العملية تحمل "علامات التنظيم وهي التخطيط الدقيق والجرأة في التنفيذ ونوع المجوهرات المستهدفة وطريقة الهروب"، علماً أن اللصوص قضوا أقل من أربع دقائق داخل القاعة، وتمكنوا خلالها من سرقة ثمانية قطع أثرية من القرن التاسع عشر، منها عقد زمردة ومرصع بالألماس كان قد أهداه نابليون الأول لزوجته الثانية ماري لويز، وتاج مرصع بـ212 لؤلؤة وحوالي 2000 ماسة يعود للإمبراطورة يوجيني، زوجة نابليون الثالث.
وبحسب صحيفة لو باريسيان، عجز اللصوص في البداية عن فتح صناديق العرض، لكنهم تمكنوا لاحقاً من كسر فتحات صغيرة لسحب المجوهرات.
وكانت أنظمة الإنذار في المتحف تعمل بشكل طبيعي، حيث انطلق أول إنذار عند الساعة 9:34 صباحاً بعد تحطيم اللصوص للنافذة المطلة على رصيف فرانسوا ميتيران.
من جهتها، اعترفت مديرة اللوفر، لورانس دي كارز، بـ”فشل أمني فادح”، مشيرة إلى أن كاميرات المراقبة الخارجية لم تغطِّ نقطة دخول اللصوص، وأن بعضها قديم. وأوضحت أن البرنامج الأمني الجاري، بتكلفة 80 مليون يورو، يشمل حالياً توسيع المراقبة لتغطية كامل الموقع البالغ 37 هكتاراً.
وسرق اللصوص ثماني قطع ثمينة، من بينها قلادة مرصعة بالزمرد والماس أهدىها نابليون الأول لزوجته، الإمبراطورة ماري لويز، وإكليل كان ملكًا سابقًا للإمبراطورة أوجيني ويضم نحو ألفَي ماسة.
ويتمتع متحف اللوفر بتاريخ طويل من السرقات الشهيرة، أبرزها سرقة لوحة الموناليزا عام 1911 على يد مصمم ديكور إيطالي كان قد عمل في المتحف لفترة قصيرة. وتنكر فينتشنزو بيروجيا بزي عامل، وعندما غاب المراقبون، أزال اللوحة وغادر، قبل أن يُلقى القبض عليه لاحقًا وتُستعاد اللوحة.
كما شهد المتحف حادثة بارزة أخرى عام 1956، حين ألقى أحد الزوار حجرًا على لوحة الموناليزا، مما تسبب في تقشر طفيف للطلاء قرب المرفق الأيسر، لتُنقل اللوحة بعدها مباشرة خلف زجاج واقٍ لحمايتها.