علماء يرصدون رنين ثقوب سوداء بعد اندماجها عبر موجات الجاذبية، مؤكدين توقع ستيفن هوكينغ بزيادة مساحتها عقب التصادم.
بعد مرور عشر سنوات على أول رصد لموجات الجاذبية، تمكن العلماء من التقاط أوضح إشارة حتى الآن لتصادم ثقوب سوداء، مؤكّدين بذلك أحد أشهر توقعات الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينغ.
ورصد فريق دولي من العلماء ،باستخدام أجهزة LIGO المطوّرة، تصادم ثقبين أسودين على بعد أكثر من مليار سنة ضوئية، مما أدى إلى تموجات دقيقة في الزمكان يمكن معها "سماع" الثقوب السوداء وهي ترن مثل الأجراس الكونية. وتعتبر هذه الإشارة، المسماة GW250114، الأوضح حتى الآن منذ اكتشاف LIGO الأول لموجات الجاذبية في 14 سبتمبر 2015.
وقالت كاترينا شاتزيوانو، عضو فريق LIGO وأستاذة مساعدة في Caltech: "يمكننا سماع الإشارة بوضوح، وهذا يتيح لنا اختبار القوانين الأساسية للفيزياء".
نافذة جديدة لدراسة الكون
يمكن اكتشاف موجات الجاذبية للعلماء من مراقبة أحداث كونية لم يكن بالإمكان ملاحظتها عبر الضوء أو الجسيمات عالية الطاقة.
فحتى الآن، اعتمد الفلكيون على الأشعة السينية، الضوء المرئي، موجات الراديو، أو الأشعة الكونية لاستكشاف الكون. أما اليوم، فأصبح بالإمكان رصد تأثيرات الجاذبية مباشرة على نسيج الزمكان.
وأدى الإنجاز إلى فوز ثلاثة من مؤسسي LIGO بجائزة نوبل في الفيزياء عام 2017، وهم راينر فايس من MIT، وباريس باريش وكيب ثورن من Caltech.
اختبار نظرية مساحة الثقوب السوداء
تمكّن فريق LVK (LIGO، Virgo، KAGRA) من استخدام بيانات GW250114 لتقديم أفضل دليل رصدي على ما يُعرف بنظرية مساحة الثقب الأسود التي اقترحها هوكينغ عام 1971. وتنص النظرية على أن المساحة الكلية للثقوب السوداء لا يمكن أن تنقص عند اندماجها، بالرغم من فقدانها للطاقة على شكل موجات جاذبية وزيادة دوران الثقب الناتج.
ويشير التحليل إلى أن المساحة الإجمالية للثقوب قبل الاندماج كانت حوالي 240 ألف كيلومتر مربع، وزادت إلى 400 ألف كيلومتر مربع بعد التصادم، مؤكّدة صحة توقعات هوكينغ.
سماع الثقوب السوداء
مثلت مرحلة تحديد الرنين النهائي للثقب الناتج عن الاندماج المرحلة الأصعب من التحليل، حيث يهتز الثقب الأسود مثل جرس مضروب.
وتمكن الباحثون من التمييز بين نمطين مختلفين من الموجات، وهو ما لم يكن ممكنًا في الاكتشافات السابقة.
وتقول الدراسة: " لقد تمكنا من استخراج أنماط الموجات بشكل دقيق، مؤكّدين صحة النماذج النظرية لتطور الثقوب السوداء بعد الاندماج".
أسرار الثقوب السوداء
تعمل شبكة LVK حاليًا على مراقبة حوالي اندماج ثقب أسود كل ثلاثة أيام، وقد سجّلت حتى الآن أكثر من 300 اندماج، منها 230 خلال الحملة الحالية فقط.
كما ساهمت الشبكة في اكتشاف اندماجات غير متناظرة بين ثقب أسود ونجم نيوتروني، وأخف الثقوب السوداء، وأكثرها ضخامة، ما يفتح آفاقًا جديدة في دراسة الكون.
وتخطط فرق البحث لبناء أجهزة أكبر وأكثر حساسية مثل Einstein Telescope في أوروبا وCosmic Explorer في الولايات المتحدة، إضافة إلى المسبار الفضائي LISA، لتمكين العلماء من رصد أقدم اندماجات الثقوب السوداء وربما أصوات الكون الأولى بعد الانفجار الكبير.
وقال ماسيمو كاربينيلي، مدير المرصد الأوروبي للجاذبية: "إننا نعيش عصرًا مبهرا لأبحاث موجات الجاذبية، مع القدرة على استكشاف الكون المظلم الذي كان سابقًا بعيد المنال".