مع ساعات الفجر الأولى، تحوّل أحد مساجد الضفة الغربية إلى مسرح لاعتداء جديد نفذه مستوطنون إسرائيليون، حيث اشتعلت النيران داخله، وغطّت الكتابات العنصرية جدرانه، وسط تحذيرات متزايدة من مسؤولين دوليين إزاء اتساع نطاق الاعتداءات.
أضرم مستوطنون النار داخل مسجد الحاجة حميدة الواقع في بلدة دير استيا بمحافظة سلفيت شمالي الضفة الغربية المحتلة، ما أدى إلى احتراق أجزاء من المبنى، وتفحّم جدرانه، وتحطّم زجاجه، واحتراق نسخ من المصاحف وسجاد الصلاة.
وعلى الجدران السوداء بفعل الدخان، ترك المعتدون كتابات غرافيتي تضمنت عبارات استفزازية بينها "نحن لا نخاف، سننتقم مجددًا" و"واصلوا الإدانة"، إلى جانب شتائم بحق النبي محمد، وعبارة "لا أخاف من آفي بلوث"، في إشارة إلى قائد القيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، الذي أثار غضب المستوطنين بعد إدانته العلنية لتصاعد هجماتهم.
قال أحمد سلمان، إمام المسجد، إنّه فوجئ عند وصوله فجراً بباب المسجد مكسورًا والنار قد التهمت أجزاءً واسعة من الداخل، مضيفًا أن مجموعات من المستوطنين هي من نفذت الاعتداء.
وفي بيان صدر عن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، أكدت أن "عصابات من المستوطنين" هاجمت مسجد الحاجة حميدة في سلفيت شمال الضفة، معتبرة أنّ ما جرى "جريمة بشعة واعتداءً صارخًا على مشاعر المسلمين".
وأوضحت الوزارة أن الاعتداء أدى إلى إحراق أجزاء من المسجد وتلطيخه بكتابات عنصرية، مشيرة إلى أنّ هذه الانتهاكات تتزايد يوميًا ضمن سياسة ممنهجة تستهدف المقدسات الإسلامية وممتلكات الفلسطينيين.
فيما لم يصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا الوزراء في حكومته أي تعليق على تصاعد العنف، فيما حاول مسؤولون آخرون التقليل من خطورته من خلال وصفه بأنه أفعال ترتكبها "قلة من المتطرفين".
تحذيرات من تصاعد القلق
خلال مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن هناك "بعض القلق من احتمال امتداد ما يحدث في الضفة الغربية والتسبب بتأثير قد يقوّض ما نقوم به في غزة".
أما الفلسطينيون ومنظمات حقوقية فيرون أنّ العنف "واسع النطاق" وينفذه مستوطنون في مختلف مناطق الضفة، من دون أي محاسبة من الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
وقد تصاعدت هذه الاعتداءات بصورة حادّة منذ اندلاع الحرب على غزة قبل عامين، فيما توسّعت المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة رغم مخالِفتها للقانون الدولي.
وبحسب مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، سجّل شهر تشرين الأول/ أكتوبر أعلى عدد من هجمات المستوطنين في الضفة الغربية منذ بدء توثيقها عام 2006، إذ شن المستوطنون ما لا يقل عن 264 هجومًا في ذلك الشهر وحده.
ويؤكد هذا الرقم تزايد العنف بشكل غير مسبوق، في وقت تتوالى فيه تحذيرات المنظمات الدولية من تداعيات استمرار هذه الاعتداءات على الاستقرار في المنطقة.