قال ترامب: "نحاول إنهاء الحرب. بطريقة او بأخرى، علينا أن ننهي الحرب".
أعلن رئيس مجلس الأمن القومي الأوكراني رستم عمروف، السبت، أن كييف ستجري قريبا محادثات في سويسرا مع الولايات المتحدة لبحث خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب مع روسيا.
وقال عمروف في منشور على "فيسبوك": "في الأيام المقبلة، سنُطلق في سويسرا مشاورات بين كبار المسؤولين الأوكرانيين والأميركيين حيال المعايير المحتملة لاتفاق سلام مستقبلي".
وبالتوازي، وقّع الرئيس فولوديمير زيلينسكي السبت مرسوما يُشكّل الوفد الأوكراني المكلّف بالمحادثات مع واشنطن وموسكو.
ويصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يرافقه الموفد الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، الأحد، الى جنيف لمناقشة خطة دونالد ترامب مع الأوكرانيين، وفق ما أكد مسؤول أميركي لوكالة "فرانس برس".
واوضح المسؤول أيضا أن وزير الجيش الأميركي دانيال دريسكول الذي استقبله زيلينسكي في كييف الخميس، وصل السبت الى المدينة السويسرية.
"علينا أن ننهي الحرب"
أكد ترامب أن خطته لإنهاء الحرب في أوكرانيا ليست عرضا نهائيا، مبديا أمله في أن يتوقف القتال "بطريقة او بأخرى".
وسأل صحافيون ترامب عن خطته التي تتضمن تنازلات ينبغي أن تقدمها أوكرانيا لروسيا وما إذا كانت عرضه النهائي لكييف، فأجاب "كلا".
واضاف "نحاول إنهاء الحرب. بطريقة او بأخرى، علينا أن ننهي الحرب".
اجتماع للدول الداعمة لأوكرانيا
من جانبه، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الدول الـ30 الأعضاء في "تحالف الراغبين" الداعم لكييف ستعقد اجتماعا عبر الفيديو الثلاثاء، يلي المحادثات التي ستشهدها جنيف حول الخطة الأميركية للسلام في أوكرانيا.
وقال ماكرون للصحافيين على هامش قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ: "سنعقد اجتماعا بعد ظهر الثلاثاء للتنسيق في ما بيننا حول هذا الأمر، ولنرى التقدم الذي سيتم إحرازه خلال مفاوضات الأيام المقبلة في جنيف".
خطوة إلى الوراء
أثارت مسودة خطة ترامب للسلام في أوكرانيا، المؤلفة من 28 نقطة والمسرّبة على نطاق واسع، اهتماما كبيرا بين المراقبين والدبلوماسيين، إذ اعتبرها البعض بمثابة منح روسيا "كل ما تريده تقريبًا"، مستغلة "ضعف أوكرانيا العسكري والسياسي في الوقت الحالي".
ووصف تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الخطة بأنها خطوة إلى الوراء بالنسبة لكييف، مؤكدًا أن إعدادها تم بمشاركة الروس، الذين سعوا لإعطاء الانطباع بـ "التزامهم بالسلام".
وتعكس هذه التقييمات، بحسب التحليل، المواقف التي تبنّتها موسكو خلال محادثات إسطنبول عام 2022، حين كانت قواتها تسيطر على مناطق واسعة في أوكرانيا، قبل أن تتراجع تدريجيًا نتيجة الضغوط العسكرية التي واجهتها خلال السنوات الأخيرة.
التوقيت الحاسم للخطة
يشير التحليل إلى أن توقيت طرح الخطة ليس مصادفة، إذ يبدو أن روسيا في أفضل وضع لها منذ نحو عام. فالقوات الروسية على مشارف السيطرة على مدينة بوكروفسك الشرقية، وهي مركز عسكري استراتيجي، كما أحرزت تقدّمًا في منطقة زابوريجيا، ما يمنحها موضع قوة يسمح بالتقدم السريع.
وفي المقابل، تواجه أوكرانيا صعوبات في التجنيد والخدمة العسكرية، إضافة إلى تآكل ميزتها في الطائرات المسيرة، وتراجع شعبية الرئيس فولوديمير زيلينسكي. وتسعى موسكو لاستغلال هذا الضعف السياسي والعسكري للضغط على زيلينسكي لقبول شروطها، مستندة إلى تجربة سابقة في تقديم مطالب صارمة رفضتها أوكرانيا وحلفاؤها مرارًا.
وتشمل النقاط الرئيسية في الخطة: حياد أوكرانيا، رفض عضويتها في الناتو، والحد من حجم قواتها المسلحة، وهي مطالب سبق أن طرحت في وثيقة إسطنبول 2022، واعتُبرت شروط استسلام محتملة لأوكرانيا.
كما تتضمن الخطة استخدام الأموال الروسية المجمدة البالغة 100 مليار دولار لإعادة إعمار أوكرانيا، وهو ما يبدو تنازلًا روسيًا في الظاهر، وفق التحليل، لكنه عمليًا يمنح موسكو السيطرة على إعادة الإعمار وفق شروطها، مع اقتراح تحويل نصف الأرباح إلى الولايات المتحدة ورفع العقوبات الدولية عن روسيا، وهو "ما يمثل مكافأة مالية ضخمة للكرملين".
النقاط الخفية في الخطة
يشير التحليل إلى ثلاثة جوانب خفية في المسودة:
- الانتخابات المبكرة بعد 100 يوم: موعد صعب التنفيذ تقنيًا، قد يؤدي إلى حكومة ضعيفة الشرعية، مع مساحة واسعة للتلاعب الروسي.
- تحويل أجزاء من دونباس الشرقية إلى مناطق منزوعة السلاح: ما يعني عمليًا تسليمها جزئيًا لروسيا، مع إمكانية استغلال "الميليشيات الشعبية" للتسلل وإعلان سلطات موالية لموسكو.
- الضمانات الأمنية والغموض في العقوبات: الخطة تنص على أن أي صاروخ يُطلق على موسكو أو سانت بطرسبرغ دون سبب يُعتبر انتهاكًا، مع ترك تفسير "السبب" لروسيا، وتشمل البنود تكرار ادعاءات موسكو حول "النازية" في الحكومة الأوكرانية.
ويخلص التحليل إلى أن أي خطأ في الخطة لا يكمن في توقيتها أو عنادها، بل في تقديم موسكو معظم مطالبها الصارمة كنقطة انطلاق.
مهلة ترامب وضغوط على كييف
في سياق مواز، وضع الرئيس الأمريكي زيلينسكي أمام مهلة حتى يوم الخميس للموافقة على الصفقة.
وقال ترامب من المكتب البيضاوي بعد لقاء مع زهران ممداني، عمدة نيويورك المنتخب: "أوكرانيا ستضطر في مرحلة ما إلى قبول شيء ما.. نعتقد أننا وجدنا طريقًا للسلام، وسيضطر زيلينسكي إلى الموافقة.. كنت أعتقد أنه كان يجب أن يبرم صفقة منذ عام أو عامين".
وعند سؤاله عن شعور زيلينسكي بفقدان "الكرامة"، رد ترامب: "إذا لم يعجبه، فعليهم الاستمرار في القتال".
من جانبه، بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متقبلًا للصفقة، مؤكدًا: "أعتقد أنه يمكن استخدامها كأساس لتسوية سلمية نهائية"، بعد مفاوضات سرية الشهر الماضي بين ممثلين أمريكيين وروس في ميامي.
أما زيلينسكي، فأكد في خطاب رسمي من كييف أن أوكرانيا تواجه "خيارًا شديد الصعوبة" بين قبول شروط الصفقة أو المخاطرة بفقدان شريك رئيسي، مضيفًا: "أعلم يقينًا أننا في واحدة من أصعب اللحظات في تاريخنا، ونحن متحدون".