تشهد بلدة سبسطية في شمال الضفة الغربية توترًا متصاعدًا بعد سلسلة قرارات إسرائيلية تهدف للاستيلاء على مساحات واسعة من أراضيها وموقعها الأثري العريق، ما فتح الباب أمام موجة إدانات وتحذيرات من تبعات تهدد التراث الثقافي الفلسطيني.
أعلنت منظمة "عيمك شفيه" الإسرائيلية، المتخصصة في حماية التراث الثقافي، إدانتها قرار مصادرة ما يقرب من 500 فدان من الأراضي الفلسطينية قرب الموقع الأثري القديم في سبسطية. وأوضحت في بيان أن السكان أفادوا بأن هذه المصادرة ستقيد وصولهم إلى أراضيهم الزراعية، وقد تؤدي إلى خسارة نحو ثلاثة آلاف شجرة زيتون، بعضها يعود لقرون.
جاء القرار بعد إشعار نشرته الإدارة المدنية الإسرائيلية (كوغات) في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر، أعلنت فيه نيتها مصادرة عدة قطع أراضٍ تعود بمعظمها لسكان سبسطية، تحت عنوان "حفظ الموقع وتطويره".
ويقع الموقع داخل المنطقة ج التي تضم نحو 66 في المئة من الضفة الغربية، وتخضع بالكامل للإدارة الإسرائيلية وفق اتفاقات أوسلو. أما القرية الفلسطينية المجاورة فطورت على مدى سنوات قطاعًا سياحيًا مرتبطًا بالموقع، بات اليوم مهددًا بخطط تتضمن إنشاء طريق إسرائيلي منفصل، وسياج يحيط بالمكان، ورسم دخول.
السياق الأثري والتصعيد المرتبط بالموقع
يُعدّ الموقع من أهم المعالم الأثرية التي تعود إلى العصر الحديدي، وتزايد اهتمام إسرائيل به منذ عام 2023، بدءًا بخطة تطوير تخص الموقع نفسه ثم الاستيلاء على قمة التل التي تُشكّل أساسه.
وقد كشفت صحيفة "هآرتس" أن أمر المصادرة يشمل 1800 دونم، ما يجعله الإجراء الأكبر في الضفة منذ مصادرة 286 دونمًا في موقع سوسيا عام 1985، حيث طُرد السكان ومنعوا من الوصول إلى الموقع.
وتشير الصحيفة إلى أن وزارة التراث خصصت في أيار/مايو 2023 مبلغ 30 مليون شيكل لأعمال الحفريات والتطوير، بما في ذلك طريق التفافي لا يمر بالقرية الفلسطينية.
تحرك فلسطيني لمواجهة القرار الإسرائيلي
أعلن وزير السياحة والآثار الفلسطيني ،هاني الحايك، بدء إعداد ملف لترشيح سبسطية على لائحة التراث العالمي لليونسكو، خلال زيارة تفقدية للبلدة برفقة محافظ نابلس غسان دغلس. وأكد الحايك أن الموقع يُعدّ شاهدًا حيًا على الحضارات المتعاقبة، وأن المساس به يمسّ الإرث الإنساني العالمي.
وشدد على أن الوزارة ستتابع هذا "التطور الخطير" عبر خطوات قانونية ودبلوماسية لحماية الموروث الثقافي من الضم والنهب والتهويد، بالتعاون مع المجتمع المحلي والمؤسسات الوطنية.
من جانبه، أكد دغلس ضرورة توحيد الجهود لحماية البلدة وموقعها الأثري وتعزيز صمود سكانها، فيما شدد رئيس البلدية محمد عازم على أن الزيارة تعكس وحدة الموقف في رفض قرارات إسرائيل التي تسعى لسلب الأرض والمواقع الأثرية.
وتأتي هذه الخطوات الإسرائيلية في ظل استمرار اعتداءات الجيش والمستوطنين في الضفة الغربية، فيما تستمر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في حصد أرواح الفلسطينيين رغم دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ.