قالت السلطات إنها انتشلت 108 جثث من المباني، بينما لا تزال 16 جثة أخرى داخلها لم تُنقل بعد، وتوفي أربعة أشخاص متأثرين بإصاباتهم في المستشفى، فيما بلغ عدد المصابين 79 شخصاً، بينهم 11 رجل إطفاء.
ارتفعت حصيلة ضحايا الحريق الهائل الذي اجتاح مجمّعاً سكنياً مكوّناً من ثمانية أبراج في هونغ كونغ إلى 128 قتيلاً، فيما لا يزال نحو 200 شخص في عداد المفقودين، وفق ما أعلنته السلطات بعد انتهاء عمليات الإنقاذ، في واحدة من أكثر الكوارث دموية في تاريخ المدينة.
وكانت فرق الإطفاء قد واصلت، حتى صباح الجمعة، تمشيط الأبراج السكنية في محاولة للعثور على ناجين بعد أن امتدت النيران إلى سبعة من الأبراج الثمانية.
قالت السلطات إنها انتشلت 108 جثث من المباني، بينما لا تزال 16 جثة أخرى داخلها لم تُنقل بعد، وتوفي أربعة أشخاص متأثرين بإصاباتهم في المستشفى، فيما بلغ عدد المصابين 79 شخصاً، بينهم 11 رجل إطفاء.
ولا يزال نحو 200 شخص مجهولي المصير، من بينهم 89 جثة مجهولة الهوية.
غياب أنظمة الإنذار من الحريق
وفي تأكيد لصدى الشكاوى التي ترددت بين السكان منذ اندلاع الكارثة، أعلن رئيس خدمات الإطفاء، آندي يونغ، أن أجهزة الإنذار لم تعمل في أي من الأبراج الثمانية، وقال: "سنتخذ إجراءات قانونية ضد المقاولين المسؤولين".
وأشار يونغ إلى أن التحقيقات ستستغرق ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع بسبب ارتفاع درجات الحرارة في بعض أجزاء المبنى التي تجاوزت 200 درجة مئوية.
أجواء حزن وقلق في مركز التعرف على الضحايا
ازدادت أعداد العائلات الوافدة إلى مركز مجتمع كوانغ فوك، القريب من مجمع وانغ فوك كورت، للتعرّف على الجثث التي تُنتشل تباعاً من المباني المتفحمة.
ولم تُعلن السلطات سوى أسماء محدودة من الضحايا، فيما رفض وزير الأمن كريس تانغ الكشف عن تفاصيل ديموغرافية للمفقودين.
إحدى العائلات، ممثلة برجل يُدعى "السيد لاو"، قالت إن والديه لا يزالان مفقودين، لكنه يرجح وفاتهما. وأضاف وهو يبكي: "أريد فقط أن أعرف إذا كانا على قيد الحياة أم لا. إذا رحلا، أريد فقط أن أعلم كي لا أبقى قلقاً".
حريق يمتد بسرعة وسط ظروف معقدة
بدأ الحريق بعد ظهر الأربعاء وانتشر بسرعة عبر أبراج مجمّع وانغ فوك كورت الذي يضم أكثر من 4,600 ساكن. وكان المجمّع يخضع لعمليات ترميم، ومغطى بسقالات من الخيزران وشبك أخضر.
ورغم تأكيد وزير الأمن أن الشبك الأخضر متوافق مع معايير السلامة، إلا أن السلطات اكتشفت وجود ستايروفوم "مادة تستخدم لعزل المباني" شديد الاشتعال في نوافذ المصاعد، ما أسهم بشكل كبير في زيادة قوة الحريق وانتشاره داخل المبنى.
وقال تانغ إن النيران بدأت من البرج المعروف باسم "وانغ تشيونغ"، حيث اشتعلت الشبكة الخارجية أولاً، ثم الستايروفوم، قبل أن تتسلل إلى الداخل. وتسببت الحرارة المرتفعة في تحطيم النوافذ، ما سمح للنيران بالانتقال من وحدة لأخرى، خاصة مع الرياح القوية وتساقط الحطام المشتعل من السقالات.
بدورها أعلنت وزارة العمل أن المقاول المسؤول عن أعمال الترميم تلقى تحذيرات مكتوبة عدة مرات بضرورة تحسين إجراءات السلامة، بعد أن كشفت عمليات التفتيش في العام الماضي عن ممارسات غير آمنة. وكان آخر تفتيش بتاريخ 20 نوفمبر.
ورغم ذلك، اعتبرت الوزارة أن مخاطر الحريق كانت منخفضة نسبيًا، وأن السقالات بدت مطابقة لمعايير مقاومة الاشتعال.
ضحايا من العمالة الأجنبية بين المفقودين
ووصل القنصل العام الإندونيسي، يول إيديسون، للمساعدة في التعرف على الضحايا، مؤكداً وجود قتيل إندونيسي واحد على الأقل.
وقالت منظمة "مهمة العمال المهاجرين" إن 11 عاملة منزلية إندونيسية ما زلن مفقودات من بين 119 يعشن في المجمع.
أما القنصلية الفلبينية فأعلنت أن عاملة منزلية فلبينية لا تزال مفقودة، وأخرى مصابة، بينما تم التأكد من سلامة 24 أخريات.
تطبيق يوثق المفقودين وحالات الوفاة
ساهم تطبيق إلكتروني جماعي في توثيق بيانات السكان، حيث جمع بلاغات من الأهالي حول الشقق المتضررة، بما في ذلك تحديد مصير قاطنيها.
من بين البلاغات:
– رجل يبلغ 41 عاماً أرسل رسالته الأخيرة بأنه محاصر بين الطابقين 25 و26.
– تأكيد وفاة ثلاثة أشخاص بينهم تسعينية ورجل ستيني وعامل هندي كانوا في شقة واحدة بالطابق 11.
– الإبلاغ عن وفاة أربعة آخرين في شقة بالطابق 19.
تحقيقات واعتقالات... وضغوط لتشديد القوانين
تجري الشرطة وهيئة مكافحة الفساد تحقيقات معمقة لكشف ملابسات اندلاع الحريق، وتم توقيف ثلاثة أشخاص من شركة كانت تعمل في ترميم المجمع.
وأثارت الكارثة موجة مطالبات بتشديد قوانين السلامة في قطاع البناء. وقال لي كوانغ-سينغ، رئيس معهد ممارسي السلامة في هونغ كونغ: "لا يوجد قانون يُلزم باستخدام مواد مقاومة للاشتعال. التعليمات الموجودة حالياً غير ملزمة، وهذا ما يجعل الكثيرين لا يلتزمون بها. تحويلها إلى متطلبات قانونية إلزامية سيغيّر المشهد بالكامل".