يستغل المجلس تقدمه العسكري للمطالبة بإعادة اليمن إلى دولتين، شمالية وجنوبية، كما كان الوضع قبل عام 1990.
تتجمع نحو 20 ألف قوة مدعومة من السعودية على الحدود اليمنية، وسط ضغوط متزايدة على المجلس الانتقالي الجنوبي للانسحاب من المكاسب الإقليمية الكبيرة التي حققها خلال الشهر الماضي في محافظة حضرموت الغنية بالنفط في شرق اليمن.
ويستغل المجلس تقدمه العسكري للمطالبة بإعادة اليمن إلى دولتين، شمالية وجنوبية، كما كان الوضع قبل عام 1990. وأفادت مصادر أن المجلس، المدعوم من الإمارات، تلقى تحذيراً من إمكانية شن ضربات جوية مباشرة من القوات السعودية، وهو ما قد يهدد مواقع المجلس الرئيسة. وتتجمع القوات، ومعظمها من ميليشيا "الدرع الوطني" الممولة سعودياً، في منطقتي الودية والعبر القريبتين قرب الحدود السعودية.
أكد المجلس أنه يحظى بدعم الإمارات، مما يرفع من احتمالية اندلاع صدامات مستقبلية بين القوات الموالية لكل من السعودية والإمارات على الأراضي اليمنية.
تحذيرات أممية من توسع الصراع
حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن استئناف القتال على نطاق واسع في اليمن قد يترك تأثيرات على البحر الأحمر وخليج عدن وقرن إفريقيا. ودعا جميع الأطراف، بما فيها الجهات الخارجية، إلى تفادي الإجراءات الأحادية التي "لا تمهد طريقاً للسلام، بل تعمّق الانقسامات وتزيد من مخاطر التصعيد وتؤدي إلى مزيد من التفكك".
وأشار غوتيريش إلى أن السيادة اليمنية ووحدة أراضيها يجب الحفاظ عليها، موضحاً أن نحو 5 ملايين يمني اضطروا للنزوح بسبب الحرب الطويلة بين الحوثيين في الشمال والقوات الجنوبية المتفككة حالياً.
تمسك المجلس الانتقالي بمواقعه العسكرية
أوضح المجلس، خلال محادثات في عدن، أنه لن يلتزم بالطلب السعودي بسحب قواته، التي دخلت حضرموت قبل أسبوعين وتوسعت إلى محافظة المهرة على الحدود مع عمان، كما أرسل قوات إلى محافظة أبين لتعزيز سيطرته.
وأثار التقدم المفاجئ للمجلس الانتقالي صدمة في الرياض، التي كانت اللاعب الأساسي في اليمن سابقاً. وتدعو المملكة المتحدة ومعظم المجتمع الدولي إلى بقاء اليمن دولة واحدة، وهو ما يتطلب اتفاق الحوثيين في الشمال لتقاسم السلطة مع الجنوب ضمن حكومة اتحادية. يقترح المجلس أن الجنوب المستقل يمكن أن يكون حاجزاً ضد الإرهاب ويؤمن خطوط الملاحة في البحر الأحمر من تهديدات الحوثيين والقاعدة.
تحديات سياسية للمجلس الانتقالي
ليست جميع القوى الجنوبية داعمة لانفصال اليمن، والمجلس سيحتاج لمحاولة تشكيل حكومة متماسكة. وعلق الباحث فارع المسلمي من مركز تشاثام هاوس قائلاً: "السعودية حاولت الصبر الاستراتيجي، لكن هذا لن يدوم طويلاً. اليمن بلد فقير ومليء بالمقاتلين الشباب والقوى بالوكالة، وكلا الطرفين يضع كل أوراقه على الطاولة." وأضاف: "الانتصارات الأخيرة محرجة للسعودية لأنها تجري على حدودها وليس على حدود الإمارات."
السيطرة على المحافظات الجنوبية
مع السيطرة على محافظتي حضرموت وأبين، يمكن للمجلس الانتقالي القول إنه يسيطر على كامل أراضي الدولة الجنوبية السابقة. حضرموت تمثل 36٪ من مساحة اليمن، وتضم أكبر احتياطيات النفط وموانئ رئيسية مثل المكلا والشحر ومنصة النفط في الضبة.
بدوره حزب الإصلاح، أكبر حزب سياسي في اليمن والمعارض لانفصال الجنوب، حذر من أن الدعوات للانسحاب قد تصبح ساحقة قريباً. وقال عبد الرزاق الهجري، الأمين العام بالإنابة للحزب: "ما حدث في حضرموت خطر ويضر بالمؤسسات الشرعية للدولة. قوات غير منتظمة غزت محافظات مستقرة وأدخلت الفوضى."
وأشار إلى أن حضرموت لها تاريخ طويل من الاستقلال، وأن جميع الزعماء السياسيين والقبليين البارزين في المحافظة يُطالبون برحيل المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأضاف الهجري أن هناك تقارير واسعة عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل المجلس، بما في ذلك سرقة الممتلكات وعمليات اعتقال جماعية، مؤكداً أن السعودية مصممة على عودة القوات إلى مناطقها، وأن الانقسامات ستصب في صالح الحوثيين.
كما أكد أن الحوثيين "لا يعتبرون اليمنيين شعباً، بل يرونهم عبيداً تحت سيطرتهم"، وأن حزب الإصلاح مستقل ومدني ولا علاقة له بجماعة الإخوان المسلمين، خلافاً لما تدعيه الإمارات.
ومنذ 2022، كان المجلس الانتقالي يشارك السلطة بصعوبة ضمن مجلس رئاسي سعودي يشمل مجموعة من الأطراف بما في ذلك حزب الإصلاح.