استثمار بمليارات الشواكل.. إنفيديا تختار شمال إسرائيل لبناء مجمع تكنولوجي جديد

أعلنت شركة إنفيديا (NVIDIA)، الأعلى قيمة سوقية في العالم، عن خطط لإنشاء حرم تكنولوجي ضخم في شمال إسرائيل، في مشروع يُتوقع أن يُحدث تحولاً جذرياً في سوق العمل والتنمية الاقتصادية والبنية التحتية لإسرائيل، ويستوعب أكثر من 10 آلاف موظف خلال السنوات المقبلة.

ووفق الإعلان الرسمي الصادر يوم الخميس، فإن الحرم الجديد سيُقام في مدينة كريات تيفون باستثمار يُقدَّر بعدة مليارات من الشواكل، على أن تبدأ أعمال البناء في عام 2027، فيما يُنتظر بدء الإشغال الأولي للموقع بحلول عام 2031.

تصميم مستوحى من مقر وادي السيليكون

وسيُقام المشروع على مساحة تقارب 22 فداناً، مع نحو 160 ألف متر مربع من المساحات المبنية، بإشراف فريق إنفيديا المعماري الدولي، مستلهماً تصميمه من المقر الرئيسي للشركة في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا.

وسيشمل الحرم مساحات خضراء، ومركزاً للزوار، ومقاهي ومطاعم، إلى جانب مختبرات ومناطق عمل تعاونية تهدف إلى تعزيز الابتكار والتكامل مع الشركات الناشئة وشركاء التكنولوجيا.

وتُعد إسرائيل حالياً أكبر مركز تطوير لشركة إنفيديا خارج الولايات المتحدة، وأحد أبرز قواعدها التشغيلية عالمياً.

ومن المتوقع أن يكون الحرم الجديد ثاني أكبر منشآت الشركة بعد مقرها في وادي السيليكون، بطاقة استيعابية تتجاوز 10 آلاف موظف، ما يعادل نحو ضعف عدد العاملين الحاليين للشركة في إسرائيل، ونحو ثلث قوتها العاملة العالمية المنتشرة في 38 دولة.

موقع استراتيجي بعد منافسة واسعة

وجرى اختيار الموقع الواقع غرب كريات تيفون، عقب منافسة شاركت فيها عشرات السلطات المحلية في شمال إسرائيل، من بينها حيفا، يوكنعام، مجدال هعيمك، العفولة، حريش، وحتى نتانيا، التي سعت جميعها لاستضافة المشروع.

وستحصل إنفيديا على الأرض المخصصة للمشروع بخصم يبلغ 51% من قيمتها السوقية، التي تُقدَّر بعشرات ملايين الشواكل، كما حصلت الصفقة على الموافقات القانونية اللازمة من وزارتي الدفاع والخارجية، ومن المتوقع أن تدفع الشركة نحو 90 مليون شيكل مقابل جزء من الأرض، دون احتساب ضريبة القيمة المضافة وتكاليف التطوير.

إنفيديا وريادة الذكاء الاصطناعي

وبرزت إنفيديا عالمياً كأحد أعمدة ثورة الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة، بفضل وحدات معالجة الرسوميات (GPU) التي تتميز بقدراتها العالية على الحوسبة المتوازية، ما جعلها الخيار الأساسي لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

وتعود انطلاقة إنفيديا القوية في إسرائيل إلى استحواذها على شركة ميلانوكس تكنولوجيز" Mellanox Technologies " عام 2019، والتي أسهمت في تطوير تقنيات الربط عالي السرعة بين المعالجات في مراكز البيانات.

ومنذ ذلك الحين، استحوذت الشركة على ثلاث شركات ناشئة إسرائيلية إضافية، فيما تتوزع مراكزها الحالية بين تل حاي، يوكنعام، رعنانا، تل أبيب، وبئر السبع.

أبحاث متقدمة وحواسيب فائقة

ويضم مركز التطوير الإسرائيلي فرقاً متخصصة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، بقيادة البروفيسور غال تشيتشيك، إلى جانب فرق تعمل في مجالات الروبوتات، والمركبات ذاتية القيادة، والأمن السيبراني، وتحسين أداء الألعاب.

كما تشغّل إنفيديا في يوكنعام أول حاسوب فائق لها في إسرائيل، المعروف باسم "إسرائيل-1".

وبالتوازي مع مشروع الحرم الجديد، أفادت تقارير صحفية بأن إنفيديا تعتزم إنشاء أحد أكبر مراكز البيانات في إسرائيل والشرق الأوسط، على مساحة تقارب 30 ألف متر مربع في المنطقة الصناعية مفو كرمل قرب يوكنعام.

وسيشمل المركز حاسوباً فائقاً أكثر تطوراً من "إسرائيل-1"، وسيُخصص حصرياً لأبحاث الشركة، بما في ذلك تطوير نماذج اللغة الضخمة ومشاريع الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

ومن المتوقع أن يُحوّل المشروع المنطقة إلى قطب تكنولوجي رئيسي، ما سيؤدي إلى خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، واستقطاب مئات الشركات الداعمة، فضلًا عن إحداث نقلة نوعية في قطاعات الإسكان والخدمات والبنية التحتية.

هوانغ: التزام عميق بإسرائيل ومواهبها

وأكد الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة إنفيديا،جنسن هووانغ، أن إسرائيل تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الشركة العالمية، قائلاً: "تُعد إسرائيل موطناً لبعض ألمع العقول التكنولوجية في العالم، وقد أصبحت الوطن الثاني لإنفيديا. حرمنا الجديد سيكون مساحة للتعاون والابتكار وبناء مستقبل الذكاء الاصطناعي، ويعكس التزامنا العميق والدائم بعائلاتنا وفرقنا في إسرائيل".

من جانبه، وصف رئيس المجلس المحلي في كريات تيفون، عيدو غرينبلوم، المشروع بأنه "تحول للمدينة ولشمال البلاد بأكمله"، مؤكداً ثقته بأن اختيار إنفيديا للمنطقة سيُثبت صوابه، ومشيداً بثقة الشركة في الإمكانات المحلية.