Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

من دارفور إلى كردفان.. مخاوف من فصل دموي جديد في الحرب السودانية

نساء نازحات من مدينة الفاشر يقفن في طابور لتلقي مساعدات غذائية بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025.
نساء نازحات من مدينة الفاشر يقفن في طابور لتلقي مساعدات غذائية بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025. حقوق النشر  Marwan Ali/AP
حقوق النشر Marwan Ali/AP
بقلم: يورونيوز
نشرت في
شارك محادثة
شارك Close Button

في خضم الحرب المتواصلة في السودان، يبرز إقليم كردفان كإحدى أكثر الساحات هشاشة وخطورة، وسط تحذيرات دولية متزايدة من سيناريو دموي يستحضر ما شهدته دارفور، بينما تتجه الأنظار إلى مدينة كادوقلي الغارقة في المجاعة والخوف.

أشار تقرير لصحيفة "تايمز" البريطانية إلى أن جنوب كردفان بات اليوم في مرمى قوات شبه عسكرية ارتفعت معنوياتها عقب تحقيق انتصار اعتُبر نقطة تحوّل في مسار الحرب الأهلية. ولفت التقرير إلى أن قوات الدعم السريع تتقدم شرقًا وجنوبًا عبر كردفان الكبرى، في مسعى لربط معقلها في دارفور بالعاصمة الخرطوم الخاضعة لسيطرة الجيش، ما يضع الإقليم بأكمله في قلب المواجهة العسكرية.

كادوقلي بين المجاعة والنار

تعيش كادوقلي واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية ضراوة، إذ أعلنت الأمم المتحدة المجاعة في المدينة بحلول سبتمبر، في وقت حذّر فيه المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن التاريخ "يعيد نفسه" في كردفان، بعد الفظائع الجماعية التي شهدتها مدينة الفاشر بإقليم دارفور، والتي تخضع لتحقيقات بشأن احتمال وقوع إبادة جماعية.

بحسب التقرير، يُحاصر المدنيون في كادوقلي بين أكثر من جبهة. فمن جهة، تقترب فصائل مسلحة متحالفة مع قوات الدعم السريع من المدينة انطلاقًا من المرتفعات المحيطة بها، ومن جهة أخرى تتمركز قوات الدعم السريع نفسها على أطراف المدينة، فيما لا يزال الجيش يسيطر عليها حتى الآن. هذا الواقع يضع السكان في مرمى نيران متبادلة، وسط قصف متواصل ومعاناة حادة من الجوع ونقص الدواء.

وينقل سكان من المدينة لـ"تايمز" شهادات عن تطويقها فعليًا. يقول أحدهم إن مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان "يمكن رؤيتهم بوضوح بالعين المجردة على قمم الجبال، مع مدفعيتهم الثقيلة"، موضحًا أن هذا الفصيل أغلق طريق الوصول الرئيسي إلى كادوقلي طوال الأشهر الثمانية عشر الماضية. أما الغذاء والأدوية التي تُهرّب إلى الداخل، فتُباع بأسعار تفوق قدرة معظم العائلات.

عائلات سودانية نازحة من الفاشر تمدّ أيديها لتلقي مساعدات غذائية، بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025.
عائلات سودانية نازحة من الفاشر تمدّ أيديها لتلقي مساعدات غذائية، بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025. Marwan Ali/AP

شبح الفاشر يخيّم على كردفان

وفق تقرير الصحيفة البريطانية، يُلقي ما شهدته الفاشر بظلاله الثقيلة على المخاوف المتصاعدة في كردفان. ففي أكتوبر، اجتاحت قوات الدعم السريع المدينة في دارفور، ونفذت إعدامات جماعية واغتصابًا منهجيًا، قبل أن تعمل على إخفاء أدلة جرائم الحرب. وأظهرت صور الأقمار الصناعية مواقع تحمل سمات تتوافق مع عمليات إعدام ميداني والتخلص الجماعي من الجثث.

وخلص تحليل أجراه مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل، إلى أن عمليات قتل واسعة النطاق ومنهجية قد وقعت في الفاشر، مرجّحًا أن تصل حصيلة القتلى إلى عشرات الآلاف، في وقت ظل فيه الناجون محاصرين داخل المدينة مع انقطاع الاتصالات ومنع الوصول إليها.

هذه الوقائع تغذّي تحذيرات أممية من احتمال تكرار السيناريو نفسه في كردفان، خصوصًا مع التقدّم العسكري لقوات الدعم السريع في الإقليم.

أطفال نازحون من الفاشر يلعبون على التراب، بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025.
أطفال نازحون من الفاشر يلعبون على التراب، بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025. Marwan Ali/AP

المدنيون بين الحصار والنزوح

في كادوقلي، يقول السكان إنهم يتعرضون لخطر دائم من المدفعية الثقيلة والرصاص العشوائي. ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن مدنيين، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، قولهم: "نحن معرضون لخطر الإصابة بالمدفعية الثقيلة، والرصاص الذي يسقط على رؤوسنا عشوائيًا، والهجمات التي تستهدف بوضوح كل ما في المدينة، ليس الأهداف العسكرية فقط، بل أيضًا الأماكن التي يعيش فيها النازحون داخليًا".

ولا تقتصر المخاوف على القصف والطائرات المسيّرة، إذ يتحدث السكان أيضًا عن مداهمات ينفذها أشخاص موالون للجيش بحثًا عن مشتبه بهم بتهمة التعاون مع الميليشيات، ويؤكدون أن بعضهم "يُعدم بدم بارد".

وخارج كادوقلي، تسيطر قوات الدعم السريع على مساحات واسعة من كردفان، بما في ذلك مدن رئيسية على طول الممر الرابط بين جنوب السودان والخرطوم. وتشهد التجمعات السكانية في هذه المناطق معارك متكررة للسيطرة، ما أدى إلى فرار أكثر من 50 ألف شخص منذ أواخر أكتوبر عبر ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان، عقب استيلاء قوات الدعم السريع على قاعدة عسكرية مهمة وتصعيد حملتها العسكرية.

نساء سودانيات نازحات من الفاشر يحضّرن وجبات في مطبخ جماعي، بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025.
نساء سودانيات نازحات من الفاشر يحضّرن وجبات في مطبخ جماعي، بولاية شمال السودان، في 16 نوفمبر 2025. Marwan Ali/AP

وتفاقمت الأزمة بعد يوم واحد من مقتل عناصر من قوات حفظ السلام، إذ أسفر هجوم بطائرة مسيّرة استهدف مستشفى في مدينة الدلنج، الواقعة على بعد نحو 75 ميلًا شمال كادوقلي، عن مقتل سبعة مدنيين وإصابة قرابة اثني عشر آخرين.

ووسط هذا المشهد، تبدو كردفان اليوم عالقة بين حسابات الحرب ومصير المدنيين، مع مؤشرات متزايدة إلى أن الإقليم قد يتحول إلى مسرح جديد لواحدة من أكثر مراحل الصراع السوداني دموية، إذا ما استمرت التطورات على هذا النحو.

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك محادثة

مواضيع إضافية

السودان: 10 قتلى في غارة بطائرة مُسيّرة استهدفت سوقًا في المالحة بولاية شمال دارفور

تحقيق للغارديان: مرتزقة كولومبيون متورطون في مجازر السودان عبر شركات مسجّلة في لندن

غوتيريش يتحدث عن اجتماع مرتقب في جنيف سيجمع طرفي النزاع في السودان