إلى جانب الخسائر البشرية، خلّفت الحرب التي يشنّها الاتحاد الروسي ضد أوكرانيا تداعيات بيئية مباشرة.
يلخّص علماء البيئة نتائج مقلقة أعقبت تسرّب زيت الوقود في مضيق كيرتش، إذ أدّى حادث ناقلتي نفط روسيتين إلى تسرّب الوقود وتلوّث المياه والساحل الشمالي للبحر الأسود، إضافة إلى مناطق من بحر آزوف، ما تسبّب بنفوق طيور وحيوانات. وكانت السفن الغارقة تنقل منتجات نفطية من روسيا في إطار محاولات الالتفاف على العقوبات الدولية.
يساهم مركز الإنقاذ العلمي والبيئي "ديلفا" في إنقاذ الدلافين المصابة عبر مراقبة سواحل إقليم كراسنودار في الاتحاد الروسي، مشيرًا إلى تسجيل نفوق 688 حوتًا على سواحل المنطقة منذ وقوع التسرب النفطي.
ويشير خبراء مركز "ديلفا" إلى أن هذا الرقم لا يبلغ حدوده القصوى، إلا أنهم يسجّلون ارتفاعًا كبيرًا في عدد الوفيات خلال الشهر الأول الذي أعقب الكارثة، مع توقع زيادة إضافية في نفوق الحيوانات خلال موسم إطلاقها، فضلًا عن ارتفاع مرتقب في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر وخلال تشرين الثاني/ نوفمبر.
ولا يزال تأثير هذا التسرّب النفطي واسع النطاق على تجمعات الحيتان غير محسوم حتى الآن، إذ تشير الأبحاث العلمية، وفق ما يلفت إليه مركز ديلفا، إلى أن الآثار المتأخرة قد تمتد لعدة سنوات إضافية.
وإلى جانب الخسائر البشرية، خلّفت الحرب التي يشنّها الاتحاد الروسي ضد أوكرانيا تداعيات بيئية مباشرة، إذ أدّت المعارك والقيود الأخرى المرتبطة بالحرب إلى تقييد الوصول لمساحات واسعة من البحر الأسود.
وقال مركز "سيرين سي" لإعادة تأهيل الدلافين، العامل في شبه جزيرة القرم، إنه يقدّر عدد الحيتانيات التي تم إطلاقها على سواحل شبه الجزيرة وسيفاستوبول بنحو 457، وهو رقم يتماشى مع المعدلات السنوية، لافتًا في المقابل إلى أن جزءًا واسعًا من الساحل الغربي لشبه جزيرة القرم لم يُرصد.
وأوضح المركز أن "الأخبار السيئة تتمثّل في تراجع فعالية شبكة الرصد بفعل الوضع السياسي الراهن"، مستشهدًا بساحل منطقة ساكسكي والساحل الغربي لشبه جزيرة القرم المضمومة نموذجًا على ذلك.
وأشارت المنظمة إلى أن الأمر قد ينسحب على مناطق أخرى، ما يعني أن المعدلات الفعلية لنفوق الدلافين قد تكون أعلى مما أمكن توثيقه.
ونشرت هيئة التفتيش البيئي الحكومية في منطقة جنوب غرب أوكرانيا تقريرًا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لخّصت فيه تأثير الحرب على الموارد الحيوية المائية في أوكرانيا. وذكر التقرير أنه تم تسجيل حالات نفوق جماعي للثدييات البحرية.
في البحر الأسود، سُجِّلت حالات نفوق للدلافين بسبب الإجهاد الصوتي والتلوث المرتبطين بالحرب، بحسب ما أفادت به مفتشية الدولة.
كما تلفت الوكالة الأوكرانية إلى صعوبة تكوين صورة كاملة عن حجم الخسائر، في ظل الأعمال العسكرية واحتلال أجزاء من الأراضي الأوكرانية نتيجة العدوان العسكري الروسي.
ويخلّف التلوّث بالمواد السامة آثارًا مدمّرة على النظام البيئي، إذ يؤدّي القصف والهجمات الصاروخية التي تستهدف المنشآت الصناعية ومرافق تخزين النفط والمصانع الكيميائية إلى تسرّب المعادن الثقيلة والمنتجات البترولية والمتفجرات إلى الأنهار والبحيرات والبحار، ما يفضي إلى تسمّم الكائنات المائية ونفوقها جماعيًا.
وبفعل الحرب، تتعرّض البيئة لدمار مادي واسع، إذ يشير التقرير إلى أن القتال وتدمير المنشآت الهيدروليكية والانفجارات وحركة المعدات الثقيلة تؤدّي إلى اختلال النظم البيئية الطبيعية.
ويعاني النظام البيئي أيضًا من التلوّث الصوتي الناجم عن الانفجارات تحت الماء وحركة السفن العسكرية واستخدام السونار، فيما يتغيّر النظام الهيدرولوجي نتيجة تدمير السدود وغيرها من البنى التحتية، ما يؤدّي إلى فقدان المياه أو حدوث فيضانات غير منضبطة، ويبدّل التدفّق الطبيعي للأنهار والظروف المعيشية للكائنات المائية.