قال رئيس الوزراء العراقي إن "قضايا المصير تظل ثابتة وتعكس المبادئ الأساسية لشعبنا".
أثار موضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل جدلاً واسعًا في العراق، بعد تصريح للكاردينال لويس رافائيل ساكو، رئيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في العراق والعالم، قال فيه: "آمل أن يكون التطبيع للحكومة الجديدة في العراق ومع العراق"، مضيفًا أن "التلمود (الكتاب اليهودي المقدس) كُتب في بابل".
وقد ردّ رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، يوم الأربعاء على تصريحات ساكو قائلاً إن التطبيع "غير موجود في قاموس البلاد، لأن هذه الكلمة ارتبطت بكيان محتل استباح الأرض والإنسان، وهو ما ترفضه كل القيم والأديان السماوية".
وأكد السوداني، خلال كلمة له في كنيسة القديس يوسف ببغداد، أن "قضايا المصير" تظل ثابتة وتعكس المبادئ الأساسية للشعب العراقي، مشددًا على أن "استذكار الميلاد المجيد يمثل تأكيدًا إضافيًا على قوة النسيج المتماسك للمجتمع العراقي".
وأضاف: "الحكومة تعمل بكل إمكانياتها على صيانة وحماية رموز الوحدة. لا نحتاج إلى تطبيع، بل إلى الأخوة والمحبة والتعايش، والالتزام الشرعي والقانوني والدستوري هو الذي يفرض علينا هذه العلاقة".
وسرعان ما أثار تصريح ساكو ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع البطريركية الكلدانية لإصدار بيان حاولت فيه توضيح معنى ما قصده ساكو بالتطبيع خلال موعظته مساء الأربعاء أثناء القداس الاحتفالي، مشيرة إلى أن "البطريرك أكد أن الكل يجب أن يطبع مع العراق وليس مع بلد غيره، لأن إبراهيم عراقي والعراق بلد الديانات والعديد من الأنبياء"، بما يوحي أن المقصود هو تطبيع علاقة مكونات البلد فيما بينها وليس تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ويجرّم القانون العراقي التطبيع، إذ تنص المادة 4 من القانون رقم 1 لسنة 2022 على إنزال عقوبة "السجن المؤبد أو المؤقت كل من سافر إلى الكيان الصهيوني أو زار سفاراته أو إحدى مؤسساته في أي دولة من دول العالم، أو اتصل بأي منها".
أما المادة 5 من القانون نفسه، فتقضي بالإعدام أو السجن المؤبد على كل من أقام أي نوع من العلاقات مع إسرائيل في المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو غيرها.
وكانت محكمة جنائية في محافظة ذي قار قد حكمت على رجل بالسجن ثماني سنوات لحثه على تطبيع العلاقات مع إسرائيل سابقًا.
وفي هذا السياق، دعا زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر، الجهات الرسمية إلى القيام بواجبها "فورًا" عقب تصريح الكاردينال، مؤكدًا أن "التطبيع جريمة يعاقب عليها القانون العراقي"، وشدد على أن "كل من يحرض أو يطالب به، كائن من كان، ليس بمنأى عن العقوبة، وأنه لا مكان للتطبيع ولا لشرعنته في العراق".
بدورها، عبّرت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق جابرو، عن رفضها القاطع "لأي تصريحات أو مواقف تدعو إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني أو تبرّره بأي شكل من الأشكال" وفق تعبيرها، معتبرة أن "مثل هذه الآراء لا تمثّل موقف الشعب العراقي ولا تعبّر عن إرادته الحقيقية بجميع أطيافه ومكوناته الدينية والقومية".
ويأتي الحديث عن التطبيع، أيا كان المقصود بالكلمة، في وقت تتزايد فيه دعوات للفصائل العراقية المسلحة لحصر السلاح بيد الدولة، فيما يدخل العراق مرحلة اختيار رئيس وزراء جديد في ظل خلافات عميقة بين مكونات البلد السنية والشيعية والكردية.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد اختار مارك سافايا، وهو من أصل عراقي، ليكون مبعوثًا له في بغداد، إلا أن تصريحاته الأخيرة غالبًا ما أثارت بلبلة بسبب تدويناته التي طالب فيها بشكل صريح بإنهاء ملف الفصائل المسلحة ومنعها من المشاركة في الحكومة، فضلًا عن توجيهه إنذارات للعراق وتحذيرات من العودة إلى "دوامة التعقيد".