Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

ذاكرة منزل: حوار مع يواكيم ترير حول فيلمه الأخير "القيمة المعنوية"

يواكيم ترير
يوآكيم تريير حقوق النشر  Chris Pizzello/2025 Invision
حقوق النشر Chris Pizzello/2025 Invision
بقلم: Buse Keskin
نشرت في
شارك محادثة
شارك Close Button

الفيلم "Manevi Değer" الفائز بـ"Grand Prix" في مهرجان كان يُعرض على "MUBI" بدءا من 26 ديسمبر. "Euronews Türkçe" أجرت مقابلة مع النرويجي يواكيم ترير عن أكثر أفلامه شخصية.

أحيانا يتجاوز البيت جدرانه؛ فهو لا يحمل الذكريات المعاشة فحسب، بل يحتفظ أيضا بالجمل التي لم تُقَل، والمواجهات المؤجلة، وأحزان الحداد الصامتة. القصر في "القيمة المعنوية" (Sentimental Value) ليواكيم ترير مكان من هذا النوع بالضبط: ملاذ، وصدى لشبح في آن واحد. الفيلم الذي نال جائزة Grand Prix في مهرجان كان السينمائي يصل إلى الجمهور بتقديم من منصة MUBI، ويبدأ عروضه اليوم (26 ديسمبر) بوصفه أكثر حكايات ترير شخصية حتى الآن. المخرج النرويجي، الذي نقش هشاشة العلاقات الإنسانية في تاريخ السينما بأعمال مثل "Reprise" و"أوسلو، 31 أغسطس" و"أسوأ شخص في العالم"، يعود هنا بفيلم تعيد فيه تلك الثيمات تشكلها بنضج حول العائلة والذاكرة؛ حكاية عن شقيقتين تلتقيان والدهما بعد سنوات طويلة، وعن ما يفعله الزمن بالإنسان: التذكّر والنسيان. وفي فيلموغرافيا ترير يحتل هذا العمل مكانة شخصية وعاطفية خاصة، إذ يضع بيتا في قلب السرد بوصفه فضاء ماديا واستعارة بآن معا، ومساحة تعيد فيها الشقيقتان تفحّص علاقتهما المعقدة بأبيهما.

قال ترير في حديث إلى "يورونيوز التركية" إنه انطلق في بناء الحكاية من فكرة محدودية الزمن، مضيفا أنه أراد إظهار أن الشقيقتين لم تعودا تملكان مع والدهما وقتا لا نهائيا: "البيت شاهد على هذه اليقظة. وهو في الوقت نفسه ثري سينمائيا جدا لأنه يبدو كشخصية عاشت عبر القرن العشرين. كان مثيرا بالنسبة إليّ أن أُظهِر نسيج التاريخ وآثار الزمن على تلك الجدران". وقد أصبح "القيمة المعنوية" بالفعل من أقوى أعمال موسم الجوائز، بعد أن رُشِّح في ثماني فئات ضمن جوائز الغولدن غلوب 2026، بينها أفضل فيلم (دراما)، أفضل مخرج (يوآكيم ترير)، أفضل ممثلة (ريناته رينسفي)، أفضل ممثل في دور مساعد (ستيلان سكارسغارد)، وأفضل ممثلة في دور مساعد (إيل فانينغ، إنغا إيبسدوتّر ليليااس). كما دخل "القيمة المعنوية" قوائم جوائز السينما الأوروبية وBAFTA، مثيرا صدى واسعا على المستوى الدولي. ويصف النقاد سرد الفيلم الأنيق بأنه "درس في السينما يُشعِرُك بالعاطفة من دون أن يقع في العاطفية". ويؤكد ترير أن "القيمة المعنوية" ليس حكاية عائلية فحسب، بل طريقة لمساءلة الزمن والذاكرة والإرث العاطفي الذي يُتوارَث بصمت: "لم أردّ أن أبحث عمّا إذا كان التصالح ممكنا، بل عمّا يعلّمه لنا السعي إلى التصالح".

من اليمين إلى اليسار: ستيلان سكارسغارد، يواكيم ترير وريناته رينسفي.
من اليمين إلى اليسار: ستيلان سكارسغارد، يواكيم ترير وريناته رينسفي. Rebecca Cabage/2025 Invision

مواجهة الجذور

يحمل عنوان "القيمة المعنوية" بالنسبة إلى ترير صدى خاصا، إذ يجمع بين الروابط العاطفية الذاتية ونغمة نوستالجية. يقول المخرج ضاحكا: "تُذكّرني هذه الكلمة بأغنية جاز قديمة"، ثم يضيف: "تماما كفيلمي؛ نظرة إلى الماضي، عاطفية ولكن بنبرة ساخرة أيضا". والبيت في مركز الحكاية ليس مكانا وحسب، بل كيان يحتفظ بطبقات الزمن: "أردت أن أشعرنا بأن هاتين الشقيقتين لم يعد لديهما وقت لا نهائي مع والدهما. أن تجعل من بيت شاهدَ هذا الوعي فكرة قوية عاطفيا وسينمائيا". هناك، حيث يتعانق الماضي والحاضر، تتحول الجدران إلى خبرة معيشة، والأثاث إلى صمت، والصور إلى ندم؛ يستعمل ترير هذه العمارة استعارة بصرية وعاطفية، فيلتقي عابرية الزمن بهشاشة الروابط العائلية. في المركز يقف الأب غوستاف بورغ، مخرج سابق يعود إلى عائلته بعد سنوات، لكن عودته تشبه مناجاة مبتورة لا مواجهة مكتملة. يرفض ترير تحويل الحكاية إلى مصالحة سهلة: "لا أؤمن بأننا نستطيع حل كل شيء بالكلام فحسب"، يقول. "قضية الفيلم ليست المصالحة بل استحالتها. أردت أن أرى كيف نتعايش مع اختلافاتنا". تتردد في غوستاف صدمات تناقلتها أجيال النرويج بعد الحرب؛ فهو فنان أناني وفاشل ومتبلّد عاطفيا، لكن المخرج يتجنّب الكليشيه: "يبدو غوستاف في البداية أبا منغلقا ومطالِبا، لكنك ترى مع الوقت هشاشته وجراحه القديمة". ويضيف ترير: "أنا من الجيل الثالث بعد الحرب؛ كان جدي ممن قاوموا الاحتلال النازي. تلك الصدمات تُنقَل من جيل إلى جيل. وما يباعد بين غوستاف وأطفاله إرث صامت كهذا". بالنسبة لترنتير، كان هذا الفيلم أيضا نظرة إلى ماضيه؛ فجده كان مخرجا، ووالداه عملا في السينما، و"في العائلة تُنقَل أشياء كثيرة من دون أن تُقال". جمال السينما، برأيه، أنها تجعل هذه المناطق الصامتة مرئية. على هذا النحو يتجاوز الفيلم الدراما العائلية التقليدية: كاميرا ترير تختار البقاء في الصمت، لا لتفكيك شخصياته بل لفهمها؛ عجز غوستاف العاطفي يلتقي هشاشة أبوّته، وسعي ابنتيه لاستعادة الصلة به يواجهنا بكون انقطاع الحوار بين الأجيال تجربة كونية. ويرى ترير أن السينما فن فريد بسبب علاقتها بالزمن: "الفيلم شكل من أشكال الذاكرة. تسجّل لحظة، تمرّ سنوات وتتغير أنت بينما يبقى الفيلم كما هو. يشبه الأمر حوارا بين الماضي والحاضر. مرونة الزمن من أكثر ما يأسرني في السرد؛ أحيانا تطيل لحظة، وأحيانا تقطعها. الفراغ بين ما يُعرَض وما لا يُعرَض هو السرد نفسه". و"القيمة المعنوية" هو فيلم ذلك الحوار تحديدا: لحظات تُطوَّل وأخرى تُختزل، وذكريات تتسابق؛ يطوّع ترير الزمن، وتُكمِل الفجوات والمشاهد الناقصة في ذهن المشاهد، فينقلب العمل من مجرّد حكاية عائلية إلى تأمل فلسفي في إدراك الزمن.

الدفاع عن الأمل وسط العتمة

بينما انشغل كثير من أفلام اختيارات كان 2025 بموضوعات المرض والدمار واليأس، يبني ترير فيلمه على الترميم والمغفرة والأمل. يقول: "لدي طفلان صغيران. من أجل مستقبلهما عليّ أن أؤمن بإمكان التصالح. وفي الفن أبحث عن هذا الأمل أيضا". يروي أنه استمع أثناء الكتابة كثيرا إلى فريق البيتلز، وعاد مرارا إلى أغنية جون لينون "Imagine": "كنت أراها سابقا مفرطة في العاطفة؛ لم أعد أراها كذلك. في زمن حالك إلى هذا الحد، يبدو لي الأمل من أكثر المشاعر صدقا". وقارَن كثيرون بين الفيلم و"Persona" لإنغمار برغمان بسبب الثيمات القريبة من القرب والصمت والهوية؛ يبتعد ترير عن هذا التشبيه من دون إنكار أثره اللاواعي: "أحب "Persona" كثيرا، لكن المرجع لم يكن واعيا"، قبل أن يضيف: "مع ذلك، علّمنا برغمان كيف يمكن أن تُروى في السينما حالة عدم التلاقي بين شخصين. أردتُ أنا أيضا النظر إلى تلك المنطقة الصامتة". وفي بنية "فيلم داخل الفيلم" يلمّح ترير إلى رؤيته للسينما: "لطالما صنعت أفلاما شخصية؛ لا بهدف صنف تجاري، بل رغبةً في الإمساك بالتحكم الإبداعي. آتي من بلد صغير؛ كان من الصعب أن تُعرَف السينما النرويجية دوليا. أن أتحدث اليوم مع جمهور من أماكن مختلفة في العالم عن فيلمي أمر ثمين جدا بالنسبة إليّ". وعلى الرغم من بصمات برغمان، يحافظ "القيمة المعنوية" على لغة ترير الأصيلة: بساطة توازن الكثافة العاطفية، وإيقاع يروي الصراع الداخلي بشاعرية بصرية.

Scott A Garfitt/2025 Invision

عاد من كان بـ Grand Prix

قدّم "القيمة المعنوية" عرضه العالمي الأول في المسابقة الرسمية لمهرجان كان في 21 مايو 2025، ونال الجائزة الثانية في المهرجان، Grand Prix. وبعد العرض، وقف الجمهور يصفق لفريق ترير لدقائق. وعلى منصة التتويج في كان، اقتبس ترير عن المخرج لويس بونييل قائلا: "أصنع أفلامي لأصدقائي"، ثم أضاف: "إذا كان هذا الفيلم يبني صداقات جديدة في العالم، فقد بلغ غايته".

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك محادثة

مواضيع إضافية

العصاة والحوادث والمعارك: إليكم أفضل أفلام عام 2025

وداعا للتلفزيون أهلا بالبث عبر الإنترنت: الأوسكار ستنتقل إلى يوتيوب في 2029

جيمس كاميرون يصبح خامس مخرج أفلام يدخل نادي المليارديرات