أكثر من 60% من أنواع الطيور حول العالم تشهد تراجعًا في أعدادها بسبب إزالة الغابات والتوسع البشري، وفق تقرير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
أطلق العلماء تحذيرًا جديدًا من تدهور في أعداد الطيور عالميًا، معتبرين أن الأرض تدخل مرحلة جديدة من الانقراض الواسع للأنواع.
فوفقًا لتقييم شامل أصدره الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، فإن 61% من أنواع الطيور المعروفة تشهد انخفاضًا في أعدادها، بعدما كانت النسبة لا تتجاوز 44% قبل نحو عقد فقط. وتُعزى هذه الانخفاضات الحادة أساسًا إلى إزالة الغابات والتوسع الزراعي والبشري الذي دمّر الموائل الطبيعية لملايين الطيور في القارات الخمس.
أزمة تتسارع منذ عقود
من أسّيتي شليغل في مدغشقر إلى الشحرور الليلي في أمريكا الوسطى، تفقد الطيور أماكن عيشها بوتيرة متسارعة مع تصاعد الضغط البشري على الطبيعة.
ويقول الدكتور إيان بورفيلد، منسق العلوم العالمية في منظمة "بيردلايف" والمشارك في إعداد التقرير:"أن يُظهر التقييم أن ثلاثة من كل خمسة أنواع من الطيور في العالم في تراجع، فذلك يعبّر عن عمق أزمة التنوع البيولوجي، وعن مدى الحاجة لتطبيق الحكومات التزاماتها البيئية الدولية."
ويأتي هذا التقرير في وقت يجتمع فيه مئات الخبراء في المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بأبوظبي لمناقشة سبل إنقاذ الأنواع الأكثر عرضة للانقراض.
الطيور.. حراس الطبيعة الصامتون
لا تقتصر أهمية الطيور على جمالها أو تنوّعها، بل إنها تؤدي أدوارًا أساسية في استمرارية النظم البيئية. فهي تلقّح الأزهار وتنثر البذور وتكافح الآفات الزراعية، مما يجعلها عنصرًا مهما في توازن الطبيعة واستدامة الغابات. وتشير الدراسات إلى أن بعض الأنواع، مثل طائر القرن المنتشر في المناطق الاستوائية، يمكنه نشر أكثر من 12 ألف بذرة كبيرة يوميًا في مساحة كيلومتر مربع واحد، ما يبرز دوره في تجديد الغطاء النباتي.
وتوضح الدكتورة مالين ريفرز، رئيسة قسم تحديد أولويات الحفظ في "الحدائق النباتية العالمية"، أن العلاقة بين الطيور والأشجار "هي علاقة حياة متبادلة"، قائلة: "الأشجار تعتمد على الطيور في إعادة التجدد، والطيور تعتمد على الأشجار للبقاء.. انهيار أحد الطرفين يعني انهيار الآخر."
قصة أمل من البحر..
وسط هذا المشهد القاتم، برزت السلحفاة الخضراء البحرية كقصة نادرة تذكّر بأن "الجهود البيئية يمكن أن تنقذ الحياة". فبعد أن كانت مصنّفة ضمن الأنواع المهددة بالانقراض، أعلن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أنها أصبحت اليوم ضمن فئة "الأقل عرضة للخطر"، بعد أن ارتفعت أعدادها بنسبة 28% منذ سبعينيات القرن الماضي.
وجاء ذلك بفضل حماية مواقع التعشيش في جزيرة أسنشن بالمحيط الأطلسي، والبرازيل والمكسيك وهاواي. وقال رودريك ماست، الرئيس المشارك للجنة السلاحف البحرية بالاتحاد الدولي:"إن تعافي السلحفاة الخضراء يبرهن أن التنسيق العالمي على مدى عقود قادر على إنقاذ حتى الكائنات البحرية الأطول عمرًا."
الفقمات القطبية.. جرس إنذار المناخ
لكن التفاؤل لا يُخفي حجم الخطر المحدق بكائنات أخرى، مثل فقمات القطب الشمالي التي باتت أقرب إلى حافة الانقراض مع تسارع ذوبان الجليد البحري بسبب الاحتباس الحراري. وتشير الأبحاث إلى أن أعداد فقمات اللحية والفقمات المقعّرة تراجعت بشكل كبير، نتيجة فقدان أماكن الراحة والتكاثر. ويؤدي هذا الانخفاض بدوره إلى تهديد غذاء الدببة القطبية التي تعتمد عليها كمصدر رئيسي للطعام.
وتقول الدكتورة كيت كوفاكس، رئيسة برنامج سفالبارد في المعهد القطبي النرويجي:"كل عام يكشف تراجع الجليد البحري في سفالبارد مدى هشاشة حياة الفقمات.. إنها تجد صعوبة متزايدة في التكاثر والراحة والتغذية وهذه ليست أزمة مستقبلية، بل واقع يتكشف أمامنا منذ عقود."