يتزايد مرض الكلى المزمن عالميًا ليصيب أكثر من 600 مليون شخص، فيما يجهل 9 من كل 10 مرضاهم إصابتهم حتى المراحل المتأخرة.
في وقت تتراجع فيه معدلات الوفاة بسبب بعض الأمراض المزمنة بفضل التقدم الطبي، يبرز مرض الكلى المزمن كـ"وباء صامت" يتوسع نطاقه حول العالم، حيث تشير التقديرات إلى إصابة أكثر من 600 مليون شخص، بزيادة تبلغ 90% منذ عام 1990. الأخطر أن 9 من بين كل 10 مصابين يجهلون إصابتهم إلا في المراحل المتأخرة، ما يجعل المرض أكثر فتكًا.
وكشفت قصة الشاب الأمريكي أليكس سيمونز، مدرب اللياقة البدنية البالغ من العمر 37 عامًا، الوجه الخفي لهذا الداء. فقد دخل المستشفى إثر أعراض بسيطة اعتقد أنها فيروس عابر، ليتضح أن ضغط دمه وصل إلى 260/150، في مفاجأة صادمة بالنظر إلى لياقته البدنية. وسريعًا، تدهورت حالته إلى فشل كلوي كامل، انتهى بخضوعه إلى غسيل كلوي قبل أن ينقذه تبرع شقيقته بإحدى كليتيها.
ما العوامل الكامنة وراء الارتفاع؟
يُجمع الأطباء والباحثون على أن الارتفاع في معدلات الإصابة له أسباب عدة، أبرزها: الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة كذلك الأمراض المناعية كالتهاب الكلية IgA والذئبة والإفراط في الأدوية كالمسكنات ومضادات الحموضة والمشكلات البيئية مثل التلوث وتغير المناخ الذي يفاقم الإصابات في موجات الحر وغياب الرعاية الصحية العادلة في بعض الدول النامية، ما يؤخر التشخيص ويضاعف الحالات.
تهديد يتجاوز الكلى
لا يقف أثر المرض عند حدود الكلى، بل يتعداها إلى مضاعفات خطيرة أبرزها أمراض القلب، السبب الأول للوفاة عالميًا. وتشير دراسات إلى أن استقرار نسب وفيات القلب، رغم التقدم العلاجي، يعود بالأساس إلى تفاقم أمراض الكلى غير المشخّصة. يقول الباحث يواخيم يانكوفسكي: "نعتقد أن الكثير من أمراض القلب سببها أمراض الكلى غير المكتشفة."
وينصح الأطباء بإجراء فحوصات دورية لقياس الكرياتينين في الدم والألبومين في البول، خاصة لمن لديهم عوامل خطورة كارتفاع الضغط أو السكري.
فالتشخيص المبكر، وفق الخبراء، يتيح التدخل في الوقت المناسب ويقلل من احتمالات تطور المرض إلى مراحله النهائية.
وحتى وقت قريب، لم يكن أمام مرضى الكلى سوى خيارين: الغسيل الكلوي أو زرع كلية. لكن العقدين الأخيرين شهدا طفرة دوائية غير مسبوقة، خصوصًا في علاج الأمراض الوراثية والمناعية، بالإضافة إلى أدوية السكري من فئة GLP-1 مثل أوزيمبيك وويغوفي، وفئة SGLT2 inhibitors، التي أثبتت فعاليتها في حماية الكلى وتقليل مخاطر القلب في آن واحد.
ويؤكد الأطباء أن الجمع بين هذه العلاجات قادر على إبطاء المرض لعقود كاملة، وتفادي الوصول إلى الفشل الكلوي النهائي أو الوفاة جراء السكتات القلبية.