أظهرت النتائج أن نسبة البالغين الذين يعانون مستويات عالية من الضغوط النفسية ارتفعت من نحو 20% في عامي 2020 و2023 إلى أكثر من 67% في أوائل عام 2025.
أظهرت دراسة جديدة تتبع الصحة النفسية للبالغين في قطاع غزة أن مستويات الضغوط النفسية قد تضاعفت ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الماضية، مع تسجيل ارتفاع حاد عقب تصاعد الصراع في أكتوبر 2023.
وأجريت الدراسة، التي نشرتها مجلة eClinicalMedicine، على 677 شخصًا ممن تتجاوز أعمارهم 40 عامًا، ضمن ثلاثة مسوح منزلية أجريت في أعوام 2020 و2023 و2025. وركزت على قياس أعراض الاكتئاب، واضطرابات النوم، والشعور المستمر بالتوتر وانعدام القيمة، لتقييم مدى التأثر النفسي للسكان.
وأظهرت النتائج أن نسبة البالغين الذين يعانون مستويات عالية من الضغوط النفسية ارتفعت من نحو 20% في عامي 2020 و2023 إلى أكثر من 67% في أوائل عام 2025. وشمل هذا الارتفاع جميع الفئات الديموغرافية، ما يشير إلى انتشار واسع لمشكلات الصحة النفسية المرتبطة بالعنف المستمر، والتهجير المتكرر، وتدمير البنى التحتية.
وأكدت الدراسة أن غزة كانت تعاني مسبقًا من مستويات مرتفعة من الضغوط النفسية، إلا أن الحرب الأخيرة زادت من تفاقم هذه الأزمة، من خلال تعريض السكان لحالات تهجير متكررة، وفقدان منازلهم، وصعوبة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
وبحسب البيانات، فقد أفاد أكثر من 99% من المشاركين بتعرضهم لحادثة تهجير واحدة على الأقل بحلول عام 2025، بمعدل وسطي يصل إلى أربع حالات تهجير لكل شخص.
ويشير الباحثون إلى أن هذه النتائج توفر قاعدة علمية مهمة لصانعي السياسات والمنظمات الإنسانية، من أجل تصميم برامج دعم نفسي واجتماعي، تهدف للتخفيف من العبء النفسي الذي يواجهه سكان غزة.
كما دعت الدراسة إلى تقديم خدمات طويلة الأمد للصحة النفسية، ودعم جهود إعادة البناء، بالتعاون مع المجتمع الدولي.
وفي تقرير سابق نشرته يورونيوز، كشف أن الأطفال في غزة يواجهون أزمة نفسية حادة نتيجة استمرار الصراع والنزوح المتكرر، حيث يعاني أكثر من مليون طفل من اضطرابات نفسية وسلوكية متعددة تشمل التبول اللاإرادي، الكوابيس المتكررة، نوبات الهلع، والانطواء الاجتماعي، إضافة إلى سلوكيات عدوانية مرتبطة بالصدمات النفسية. وأوضح التقرير من خلال شهادات عائلات ونازحين أن هذه التأثيرات لا تقتصر على الصدمات المباشرة الناتجة عن القصف وفقدان المنازل، بل تمتد لتطال الحياة اليومية للأطفال، فتؤثر على نومهم، دراستهم، وقدرتهم على اللعب والتفاعل الاجتماعي، وتقلل من طموحاتهم وآمالهم في المستقبل.
وأشار التقرير إلى أن انهيار المراكز الصحية النفسية نتيجة الحرب جعل الأطفال محرومين من الدعم والعلاج المناسب، بينما يواجه الأهل أنفسهم صعوبات نفسية تقلل من قدرتهم على تقديم الرعاية العاطفية لأبنائهم.
وفي السياق، حذرت منظمات دولية مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية من أن هذه الأزمة النفسية المتفاقمة قد تترك آثارًا طويلة الأمد على التطور المعرفي والاجتماعي للأطفال، ما يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب واضطرابات السلوك في المستقبل.