بحسب الباحثين، فإن الالتهاب المزمن في الأمعاء لا يقتصر تأثيره على إحداث تلف نسيجي، بل يؤدي مع مرور الوقت إلى تندّب الأنسجة وزيادة صلابتها، ما يخلق بيئة مواتية لنمو الخلايا السرطانية وانتشارها.
كشفت دراسة علمية جديدة عن عامل بيولوجي قد يفسّر الارتفاع في معدلات الإصابة المبكرة بسرطان القولون والمستقيم، يتمثل في زيادة صلابة أنسجة القولون الناتجة عن الالتهاب المزمن.
وأبرزت الدراسة المنشورة في مجلة Advanced Science، دور القوى البيوميكانيكية في نشأته (اي تأثير الضغط والحركة والتحميل الفيزيائي على انسجة الجسم)، وهو نوع يشهد تصاعدا عالميا خلال العقود الاخيرة.
وبحسب الباحثين، فإن الالتهاب المزمن في الأمعاء لا يقتصر تأثيره على إحداث تلف نسيجي، بل يؤدي مع مرور الوقت إلى تندّب الأنسجة وزيادة صلابتها، ما يخلق بيئة مواتية لنمو الخلايا السرطانية وانتشارها. وتشير النتائج إلى أن هذه الصلابة قد تسبق ظهور الورم نفسه، ما يجعلها إنذارا مبكرًا محتملًا لخطر الإصابة.
وقالت الدكتورة إيمينا هوانغ، أستاذة الجراحة في قسم جراحة القولون والمستقيم ونائبة الرئيس التنفيذي للأبحاث الجراحية في جامعة تكساس ساوث ويسترن: ''نعتبر هذه الدراسة تقدمًا مهمًا نحو تحديد الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة المبكرة بسرطان القولون والمستقيم، وإيجاد طرق جديدة لعلاجهم''.
واعتمدت الدراسة على تحليل عينات نسيجية لمرضى خضعوا لجراحة استئصال أورام سرطانية، شملت حالات لسرطان القولون والمستقيم المبكر وأخرى لسرطان متوسط الظهور.
وأظهرت الاختبارات أن أنسجة القولون، سواء المصابة أو السليمة المحيطة بالورم، كانت أكثر صلابة بشكل واضح لدى المرضى الأصغر سنًا.
كما لاحظ الباحثون تغيرات في بنية الكولاجين، وهو البروتين المسؤول عن تماسك الأنسجة، حيث كان أكثر كثافة وتنظيمًا ونضجًا في حالات السرطان المبكر.
وأظهرت تحاليل جينية زيادة في نشاط الجينات المرتبطة بالالتهاب وتكوّن الأوعية الدموية ومسارات الاستجابة للقوى الميكانيكية. ويفسّر ذلك كيف يمكن للخلايا السرطانية أن تغيّر سلوكها استجابة لبيئة أكثر صلابة، فتتكاثر بوتيرة أسرع وتصبح أكثر قدرة على الانتشار.
وتكتسب هذه النتائج أهمية خاصة في ظل الارتفاع المستمر في حالات سرطان القولون والمستقيم المبكر، الذي بات يمثل نحو 12% من إجمالي الحالات المشخّصة في الولايات المتحدة منذ عام 2020، في وقت تتراجع فيه معدلات الإصابة لدى الفئات العمرية الأكبر.
ويرى الباحثون أن نتائج هذه الدراسة قد تساهم في تطوير أساليب جديدة للوقاية والعلاج، من خلال استهداف الروابط الجزيئية بين صلابة الأنسجة وتحوّل الخلايا السرطانية، أو عبر تصميم أدوات تشخيص مبكر تعتمد على قياس صلابة القولون لتحديد الفئات الأعلى عرضة للإصابة.