غزة المدمرة تأن تحت الدمار وتستصرخ اعادة الإعمار

غزة المدمرة تأن تحت الدمار وتستصرخ اعادة الإعمار
Copyright 
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

يحاول المزارعون في جنوب قطاع غزة زرع الارض قبل حلول فصل الشتاء، وتعمل الجرافات على تسوية التربة في المنطقة التي تتركز فيها نصف المنتجات الزراعية بالقطاع، الحرب الاسرائيلية الاخيرة على غزة دمرت انظمة الري والحقول.
المزارع ابو هاني يقول:
“هذه هي المرة الثالثة منذ العام الفين تدمر اسرائيلي ارضنا، وان لم ننهي عملنا قبل موسم الشتاء، لن يكون بوسع المزارعين العمل في حقولهم”.
وتستمر الجرافات بالعمل تحت إشراف المنظمة الدولية للصليب الأحمر، لتمكين المزارعين من الاستفادة وإنقاذ حصاد الموسم المقبل.
المشروع هو واحد من عدة مشاريع بدات في غزة لإعادة اعمار القطاع المدمر بفعل العدوان الاخير على غزة حيث دمرت عشرات الآلاف من المنازل والكثير من بنية القطاع التحتية، في وقت لم تبدأ فيه عملية الاعمار.
معبر كرم ابو سالم بين إسرائيل وجنوب قطاع غزة يفتحه الجيش الاسرائيلي حينا ويغلقه احايين كثيرة، المعبر اغلقته اسرائيل منذ ان سيطرت حركة حماس عل القطاع في الفين وسبعة، آلية فحص ومراقبة البضائع فيه معقدة، تقيد السماح بإدخال وتوزيع مواد البناء والاسمنت من اسرائيل الى القطاع المحاصر.
الحكومة الاسرائيلية تخشى من ان يتم استخدام مواد كالحديد والاسمنت في اعادة بناء الانفاق كما يقول ايمانويل نحشون المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية.
“عندما تنظر الى الانفاق التي بنتها حماس، ترى تقريبا كل الاسمنت ومواد البناء التي دخلت القطاع في السنوات الاخيرة، قيل لنا ان الاسمنت لاغراض بناء وتشييد المدارس والمستشفيات والمباني العامة، لكن في الحقيقة وجدت هذه المواد في انفاق حماس، وعندما تفهم حركة حماس ان المواد التي تدخل غزة هي لأغراض ليست عسكرية عندها سنظهر تعاونا أكبر”.
الاولوية الاولى والمستعجلة تبقى اعادة اعمار بيوت الفلسطينيين قبل بدء موسم الشتاء، المرة الاولى التي سمحت فيها اسرائيل بإدخال مئات من اطنان الاسمنت والحديد كانت في الرابع عشر من اوكتوبر الماضي خلال زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كيمون لغزة. ووفقا للخبراء فان القطاع يحتاج الى ستة آلاف طن من الاسمنت يوميا لاعادة الاعمار، وتعمل الشركات على مراعاة الاجراءات الامنية ووضع كاميرات المراقبة والاستعداد لزيارات المفتشين الدوليين.
ماهر خليل المدير المالي بشركة الشمالي يقول:
“ المراقبون يزورون ويفتشون المخازن والمستودعات، ابلغونا ان الاسمنت يبقى هنا حتى يعطونا تعليمات جديدة، نعيش مشكلات يومية مع الناس، نقول لهم ان علينا احترام الآليات الدولية في توزيع المواد، هم قد لا يتفهمون موقفنا لانهم بحاجة ماسة الى الاسمنت”.
كل المزودين والمستلمين لمواد البناء، وضعوا على قائمة بيانات مثيرة للجدل، تحت سيطرة السلطة الفلسطينية والامم المتحدة واسرائيل، حيث لا يمكن لاي مشروع بناء في غزة ان يتم قبل مصادقة اسرائيل عليه، وهو ما يزيد من صعوبة بدء قطاع البناء وزيادة الأعباء على عمال غزة، ويفسر ذلك فارس ابو عمرة مدير شركة النهضة للمقاولات
“حاليا الاقتصاد الفلسطيني اصيب بشلل، ومع اقتراب الشتاء، سيكون صعبا على الذين دمرت مساكنهم، الناس يعانون كثيرا”. توقف اعادة الاعمار وتدمير اكثر من ثلاثمئة وخمسين موقعا ومنشأة صناعية، ترك الآلاف من العمال الفلسطينيين من دون عمل، كهذا المصنع للحلويات وهو الاكبر في قطاع غزة والضفة الغربية، ويستوعب اربعمئة وخمسين وظيفة مباشرة والكثير من الوظائف غير المباشرة.
هب ان مصنع الحلوى حصل على الضوء الاخضر لإعادة البناء فانه لا يقوى على النهوض والخروج من تحت الرماد وفقا لمنال حسن المديرة التنفيذية لمصانع العودة.
“حتى لو توفرت مواد البناء بالاسواق، نحتاج الى الاموال النقدية لشراء واعادة بناء المصنع والمبنى برمته، ولن نتمكن من ذلك الآن لان الاموال غير متوفرة، ولا مساعدة من اي طرف للبدء بالعمل واعادة الاعمار”.
ترى السلطة الفلسطينية وجزء من المجتمع الدولي ان الآليات المتفق عليها تحت رعاية الامم المتحدة لاعادة اعمار غزة المحاصرة تزيد فقط من قسوة القيود الاسرائيلية على القطاع، وهو ما من شأنه ان يفجر الاوضاع بحسب وزير الاشغال العامة والاسكان بحكومة الوحدة الفلسطينية مفيد الحساينة:
“مع هذا النوع من الآليات فان اعادة الاعمار ستستغرق نحو عشرين سنة، هذا لا يصدق، لن نبني غزة مطلقا، هذا يعني اننا سنفشل، كل يوم اذهب فيه الى مكتبي اجد مئتي شخص يأتون الى هناك ويصرخون ويهددونني، يقولون: ما الذي فعلته لأجلنا، لا شيء، حكومتك لم تفعل شيئا، هذا يعني اننا ان فشلنا كحكومة الاجماع الوطني سنواجه المشكلات، وهو ما يجعل المنطقة في وضع غير مستقر”.
تمسك اسرائيل بمفاتيح المعابر مع غزة، وتشترط لفتحها سيطرة عناصر الامن التابعين للسلطة الفلسطينية على المعابر بدلا من شرطة حماس، حكومة الوحدة الفلسطينية شكلت المخرج للأزمة لكن الاختلافات البينية بين حركتي فتح محماس تفقد الحكومة مناعتها ومقاومتها على الصمود.
فحركة حماس مثلا اتهمت السلطة الفلسطينية بالتلكؤ في ارسال افراد قوات الامن لمعبر كرم ابو سالم جنوب القطاع لاستبدال شرطة حماس، وهو شرط اسرائيلي لتخفيف ادخال البضائع للقطاع المحاصر.
المجتمع الدولي تعهد بتقديم اكثر من اربعة مليارات يورو لمساعدة غزة، الاتحاد الاوروبي وحده تعهد بتقديم اربعمة وخمسين مليون يورو للعام المقبل الفين وخمسة عشر.
لكن الاموال وحدها والمساعدة الاقتصادية لن تجلب مستقبلا مستقرا للمنطقة بحسب ممثل الاتحاد الاوروبي بالقدس غات روتر:
“التحدي الحقيقي التاكد من ان لدينا هذا الاتفاق، وان يطبق بنوايا طيبة، لا اعتقد ان الاتفاق بحد ذاته هو الجواب على كل القضايا بغزة، لكن الحل المتين الموجود لغزة هو الحل السياسي بين فلسطين واسرائيل، في اطار عملية سليمة”.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين اونروا ما تزال تحصي الاضرار الناجمة عن العدوان الاخير على القطاع، وقدرت البيوت المهدمة كليا او جزئيا بنحو مئة الف بيت الحقت اضرارا باكثر من ستمئة الف فلسطيني. اوضاع مأساوية تنذر بالتصعيد مع استمرار الاغلاق الاسرائيلي للمعابر. يقول كريستوفر غونيس المتحدث باسم الأونروا:
“وقت الاعمال الانسانية والاغاثية انتهى، نحتاج الى فعل سياسي، وتحديدا من الاوروبييين والاميركيين،هم يعلمون بالضبط اي المقابض يرفعونها، وعليهم ان يرفعوها وبشكل عاجل، لان الكارثة الانسانية في غزة كبيرة جدا”.
الاونروا استضافت مراكز تجمع في مدارسها لايواء العائلات التي باتت من دون منازل، وعائلات اخرى لا خيار لها الا البقاء فيما تبقى لها من منزل طاله قصف الطائرات الاسرائيلية، حال فاطمة هو حال الكثيرين في غزة، تسكن واربعة عشر من افراد عائلتها في حي الشجاعية الذي دمرته اسرائيل، كل شيء قابل للسقوط والانهيار هنا، اطفال مرضى وظروف صحية مزرية، المهندسون ابلغوا فاطمة ان عليها الرحيل من البيت لكن لا خيار امامها الا البقاء مع رفض صاحب ارض مجاورة بناء حاويات كبيوت مؤقتة، فاطمة فقدت الايمان بوعود العرب والعالم.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها