الرئيس الفرنسي في تونس يخالف بخطابه أسلافه

الرئيس الفرنسي في تونس يخالف بخطابه أسلافه
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

لم يأت الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى تونس فارغ اليدين، والرئيس الشاب لم يقدم خطابا مماثلا لأسلافه.

اعلان

في ثاني زيارة دولة له إلى تونس تعهد الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون بمضاعفة حجم استثمارات بلاده في تونس خلال السنوات القليلة المقبلة.

مساعدات مالية

وأعلن ماكرون عن تقديم مساعدات مالية تقارب الملياري يورو حتى سنة 2022، سيخصص جزء منها لمجال الأمن والدفاع ومكافحة التطرف، ومكافحة الهجرة غير النظامية التي تنطلق من ضفاف المتوسط الجنوبية ومنها تونس، في وقت أضحى البحر الأبيض المتوسط مقبرة لمئات الأشخاص الذين خاطروا بحياتهم من أجل بلوغ شواطئ أوروبا، حيث يمثل المهاجرون النظاميون المغاربة في فرنسا 80% من أصل بقية المهاجرين العرب. وأعلن ماكرون عن مساعدات أخرى بأقل من مائتي مليون يورو، مخصصة لتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة ودعم ريادة الاعمال ودعم الإصلاحات في المؤسسات العامة.

تحفظ إزاء تجاوزات

وتأتي زيارة ماكرون إلى تونس على وقع حالة من الغضب الشعبي إزاء صعوبة الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة، حيث بلغت نسبة البطالة في تونس 35%، وقد شهدت مناطق عدة في البلاد احتجاجات وصدامات مع قوت الأمن واعتقالات لمئات الأشخاص الشهر الماضي، واختلطت المسيرات الاحتجاجية السلمية بأعمال متفرقة من النهب والتخريب، وكان تدخل قوات الأمن حينها قد جوبه بانتقادات أحزاب ومنظمات غير حكومية محلية ودولية، مثل منظمة هيومن رايتس ووتش التي أدانت السلوك الوحشي للشرطة، وقالت إن الشرطة التونسية عنفت موقوفين ومنعتهم من حق الاتصال بمحامين طبقا للقانون. في السياق ذاته أشار ماكرون إلى الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها تونس، قائلا إنه يتعين اعتماد إصلاحات مؤلمة، لكنه لم يعلق فيما يبدو على حدث من تجاوزات رافقت الاحتجاجات الأخيرة.

ربيع لم ينته في تونس

وقال ماكرون إن الربيع العربي الذي ولد في تونس سنة 2011 لم ينته وبراعمه تنمو وصفحته لم تطو بعد، وينبغي أن ينجح انتقاله الديمقراطي ليكون نموذجا. وتابع الرئيس الفرنسي قائلا إن تونس قادت ثورة ثقافية عميقة من بين وجوهها حرية الضمير والمساواة بين المرأة والرجل والتي تضمنها دستور 2014، وأنه تم إرساء دولة مدنية، كان كثيرون يعتقدون أنها مستحيلة، وقد تم بذلك تكذيب من قال إن المجتمعات المسلمة لا تتوافق مع الديمقراطية. وفي هذه الظروف تنتظر تونس تنظيم أول انتخابات بلدية منذ اندلاع الثورة في مايو المقبل، وينتظر أن تجسم الانتقال الديمقراطي في البلاد، بعد سبع سنوات من اندلاع الثورة. لكن العثرات والخطوات المتثاقلة عديدة بدورها، مثل تأخر إرساء المحكمة الدستورية وضعف الهيئة العليا للانتخابات، وقضاء مازال يثير الكثير من الجدل، وآداء عشوائي لعناصر شرطة في البلاد مازال يوحي بأن ممارسات مهينة أو خارجة عن القانون مازالت قائمة، في حين كان يعتقد أنها ذهبت دون رجعة. أما على مستوى التوافق السياسي بين كبرى الكتلتين الحاكمتين وهما حزب نداء تونس الذي يوصف بالمعتدل وحزب النهضة الإسلامي فإنه أصبح محل انتقاد من شريحة سياسية واسعة، تعتبره تحالفا قد أضحى معطلا ومحجما لأي فعل سياسي بناء، لأنه تحالف عقد في زوايا مغلقة كما يقال، وهو ما خلق استياء في أوساط تونسية عدة، يراودها هاجس أن تكون هناك عودة مخطط لها لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بينما كانت تلك الأوساط بنت آمالا كبيرة، يوم بدأت ثورتهم.

أطر التعاون المتوسطي

واعتبر ماكرون أن المغرب العربي الذي تشكل تونس أحد أعضائه لا يمكن أن ينهض ما دامت الطريقة مقطوعة بين الشرق والغرب، وأعرب عن دور فرنسا لإيجاد استراتيجية متوسطية، واقترح ملتقى لقادة وأكاديمين من المتوسط لبحث استراتيجية مشتركة، بدء من دول الجنوب دولة دولة، مرورا نحو الشمال، وينظر إلى منطلق تنشيط تلك العلاقة، وجود 700 ألف تونسي يحملون الجنسية المزدوجة يعيشون في فرنسا، و30 ألف فرنسي يعيشون في تونس.

وتحدث ماكرون عن أطر التعاون تلك وأعلن إنشاء الجامعة التونسية الفرنسية للمتوسط وشمال إفريقيا لتكون قبلة للراغبين في مواصلة دراساتهم الجامعية الفرنيسة، بدلا من التحول إلى فرنسا، حيث يزاول 12 ألف طالب تونسي تكوينهم هناك وهم يمثلون ثلثي عدد الطلبة التونسيين في الخارج.

وتعد فرنسا التي تمثل سوقا تقليدية للسياحة في تونس ثاني مستثمر خارجي في تونس بعد الإمارات العربية المتحدة بحجم استثمارات يناهز 1.5 مليار يورو، ويبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين لعام 2015 حوالي 7.5 مليار يورو، ويوجد في تونس ما يزيد عن 1300 مؤسسة اقتصادية تشغل أكثر من 130 ألف شخص.

سياسة عربية غائبة

وركز الرئيس الفرنسي على ضرورة بناء سياسة جديدة مع المنطقة المغاربية، وقد طالب ماكرون خلال كلمته أمام مجلس نواب الشعب، في باردو الضاحية التونسية، بإيجاد سياسة إقليمية موحدة لدول المنطقة العربية وهي مشتتة اليوم، مشددا على ضرورة حل النزاع في ليببيا، مقرا بمسؤولية أوروبا ولاولايات المتحدة في حالة عدم الاستقرار التي يعرفها هذا البلد، و مشيرا إلى أزمة عميقة في العالم الإسلامي وانقسام بين من يريدون العودة إلى تقاليد أكثر محافظة وأخرى لن تكون أكثر تحررا.

وقال ماكرون إنه لا يمكن رسم سياسة عربية من خارج العالم العربي، وبين أن من يعتقد في إصلاح الأوضاع والصراعات بعيدا عن المنطقة آلاف الكيلومترات فإنه مخطئ، وأن الحل لا يكون إلا من داخل الشعوب. وقال ماكرون إن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن إلا بالحوار والاقرار بحل الدولتين وأن تكون القدس عاصمة للدولتين.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

ما قصة الرئيس الفرنسي مع "الطربوش التونسي"؟

ماكرون يعلن عن حزمة مساعدات لمواكبة تونس في مسارها الديمقراطي

تراجع الاحتجاجات في تونس وضغوط على الحكومة بسبب تنامي مشاعر الإحباط