جدل في المغرب بين "الفصحى" و "العاميّة"!

جدل في المغرب بين "الفصحى" و "العاميّة"!
إحدى المدارس في العاصمة المغربية الرباط. صورة من أرشيف رويترز. Copyright (Reuters)
Copyright (Reuters)
بقلم:  Hani Almalazireuters مع REUTERS WORLD (ARABIC)
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

جدل في المغرب بين "الفصحى" و "العاميّة"! مع بدء العام الدراسي تجدد الخلاف بشأن التدريس باللهجة المحكية

اعلان

مع بداية العام الدراسي في المغرب، عاد الجدل مجدداً ليفرض نفسه بشأن دمج اللهجة العامية في المقررات والمناهج الدراسية، وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي، وهو ما قوبل بانتقاد شديد، بلغ حد المطالبة بإقالة المسؤولين عن تبني هذا النهج في التعليم.

سبب الجدل "صورة"!

كان السبب في اشتعال هذا الجدل صورة في كتاب للغة العربية، مقرر على الصف الثاني في المرحلة الابتدائية، مصحوبة بكلمات توضيحية باللهجة العامية تداولها أولياء الأمور عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، معلقين عليها بالسخرية تارة، والتهكم والغضب والسخط تارة أخرى.

ويتعلق الجدل الذي بدأ مطلع أيلول سبتمبر الجاري بنص يصف حفل "عقيقة" على الطريقة المغربية، وهي وليمة يقيمها أهل المولود الجديد وتُقدم فيها لحوم الذبائح. وكان النص يصف ملابس الحاضرين للوليمة.

فيما أظهرت وجهات النظر المعلّقة والمعقّبة، مايشبه معركة في الآراء بين تيار المدافعين عن اللهجة المحكية الدارجة، وبين المتشبثين باللغة العربية الأصيلة (الفصحى)، خصوصاً أولياء الأمور الذين يريدون تنشئة أبنائهم بشكل سليم يحافظ لهم على هويتهم العربية، ويحفظ لهم سلامة الكلام والمصطلحات. وهو ما تدعمه رموز مجتمعية عديدة مثل المفكر المغربي عبد الله العروي وغيره.

لكن القلق لايزال يساور البعض من إمكانية تسلل بعض المصطلحات والمفردات إلى التلاميذ.

المواقف الرسمية تؤيد "الفصحى"

حزب الاستقلال المحافظ وصف إدخال العامية في التدريس بأنه "اختراق"، كما قرر البرلمان المغربي استدعاء سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، لمناقشة مسألة المقررات التعليمية والمناهج المدرسية.

وإزاء الجدل المجتمعي الدائر بهذا الشأن بادر رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بالتأكيد على تمسك الدولة باللغة الفصحى وعدم استخدام اللهجة العامية في التعليم.

وقال العثماني في تصريح نقلته عنه وكالة المغرب العربي للأنباء "لا يمكن أبدا استعمال الدارجة في التعليم، أولاً لأن اللغتين العربية والأمازيغية دستورياً هما اللغتان الرسميتان، وثانياً لأن القانون وهو الإطار الذي يؤطر العملية كلها، ينص على ضرورة التقيد باللغة المقررة في التدريس دون غيرها من الاستعمالات اللغوية، لقطع الطريق على استعمال الدارجة، وبالتالي لا يمكن العثور على تعابير أو جمل أو فقرات بالدارجة (اللغة المحكية) ضمن المقرر".

لكنه الوزير المغربي عاد ليوضح أن ثمة إجراءات يتعين اتخاذها لضمان الحفاظ على سلامة العملية التعليمية. وقال: "هناك بعض المقررات توجد بها كلمات فيها نقاش، وهذا النقاش يجب عرضه على المتخصصين لإيجاد الحلول، ونحن لا مشكلة لدينا للتراجع عن هذه المقررات، والطلب من الوزارة التي أصدرتها بأن تتراجع عنها، إذا كان المربّون واللغويون واللجان المعنية، بعد استشارة المجلس الأعلى للتربية والبحث العلمي، يرون ذلك".

ازدواجية وإشكالية في اللغة

وتعاني المملكة المغربية مما يصفه البعض بازدواجية لغوية في المدارس، سواء بين العربية واللهجات العامية، أو بين العربية ومصطلحات اللغة الفرنسية، لتبري لاحقاً مؤسسات وهيئات ومنظمات وجمعيات وتكابد من أجل إعادة الاعتبار للغة العربية، ومنها الائتلاف الوطني للغة العربية .

الكتب ليست من إعداد الوزارة

فؤاد شفيقي مدير المناهج بوزارة التربية الوطنية قال في تصريح نقلته رويترز "النص ليس فيه ولا تعبير واحد باللهجة المغربية، فيه مصطلحات وردت داخل النص بين مزدوجتين، الغاية منها هي أن يدرك الطفل اسم الشيء في علاقته بالصورة".

وأضاف أن وزارة التربية لا تؤلف الكتب المدرسية منذ العام 2002، فالكتب تُؤلف عن طريق طلب عروض بحيث يقوم فريق من الخبراء والباحثين لا علاقة لهم بالوزارة، بالتأليف بشكل مستقل ويتم تقديم الكتب إلى الوزارة لترى هل هي متوافقة مع المناهج وقيم المدرسة المغربية وما هو مسطر في برامج الوزارة، وحينئذ يتم اختيار أجود الكتب ويطبع عليها "مصادق عليها من طرف وزارة التربية الوطنية".

وتابع قائلاً "مؤلفو كتاب اللغة العربية للسنة الثانية بحثوا عن صور الأشياء، بحيث يكون الاسم ينطبق على الصورة، وهو الاسم أيضاً المتداول في المجتمع".

للمزيد على يورونيوز:

في المقابل، تعجب نور الدين عيوش عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وأحد أبرز المدافعين عن إدخال الدارجة في المقررات الدراسية خاصة في سنوات التعليم الأولى، من الضجة التي أحدثها إدخال بعض المصطلحات العامية إلى الكتاب المدرسي. وقال عيوش الذي دعا نشطاء لإقالته من منصبه: "المغاربة متخوفون من كل ما هو جديد، فالدارجة هي سوء تفاهم بين الأساتذة والشعب المغربي وبين لغته الأم، لأن كل بلد أينما كان في آسيا أو أفريقيا أو أمريكا اللاتينية.. له لغته الأم وتُعطى لها أهمية كبيرة". 

ورأى عيوش أن الهوية لا تأتي من اللغة الرسمية ولكن من اللغة المتداولة وقال "نحن نعبر بهذه الدارجة ونكتب بها مسرحيات ونصوصا سينمائية وشعرا وإنترنت.. و95% من المغاربة يتكلمون بها". وأضاف يقول "نحن لم نقل أن تأخذ العامية مكان اللغة العربية.. هذا غلط. اللغة العربية لها أهميتها وكتاب وشعراء يكتبون بها وهي تُحترم، لكنها بقيت لغة جامدة ومنطوية على نفسها ولا تريد أن تنفتح على اللغات الأخرى ولا تغير قواعد النحو".

وأضاف "في العامين الأولين ما قبل الابتدائي يجب أن يستقبل الطفل بلغته الأم حتى يحب المدرسة أكثر ويفهم الأشياء التي يدرسها الأستاذ، ثم نفسر له القيم والأخلاق التي رآها في البيت ولم تفسّر له، سواء من خلال ممارسات أو من خلال الأمثال الشعبية". وأشار عيوش إلى أنه بعد إصداره معجماً للغة العامية في 2016 سيصدر قريباً كتاباً لقواعد النحو بالدارجة.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شاهد: مغامر مغربي يبهر سكان سانتياغو بمشيه على حبل معلق بين ناطحتي سحاب

نائبة جزائرية توضح حقيقة تصريحات أطلقتها بشأن تهديد إبنتها بالقتل إذا تحدثت الأمازيغية