تونس ما بعد الانتخابات مسار عسير لتشكيل الحكومة في الآجال الدستورية
مفاوضات ماراثونية تعيشها تونس هذه الأيام، بهدف تشكيل الحكومة في آجالها القانونية.
خطوة تبدو معقدة، بالنظر للنتائج المفاجئة للانتخابات التشريعية والرئاسية، التي أفرزت مشهدا مشتتا.
فبعد أن تصدرت حركة النهضة نتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بحصولها على 52 مقعدا، من أصل 217، لها الحق دستوريا في تشكيل الحكومة.
النهضة والمشاورات المعقدة
في اتصال هاتفي خاص بيورونيوز، أكد رئيس الحكومة السابق علي العريض، وعضو مجلس الشورى لحركة النهضة، أن الحركة بدأت جملة من المشاورات مع الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية.
وقال العريض، ان المؤشرات تسير بشكل إيجابي، لكن لم يتوصل الحزب إلى اتفاق نهائي حول رئيس الحكومة والفريق االذي سيقود البلاد في الخمس سنوات القادمة.
وأوضح العريض ليورونيوز، أن الحركة هدفها سن برنامج قادر على تجميع أكبر عدد من الأحزاب داخل البرلمان، ليكون حزاما سياسيا قويا للحكومة، كما تسعى النهضة لحشد دعم المنظمات المدنية، على غرار اتحاد الشغل أكبر نقابة عمالية في البلاد، وغيرها من المنظمات الحقوقية.
وأكد علي العريض، أن الحركة في تواصل مستمر مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، لإطلاعه بآخر مستجدات المشاورات والبرنامج الذي ستتشكل حوله الحكومة.
ويقضي الفصل 89 من الدستور التونسي بأن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الحزب أو الائتلاف الفائز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية بتشكيل الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة.
تخوفات من عدم تشكيل الحكومة في الآجال الدستورية
عديدة هي المواقف المعلنة، الرافضة للدخول في شراكة حكومية مع النهضة، فقد عبرت أغلب الأحزاب الكبرى داخل البرلمان عن رفضها للمشاركة في حكومة تشكلها النهضة.
هذا العزوف عن مشاركة الحكم مع النهضة، يأتي نتيجة لتجارب سابقة عاشتها تونس منذ 2011، فكل الأحزاب التي شاركت النهضة في الحكم، كان مصيرها التفتت والإندثار سياسيا، كما هو الشأن مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل، وحزب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي نداء تونس.
هذه التخوفات المعلنة من جل الأحزاب، تضع النهضة أمام صعوبة تشكيل الحكومة في آجالها القانونية، فبالرغم من أنها صاحبة الأغلبية داخل البرلمان، إلا أنها لا تتحكم بكل الخيوط، ذلك ما يضعها أمام حتمية تقديم تنازلات، للحيلولة دون الفشل في تشكيل الحكومة في الآجال القانونية.
هل يلعب قيس سعيد دورا حاسما لتشكيل الحكومة؟
منذ تسلمه مقاليد السلطة، إنطلق قيس سعيد رئيس تونس الجديد، في مجموعة من الاجتماعات المكثفة، مع رؤساء الأحزاب الكبرى داخل البرلمان، للتشاور والتسريع بتشكيل الحكومة.
يتمتع قيس سعيد بدعم واسع داخل وخارج البرلمان، ويحظى بتأييد شعبي كبير، عوامل قد تساعده في حسم تشكيل الحكومة أو مساعدة النهضة، ذلك ما يأمله زعيمها راشد الغنوشي إثر ما صرح به خلال لقاء مع سعيد، حيث قال إنّه أطلع رئيس الدولة على النتائج الأولية للمباحثات التي أجراها حزب حركة النهضة مع عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنيّة في إطار تكوين الحكومة الجديدة.
من جانبه جدّد رئيس الدولة التأكيد على دوره الجامع لكلّ التونسيين والضامن لوحدتهم خدمة للمصلحة الوطنية، كما شدّد على أهمية اعتماد معيار الكفاءة في تكوين الحكومة الجديدة وتقديم برنامج في مستوى طموحات التونسيين، بعيدا عن كل المشاكل الحزبيّة، إثر اللقاءات التي جمعته برؤساء الأحزاب.