ماذا بعد عشر سنوات من اندلاع ثورات الربيع العربي؟

في الذكرى الثالثة لثورة 14 يناير/جانفي محتجون يدوسون على صورة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. 2014/01/14
في الذكرى الثالثة لثورة 14 يناير/جانفي محتجون يدوسون على صورة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. 2014/01/14 Copyright حسان الدريدي/أ ب
Copyright حسان الدريدي/أ ب
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

انطلقت ثورات شعبية في عدد من الدول العربية ضد التسلط والقمع والفقر، وأطاح الغضب برؤساء وأنظمة متجذرة في الزمن ومنفصلة عن الواقع ومتسلّطة وفاسدة، حكمت بلدانها بقبضة حديدية لعقود، وإن لم تأت دائماً بالحرية والرخاء المنشودين وحده الرئيس السوري بشار الأسد صمد في وجه الثورة والعزلة والحرب والنقمة.

اعلان

قبل عشر سنوات تقريبا، في كانون الأول/ديسمبر 2010، أضرم بائع متجول في نفسه النار في سيدي بوزيد، وهي منطقة تونسية تعاني من التهميش، احتجاجا على مصادرة بضائعه، ومات. شكل هذا العمل اليائس الذي قام به شاب عاطل عن العمل ينوء تحت ثقل هموم الحياة وتضييق السلطات، شرارة زلزال إقليمي، انطلقت ثورات شعبية في عدد من الدول العربية ضد التسلط والقمع والفقر.

كانت أماني الغيماجي في الثامنة عشرة من عمرها حين شاركت في المظاهرة الكبرى في تونس، ضد نظام زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير ، مظاهرة أطاحت به، وألهمت شعوبا أخرى للسير في الاتجاه نفسه بغية الإطاحة بحكام مستبدين. وتقول أماني: "لم تكن لدينا أية خطة للمستقبل، لكننا كنا متأكدين من شيء واحد، وهو أن الآتي سيكون في كل الأحوال أفضل مما نحن فيه".

من تونس إلى طرابلس مرورا بمصر أو بسوريا، مثلت موجة الاحتجاجات بالنسبة لأولئك الذين شاركوا فيها مرحلة مبهجة زرعت بذور الأمل.

ثأر فخيبة وأمل

من جهته يقول المحامي عبد الناصر العويني إنه عاني المضايقات والسجون في تونس منذ سن 18 عاما، وفي اليوم الذي أطيح فيه بنظام بن علي خرق العويني حضر التجول الليلي ليطلق صيحاته المهللة أمام مبنى وزارة الداخلية بهروب بن علي، وعرف شريط يصوره في ذلك اليوم انتشارا واسعا على الانترنت.

ولكن المحامي الذي كان يبلغ من العمر 40 عاما يومها يعترف اليوم بأنه أصيب بخيبة أمل، فالبطالة والتضخم واللامساواة التي ثار الناس بسببها ما زالت تبدد الأحلام، والطبقة السياسية في تونس تتمزق، ورغم ذلك يتمسك العويني بأنه هناك أمل دائما.

أما منشطة المنتديات التي غذت الاحتجاجات على الإنترنت هويدة أنور، فتقول إن الناس في بداية 2011 كانوا يعتقدون أن مغادرة بن علي ستؤدي إلى إصلاح الأمور، بينما قد يتطلب ذلك عقدين أو ثلاثة برأيها، وهي ليست متأكدة من أنها سترى ساحة سياسية جديرة بهذا الإسم على المدى القريب، ولكنها تقول إنها متفائلة، لأنه لن يكون هناك تراجع ممكن عن الحريات المكتسبة والتعددية السياسية.

وتضيف هويدة إنها حين تنظر إلى عودة القبضة الحديدية في مصر، فإنها تقدر المسافة التي تم قطعها في تونس، البلد الوحيد الذي يواصل طريقة بتبني دستور جديد وانتخابات ديمقراطية.

كريستوف إينا/أ ب
متظاهر يحرق صورة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين ين علي في تونس. 2011/01/24كريستوف إينا/أ ب

إيمان متواصل

ففي مصر وبعد ثلاث سنوات مضطربة وعزل الجيش للرئيس محمد مرسي، عوض نظام قمعي يقوده المشير عبد الفتاح السيسي معوضا نظام حسني مبارك.

ويقول مدير اللجنة المصرية للحقوق والحريات محمد لطفي إن الآمال موجودة، بعد مضي عشر سنوات في صفوف الجيل الشاب والذين كانوا أطفالا زمن الثورة، غير أن الحكومة تفعل ما بوسعها لقتل حلم الخامس والعشرين من يناير على حد تعبيره.

أما في ليبيا وسوريا واليمن فإن إضعاف السلطة المركزية مازال يتسبب في إحداث الدمار. مجدي الشاب الليبي البالغ من العمر 36 سنة ليس نادما على مشاركته في الاحتجاجات حتى سقوط النظام الدكتاتوري للعقيد معمر القذافي، والثورة بالنسبة للشاب الليبي كانت ضرورية وهو يعتقد ذلك إلى اليوم.

كان مجدي طالبا عندما أطلقت القوات الليبية الرصاص يوم 15 يناير 2011 في بنغازي، على أفراد العائلات المطالبة بتحقيق العدالة لأقاربهم، الذين قتلوا سنة 1996 في سجن للمعتقلين السياسيين في طرابلس.

ويذكر مجدي أن البلد كان تحت وقع الصدمة، حيث خرج الناس في عديد المدن تلقائيا في بداية الثورة تعبير عن تضامنهم، ولم يكن مطروحا بالنسبة إليهم إسقاط النظام، كان مطلبهم مزيد من الحريات والعدالة والأمل، على حد تعبيره.

ويقول مجدي: "كنا نتبع ما يحدث في تونس ومصر، وقد جاء دورنا وكان التغيير حتميا، ولكن مع وقفة تأمل الآن وبالنظر لما جرى، لا اعتقد أننا كنا نعي حجم الخسائر التي تسبب فيها نظام القذافي على مستوى أسس الدولة".

وبعد مقتل القذافي في تشرين الأول/أكتوبر 2011، دخلت ليبيا في دوامة من العنف بين القبائل ومجموعات مسلحة تنادي بالجهاد أرادت أن تستفيد من حالة الفوضى، وزادت التدخلات الخارجية من تأزيم نزاع مستمر إلى اليوم.

خليل حمرا/ أ ب
متظاهرون برفعون أعلام مصر وتونس وليبيا في ساحة التحرير في القاهرة محيطين بمدرعة للجيش المصري. 2011/01/25خليل حمرا/ أ ب

الحلم لدى سوريين لم يذبل

كذلك كان الشأن في سوريا، كان الناس يطالبون بالإصلاح فقط، كما يقول دحنون، الذي كان يبلغ من العمر حينها 15 سنة. لقد انطلقت الاحتجاجات من جنوب البلاد في درعا في 19 آذار/مارس، ومنذ ذلك الوقت أخذت موجة الاحتجاجات ضد نظام الأسد تتوسع بسرعة.

وقد شهد دحنون أول مظاهرة قمعت بالرصاص، وذلك ما حول الطابع السلمي للحركة الاحتجاجية، ويقول هذا الطالب في العلوم السياسية من إدلب، آخر منطقة خارج سيطرة بشار الأسد: "لقد هاجمنا معربدون يعملون لحساب النظام وعناصر من قوات الأمن". وقد أدت الحرب في سوريا إلى مقتل أكثر من 380 ألف شخص وتشريد وتهجير ملايين النازحين واللاجئين.

أ ب
محتجون ضد النظام السوري في مدينة الزبداني قرب الحدود اللبنانية. 2012/01/20أ ب

وقد تدخلت روسيا إلى جانب الأسد، فيما تدخلت تركيا إلى جانب فصائل معارضة فيما زرع تنظيم داعش الرعب. ويأسف دحنون لأن السوريين لم تعد له كلمة فيما يجري، وأن القوى الخارجية هي التي تقرر في نهاية الأمر، وقال: "سوريا لم تعد بأيدينا".

بعد عشر سنوات يعد بشار الأسد الطاغية الوحيد الذي لم تتمكن ثورات الربيع العربي من إزاحته من منصبه. واليوم جعلت الحرب والأزمة الاقتصادية والعقوبات الغربية سوريا تعاني. أما المعارضة السياسية فقد فشلت في تكوين جبهة موحدة وقد تلاشت تقريبا، تاركة الطريق مفتوحة أمام الرئيس السوري لخوض انتخابات متوقعة سنة 2021.

اعلان

ولكن حلم المحتجين لم يذبل عند الجميع، والمدرس أبو حمزة وهو من درعا يريد أن يعتقد في أن الأمور لا يمكن أن تستمر، على نحو تكون فيه جائعا، وقد تحررت في الآن نفسه من الخوف.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

أغان طبعت ثورات الربيع العربي منذ 2011

قيس سعيّد يعلن عن مقترح قطري تونسي لعقد حوار إسلامي غربي

وزير الخارجية الإيراني يتوعد من دمشق: "الكيان الصهيوني سيعاقب على جريمته"