فاليري جيسكار ديستان أوروبي في الصميم ورئيس شاب أراد تحديث فرنسا

فاليري جيسكار ديستان أوروبي في الصميم ورئيس شاب أراد تحديث فرنسا
Copyright Pavel Golovkin/AP
Copyright Pavel Golovkin/AP
بقلم:  يورونيوز مع أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

مغادرته منصبه كرئيس لفرنسا سنة 1981، غرق فاليري جيسكار ديستان في مرحلة اكتئاب عميق. وكتب العام 2006 يقول: "لا أشعر بالمهانة بل بشيء أكثر قساوة، هو الاستياء من عدم إنجاز المهمة"، وكان جيسكار ديستان يسعي إلى تحقيق هدفه المطلق: أن يصبح رئيسا لأوروبا.

اعلان

كان فاليري جيسكار ديستان الذي توفي الأربعاء عن 94 عاما جراء إصابته بكوفيد-19، أصغر رئيس للجمهورية الخامسة في فرنسا عندما انتخب العام 1974، وأراد تجسيد الحداثة المنبثقة عن اليمين الوسط الليبرالي والديموقراطية المسيحية، التي بنت أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ولد جيسكار ديستان في الثاني من شباط/فبراير 1926 وانخرط العام 1944 في سن الثامنة عشرة في صفوف الجيش. وكان يجاهر باعجابه برجلين هما الجنرال شارل ديغول وجان مونيه مهندس الوحدة الأوروبية.

انتخب جيسكار ديستان رئيسا للبلاد في سن الثامنة والأربعين العام 1974، متغلبا على فرنسوا ميتران وأصبح أول رئيس لا ينتمي إلى التيار الديغولي يتولى الحكم في فرنسا.

وبانتخابه هبت رياح التغيير على البلاد بعد سنوات حكم ديغول وجورج بومبيدو. وقد أضفى على الإصلاحات التقدمية مثل خفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة وتشريع الإجهاض، أسلوبا غير مسبوق مع ممارسته رياضة التزلج أو كرة القدم، ومشاركة ابنته في ملصقات حملته الانتخابية، فضلا عن زوجته آن إيمون خلال توجيه التمنيات بمناسبة السنة الجديدة عبر التلفزيون.

وقد تخلى الرجل الطويل القامة عن الأبهة الرئاسية في الصورة الرسمية، وعمد إلى تفتيح اللونين الأحمر والأزرق في العلم الفرنسي، وأبطأ وتيرة لحن النشيد الوطني.

وكان فاليري جيسكار ديستان يعزف الأكورديون ويحل ضيفا على موائد الفرنسيين، ويستضيف في قصر الإليزيه الرئاسي عمال تنظيفات من مالي على وجبة فطور بمناسبة عيد الميلاد، محدّثا التواصل الإعلامي الذي كان مغلقا حتى ذلك الحين.

لكن رغم ذلك، كان جيسكار ديستان نتاجا صرفا للنخبة الفرنسية، فقد تخرج من معهد بوليتكنيك ومدرسة الإدارة العليا، وتميز في صفوف الجيش خلال تحرير فرنسا، ومن ثم خلال ثمانية أشهر في ألمانيا والنمسا حتى استسلام ألمانيا. ولد جيسكار ديستان في كوبلنز في ألمانيا، عندما كانت تحتلها القوات الفرنسية وهو ينتمي إلى عائلة بورجوازية كبيرة.

المبادر إلى مجموعة السبع

دخل جيسكار ديستان إلى الحكومة في العام 1959 وتولى حقائب وزارية عدة، لا سيما الاقتصاد والمال في الستينات والسبعينات. وقد تغلب على جاك شابان ديلماس فارضا نفسه زعيما لليمين، حتى فوزه بالرئاسة العام 1974.

وبعد بدايات واعدة، عرف جيسكار ديستان أول أزمة مع استقالة رئيس الوزراء جاك شيراك العام 1976، وهو من بادر إلى تشكيل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وأعطى دفعا حاسما للمحور الفرنسي-الألماني إلى جانب المستشار الألماني هلموت شميد.

إلا أن شعبيته عانت بعد ذلك بسبب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الأزمة النفطية وقضايا مختلفة، مثل انتحار روبير بولان أحد الوزراء الفرنسيين المشبوه والماسات التي قدمها له رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فضلا عن تغيير في سياسته التي باتت محافظة أكثر وتميل إلى التقشف الاقتصادي.

في العاشر من أيار/مايو 1981 فشل جيسكار ديستان في الفوز بولاية ثانية أمام فرنسوا ميتران، الذي تفوق عليه بمليون صوت وبات بذلك أول رئيس يساري في الجمهورية الخامسة، التي أرسيت العام 1958، وأقر جيسكار ديستان لاحقا "لم أتصور يوما أنني ساهزم".

وبعد مغادرته التي لا تنسى إذ ترك مقعدا فارغا خلال آخر كلمة متلفزة له، غرق فاليري جيسكار ديستان وهو الرئيس السابق الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة، في مرحلة اكتئاب عميق. وكتب العام 2006 يقول: "لا أشعر بالمهانة بل بشيء أكثر قساوة، هو الاستياء من عدم إنجاز المهمة".

فشل أوروبي

انتخب مستشارا عاماً العام 1982 في معقله في شاماليير (وسط) ومن ثم نائبا في 1984 وتوقع كثيرون أنه يخطط لترؤس حكومة التعايش الأولى العام 1986، ولكن جاك شيراك اختير في نهاية المطاف، إلا أنه أصبح مجددا أحد قادة اليمين بتزعمه مرة جديدة حزبه الوسطي، الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية.

زمع ذلك لم يترشح للرئاسة الفرنسية العام 1988 لاقتناعه بأنه سيعاد انتخاب فرنسوا ميتران. وبعد سبع سنوات على ذلك عدل عن الترشح أيضا، بعدما توقعت استطلاعات الرأي حصوله على 2 بالمئة من الأصوات فقط. واعتبارا من النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي بدأ تياره السياسي الخاص يتلاشى في المشهد السياسي الفرنسي.

إلا أن الرئيس السابق وهو أوروبي في الصميم، واصل السعي إلى تحقيق هدفه المطلق: أن يصبح رئيسا لأوروبا. في العام 2001، تولى رئاسة الاتفاقية من أجل أوروبا المكلفة صياغة دستور أوروبي سيرفض بنتيجة استفتاء (55 بالمئة) في العام 2005.

وانتخب خبير الاقتصاد البارع الذي ألف كتبا عدة من بينها رواية تخيل فيها علاقة مع الأميرة ديانا، عضوا في الأكاديمية الفرنسية العام 2003 ليحل مكان الرئيس السنغالي السابق ليوبولد سيدار سنكور.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

المظاهرات ضد قانون الأمن الشامل: الداخلية الفرنسية تعلن توقيف 95 شخصاً وإصابة 67 شرطياً بجروح

شاهد.. فرنسا تحتفل بالذكرى الـ 80 لنداء الجنرال ديغول من الإذاعة البريطانية

ظنوا أنها نائمة.. ركاب يكتشفون وفاة راكبة على الطائرة أصيبت بنوبة قلبية قاتلة