قلقٌ بين المسلمين بشأن لقاح كوفيد-19.. أهو حلالٌ أم حرام؟!

Muslim women ride a motorbike past a coronavirus-themed mural in Jakarta, Indonesia, Thursday, Sept. 10, 2020. Writings on the mural read "Let's fight coronavirus together"
Muslim women ride a motorbike past a coronavirus-themed mural in Jakarta, Indonesia, Thursday, Sept. 10, 2020. Writings on the mural read "Let's fight coronavirus together" Copyright Tatan Syuflana/Copyright 2020 The Associated Press. All rights reserved.
Copyright Tatan Syuflana/Copyright 2020 The Associated Press. All rights reserved.
بقلم:  يورونيوز مع أ ب
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

في حين انشغل الدبلوماسيون الإندونيسيون في الصين بوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة التي تضمن وصول الملايين من جرعات اللقاح إلى مواطنيهم، كان رجال الدين الإندونيسيون يبحثون أمراً مختلفاً وهو ما إذا كان لقاح كوفيد-19 مسموحاً استخدامه بموجب الشريعة الإٍسلامية.

اعلان

في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حطّت في إحدى مطارات الصين، طائرة تقلّ دبلوماسيين إندونيسيين ورجال دين مسلمين ينشدون من هذه الزيارة تأمين لقاح ضد فيروس كورونا لمواطنيهم في إندونيسيا.

وفي حين انشغل الدبلوماسيون الإندونيسيون في الصين بوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة التي تضمن وصول الملايين من جرعات اللقاح إلى مواطنيهم، كان رجال الدين الإندونيسيون يبحثون أمراً مختلفاً وهو ما إذا كان لقاح كوفيد-19 مسموحاً استخدامه بموجب الشريعة الإٍسلامية.

وبينما تتسابق شركات الأدوية لتطوير لقاح كوفيد-19، يتركز اهتمام الحكومات في مختلف أرجاء على العالم على تأمين الجرعات للمواطنين، وفي هذه الأثناء أثارت الأسئلة حول استخدام منتجات لحم الخنزير، المحرّم تناولها عند المسلمين، أثارت مخاوف بشأن احتمال تعطيل حملات التطعيم ضد فيروس كورونا.

اللقاح ومادة الجلاتين

تم استخدام الجيلاتين المشتق من لحم الخنزير على نطاق واسع كعامل استقرار لضمان بقاء اللقاحات آمنة وفعالة أثناء التخزين والنقل، علماً أن بعض الشركات عملت لسنوات على تطوير لقاحات خالية من لحم الخنزير، إذ أنتجت شركة الأدوية السويسرية نوفارتيس لقاحا خالٍ من لحم الخنزير ضد التهاب السحايا، في حين تعمل شركة "آج فارما" في السعودية وماليزيا حالياً على إنتاج لقاح خاص بها.

لكن الطلب وسلاسل التوريد الحالية والتكلفة والعمر الافتراضي الأقصر للقاحات التي لا تحتوي على جيلاتين الخنازير تعني أنه من المرجح أن يستمر استخدام المكون في غالبية اللقاحات لسنوات، كما قال الدكتور سلمان وقار ، الأمين العام للطب الإسلامي البريطاني جمعية.

المتحدثون باسم شركات "فايزر" و"موديرنا" و"أسترازينيكا" أوضحوا أن منتجات لحم الخنزير ليس مكوناً من لقاحات كوفيد-19 التي تعمل على إنتاجها، لكن محدودية العرض والصفقات الموجودة مسبقًا التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات مع شركات أخرى تعني أن بعض البلدان التي بها عدد كبير من المسلمين، مثل إندونيسيا ، ستتلقى لقاحات لم يتم اعتمادها بعد على أنها خالية من الجيلاتين.

"الضرر الأكبر"

ويشير الدكتور سلمان وقار إلى أن هذا يمثل معضلة للمجتمعات الدينية، بما في ذلك اليهود الأرثوذكس والمسلمين، إذ يعتبر تناول منتجات لحم الخنزير أمراً محرماً لديهم على اعتبار أنها مواد نجسة.

ويقول وقار: "ثمة اختلاف في الرأي بين علماء المسلمين حول ما إذا كنت تأخذ شيئا مثل جيلاتين الخنزير وتجعله يخضع لتحول كيميائي صارم"، مستطرداً بالسؤال: "هل بعد ذلك سيبقى مادة نجسة دينياً؟".

من جهته، يقول الأستاذ المساعد في جامعة سيدني، الدكتور هارونور راشد: إن ثمّة إجماع في الآراء بشأن استخدام جيلاتين الخنزير في اللقاحات، هو أنه مسموح به بموجب الشريعة الإسلامية ، لأن "الضرر الأكبر" سيحدث إذا لم يتم استخدام اللقاحات.

كما أن هناك تقييم مماثل بإجماع واسع من القادة الدينيين في المجتمع اليهودي الأرثوذكسي أيضاً، إذ يقول رئيس منظمة تزوهار الحاخامية في إسرائيل، الحاخام ديفيد ستاف: "وفقًا للقانون اليهودي، فإن حظر أكل لحم الخنزير أو استخدام لحم الخنزير محظور فقط عندما يكون يتم تناوله بطريقة طبيعية".

ويضيف موضحاً أنه "إذا تم حقنه في الجسم ، ولم يتم (أكله) عن طريق الفم" ، "فلا مانع ولا مشكلة خاصة عندما تنتابنا مخاوف من الأمراض".

ومع ذلك، كانت ثمة آراء أخرى حول هذه القضية، بعض تلك الآراء لها عواقب صحية خطيرة على إندونيسيا، التي تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم، بواقع 225 مليون نسمة تقريباً.

لقاح الحصبة.. مثالاً

في عام 2018 ، أصدر مجلس العلماء الإندونيسي، وهو الهيئة الدينية الإسلامية التي تصدر شهادات توصّف المنتجات بأنها إما حلالاً وإما حراماً، وفقاً للشريعة الإسلامية، في ذلك الحين أصدر المجلس قراراً بأن لقاح الحصبة والحصبة الألمانية كان "حراما" أو غير شرعي بسبب الجيلاتين، بعدها بدأ رجال الدين في حثّ الآباء على عدم السماح بتلقيح أطفالهم.

وتعليقاً على ذلك تقول مديرة مجموعة أبحاث سوق الرعاية الصحية راشيل هوارد: "ارتفعت حالات الحصبة فيما بعد، مما جعل إندونيسيا ثالث أعلى معدل للحصبة في العالم".

وتضيف هوارد إن مرسوما صدر في وقت لاحق عن هيئة رجال الدين المسلمين ينص على جواز تلقي اللقاح ، لكن المحرمات الثقافية لا تزال تؤدي إلى استمرار انخفاض معدلات التطعيم.

وتتابع قائلة: "توصلت دراساتنا إلى أن بعض المسلمين في إندونيسيا يشعرون بعدم الارتياح لقبول التطعيمات التي تحتوي على هذه المكونات (الجلاتين)" ، حتى عندما تصدر السلطة الإسلامية إرشادات تقول إنه مسموح بها.

قطع الطريق أمام الأخذ والرد

الحكومات اتخذت خطوات لمعالجة هذه القضية، ففي ماليزيا، حيث تم تحديد الوضع الحلال للقاحات باعتباره أكبر مشكلة بين الآباء المسلمين، تم سن قوانين أكثر صرامة بحيث يجب على الآباء تطعيم أطفالهم أو مواجهة الغرامات والسجن، وفي باكستان، حيث تضاءلت الثقة في اللقاح لأسباب دينية وسياسية، سُجن الآباء لرفضهم تطعيم أطفالهم ضد شلل الأطفال.

ولكن مع تزايد التردد بشأن اللقاحات وانتشار المعلومات المضللة في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك المجتمعات الدينية، يقول راشد إن مشاركة مجتمعية في عملية التوعية أمرٌ "ضروري للغاية". ويضيف "يمكن أن تكون كارثية" إذا لم يكن هناك مشاركة مجتمعية قوية من الحكومات والعاملين في مجال الرعاية الصحية.

اعلان

ويبدو أن الحكومة الإندونيسية تحاول قطع الطريق أمام الأخذ والرد في موضوع اللقاح، فآثرت أن تضم إلى الفريق المكلّف بعملية شراء لقاح كوفيد-19 هيئة من رجال الدين المعنيون بتوصيف المنتجات إن كانت حلالاً أم حراماً وفقاً للشريعة الإسلامية.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

السعودية تعلن عن حملة تطعيم للقاح فيروس كورنا المستجد على ثلاث مراحل

مؤسسة الغذاء والدواء في الأردن تجيز الاستخدام الطارئ للقاح فايزر

السودان يحصل على 8,4 مليون جرعة لقاح مضادّ لكوفيد-19 والأولوية للقطاعات المعرضة للإصابة