وشارك عدد كبير من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و19 عاما بشكل طوعي في برنامج التدريس الذي مولته وزارة الخارجية الفنلندية قبل إعادة الأطفال إلى فنلندا
في منزلها بالعاصمة الفنلندية هلسنكي تتصفح إيلونا تايميلا مئات المحادثات على شبكة "واتساب" مع تلاميذها السابقين، وهي رسائل تضم صورا لحيوانات ومجاميع رياضية وجمل بسيطة باللغتين الإنجليزية والفنلندية. تايميلا قدمت العام الماضي دروسا للأطفال الفنلنديين المسجونين بمخيم الهول على بعد حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر من هلسنكي بواسطة استخدام تطبيق المراسلة فقط. والهول مدينة خيام مترامية الأطراف ويقطنها حوالي 60 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال الذين نزحوا بسبب المعركة التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لطرد ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" من سوريا.
إيلونا تيميلا، تبلغ من العمر 51 عاما وتعمل كمستشارة تربية خاصة قالت عن مدرستها: "مؤسسة التعلم مدى الحياة تقوم بالتعليم عن بعد للأطفال الفنلنديين في الخارج منذ أكثر من 40 عاما".
وأوضحت إيلونا تيميلا أن بعض الأطفال الذين يدرسون عندها لم يعرفوا "ما هو المبنى" و"ما هو المنزل"، لأنهم ببساطة ولدوا وترعرعوا في المخيم. لذلك كان عليها أن تشرح لهم ما معنى المنزل، كما أن الأطفال يجهلون ما هو السري وما هو الكرسي أو الطاولة والمطبخ وهو دليل واضح على أنه يلزمهم الكثير للتعلم.
وشارك عدد كبير من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و19 عاما بشكل طوعي في برنامج التدريس الذي مولته وزارة الخارجية الفنلندية قبل إعادة الأطفال إلى فنلندا حيث يتمّ إرسال تمارين في عدة مواد كالرياضيات للأطفال وتكون الدروس مرفقة بصور وبيانات بسبب ضعف الاتصالات في الهول، وهو ما جعل تيميلا، وزميلتها تعتمدان استخدام الرموز التعبيرية في التعليم لتوضيح الدروس. وقالت إيلونا تيميلا: "بالفعل في اليوم الأول عندما بدأنا، كان الأطفال في غاية النشاط وأرسلوا لنا رسائل صوتية، وكانوا يقولون مرحبًا! وكان سماع أصواتهم أمرا رائعا حقا والتأكد من أننا نعّمهم وأنهم هنا وأننا سنجري محادثة ونقول كيف حالكم، تشرفت بلقائكم، وما إلى ذلك".
وحذر مراقبون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان من أن أطفال المخيم معرضون باستمرار لتهديد العنف ومشاكل الصرف الصحي والحرائق. وأوضح جوسي تانر المبعوث الفنلندي الخاص المكلف بضمان الحقوق الأساسية للأطفال الفنلنديين في الهول أن الأطفال بحاجة إلى الوصول للرعاية الصحية والتعليم والعودة إلى أرض الوطن في نهاية المطاف، واصفا المخيم "بالمكان البائس والخارج عن السيطرة".
ومع حظر الهواتف في المخيم، يجب أن تكون الدروس سرية كما يجب إخفاء المشروع الحساس سياسيا عن الجمهور الفنلندي. وقد أرسل جوسي تانر تفاصيل عن الفصول التطوعية للأمهات. وقالت تيميلا: "في نفس اليوم... ربما كان لدينا ثمانية أطفال". وسرعان ما سجل 23 طفلا فنلنديا في البرنامج من أصل 35 طفلا فنلنديا في المخيم.
ويدرس الأطفال مادة أو مادتين في اليوم بينما يتعلم الصغار دائما اللغة الفنلندية، ويتلقى الأطفال الأكبر سنا دروسا في الجغرافيا أو التاريخ، كما أراد بعضهم تعلم اللغة الإنجليزية.