بين فرنسا والمغرب.. رابط عاطفي وثقافي قويّ وعلاقة تشوبها توتراتٌ ظرفية

صورة أرشيفية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى استقباله العاهل المغربي الملك محمد السادس في قصر الإليزيه بباريس، 10 أبريل 2018.
صورة أرشيفية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى استقباله العاهل المغربي الملك محمد السادس في قصر الإليزيه بباريس، 10 أبريل 2018. Copyright AP Photo
بقلم:  يورونيوز
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

عشية مباراة تاريخية بين البلدين في الدور نصف النهائي في بطولة كأس العالم لكرة القدم، يقول المفكّر المغربي حسن أوريد إن "العلاقة بين المغرب وفرنسا ليست نسخة طبق الأصل لعلاقة فرنسا بالجزائر. فالعلاقة (بين باريس والرباط) أكثر هدوءًا" رغم وجود جوانب غامضة وتوترات ظرفية.

اعلان

بين رابط عاطفيّ قويّ وعلاقات اقتصادية وثقافيّة متنية، تمكّن المجتمعان الفرنسي والمغربي منذ أواخر حقبة الاستعمار، من إقامة علاقة فريدة وهادئة إجمالًا، لكن تضعفها خلافات سياسية مستجدّة.

عشية مباراة تاريخية بين البلدين في الدور نصف النهائي في بطولة كأس العالم لكرة القدم، يقول المفكّر المغربي حسن أوريد لوكالة فرانس برس إن "العلاقة بين المغرب وفرنسا ليست نسخة طبق الأصل لعلاقة فرنسا بالجزائر. فالعلاقة (بين باريس والرباط) أكثر هدوءًا" رغم وجود جوانب غامضة وتوترات ظرفية.

ويرى أوريد أن "هناك بلا شكّ فئات من المجتمع المغربي لديها علاقة عاطفية للغاية بفرنسا، هذه حال الطبقة البرجوازية والتكنوقراط من دائرة صنّاع القرار".

ووضع استقلال المغرب الذي أُعلن عام 1956، حدًا لـ44 عامًا من الحماية الفرنسية الاسبانية.

مذاك، ورغم المنافسة الإسبانية، إلا أن فرنسا هي أول شريك اقتصادي للمغرب وأول مستثمر أجنبي.

لا تزال الثقافة الفرنسية تحظى بشعبية كبيرة لدى النخب المغربية التي تلقّى عدد كبير من أفرادها التعليم في مؤسسات فرنسية.

في المجمل، هناك قرابة 54 ألف فرنسي مقيم في المملكة. في المقابل، تشير الإحصاءات المتوفرة إلى وجود أكثر من مليون مغربي مقيم في فرنسا، ما يزيد الزيجات بين الشعبين ويكرّس العلاقات العائلية الحميمة.

منافسون جدد

غير أن في المغرب، كما في سائر دول القارة الإفريقية، تُسجَّل منافسة للنفوذ الفرنسي من جانب أطراف جدد، والدليل على ذلك بروز مؤسسات تعليمية أميركية وكندية وبلجيكية في السنوات الأخيرة.

تشرح الكاتبة الفرنسية المغربية هاجر أزيل التي تعيش بين باريس والرباط، أن الأجيال الشابة خصوصًا "لجأت إلى الإنكليزية أولًا لأنها لغة التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن أيضًا لأن الفرنسية تُعتبر لغة النخبة".

تسجّل معاهد كونفوشيوس، النظير الصيني لمنظمة "أليانس فرانسيز" التي تسعى للترويج للثقافة واللغة الفرنسية في أنحاء العالم، أيضًا تقدّمًا قويًا، بينما يترسّخ محتوى القنوات التلفزيونية الخليجية أكثر فأكثر في المجتمع المغربي، ولاسيما في صفوف الطبقات الشعبية.

ويوضح أوريد أن "هناك فئات (من المجتمع المغربي) باتت متأثرة بالعروبة والإسلام، وبالنسبة إليها فرنسا ليست مجرّد دولة غربية، إنما عدو سيطر على المغرب واستعمره. هناك تحوّل".

تشير مديرة الأبحاث في "المركز الوطني للبحث العلمي" الفرنسي (CNRS) بياتريس إيبو لوكالة فرانس برس إلى أن "تنامي علاقات أخرى غير العلاقة مع فرنسا، هو أمر حتميّ ويشكل إعادة توازن، بفعل أيضًا تراجع النفوذ الفرنسي خصوصًا ذلك الاقتصادي والدبلوماسي".

يرى مراقبون أن فقدان النفوذ هذا يعود في المقام الأوّل إلى تراجع السياسة الثقافية والتعليمية الفرنسية خلال العقود الأخيرة في المغرب، رغم أنه يحظى بأكبر شبكة ثقافية للمعاهد الفرنسية في العالم.

وتشدد إيبو على أن المدارس والثانويات الفرنسية حيث كان يتلقى التعليم الفرنسيون مجانًا والمغربيون مقابل مبلغ زهيد، باتت أقساطها باهظة "وبشكل يفوق الخيال بالنسبة لغير الفرنسيين. وبات الناس يقولون في أنفسهم +إذا كنتُ سأدفع، ألن يكون من مصلحتي إرسال طفلي إلى مدرسة تعلّم الإنجليزية التي ستتيح له فرصًا أكثر في العالم كما هو حاليًا؟+".

لامبالاة فرنسية؟

ترى الباحثة أنه "لا ينبغي الاستخفاف بمسألة التأشيرات التي تُعتبر بالغة الأهمية"، موضحةً أن هذه السياسة الفرنسية تعتبرها الرباط "حقًا بمثابة صفعة، مع شعور حقيقي معادٍ لفرنسا وهدر كبير" يتنامى.

وقررت فرنسا أواخر العام 2021، تخفيض تأشيرات الدخول الممنوحة للمغاربة إلى النصف، مبررة ذلك برفض الرباط استعادة مهاجرين غير نظاميين تريد باريس ترحيلهم.

ووصفت الرباط حينها هذا القرار بأنه "غير مبرر" والمنظمات الانسانية غير الحكومية بأنه "مهين"، أما الأوساط المغربية الناطقة بالفرنسية فاعتبرته "أخرق".

يؤكد الباحث المغربي علي بوعبيد لفرانس برس أن القيود على التأشيرات "أغرقت المجتمع المدني بشكل مزعج ورغمًا عنه، في قضية تتجاوزه، مغذيةً في طريقها شعورًا بالعداء تجاه فرنسا". ويخشى الباحث من أن تترك هذه القضية أثرًا دائمًا لدى الرأي العام.

اعلان

وأعرب المدير السابق للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية ادريس خروز في مقابلة مؤخرًا عن قلقه من أن يشكل ذلك مؤشرًا على لامبالاة فرنسية محتملة تجاه المغرب. واعتبر أن "مركز اهتمامات النخب الفرنسية انتقل إلى مناطق أخرى ومواضيع أخرى، على غرار آسيا وروسيا والمتوسط والأطلسي. هناك نوع من التراخي الفكري، بينما أصبحت المصالح الاقتصادية بين المغرب وفرنسا استراتيجية بدرجة أكبر".

المصادر الإضافية • أ ف ب

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

حماس تتهم ائتلاف رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بالسعي إلى "حرب دينية"

الفلسطينيون يرون أن مونديال قطر "شكّل صفعة لفكرة التطبيع" بين إسرائيل والعرب

تضامنا مع الدولة العبرية.. ألمانيا تمنح الإسرائيليين فرصة البقاء على أراضيها ل 90 يومًا دون تأشيرة