بعد أيام من المشاورات، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفه الوسطي فرانسوا بايرو ليكون رئيس وزراء فرنسا، في محاولة لتوحيد البرلمان المنقسم في البلاد. وقد تم تعيين بايرو، البالغ من العمر 73 عامًا، يوم الجمعة 13 ديسمبر/كانون الأول، بعد تصويت تاريخي بحجب الثقة أدى إلى الإطاحة بالحكومة السابقة.
يُعرف بايرو بأنه مؤسس وزعيم حركة الديمقراطيين (مو ديم MoDem)، وقد شغل منصب وزير التعليم ما بين عامي 1993 و 1997 في حكومة محافظة. كما ترشح بايرو للرئاسة ثلاث مرات، وكانت أفضل نتائجه في عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19% من الأصوات المعبر عنها. وفي عام 2017، أصبح أحد أبرز داعمي ماكرون، متخليًا عن طموحاته الرئاسية، وتم تعيينه لفترة وجيزة وزيرا للعدل لكنه استقال سريعًا بسبب تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي المزعوم لحزبه.
التحالفات السياسية
تواجه الحكومة الجديدة تحديات كبيرة في ظل انقسام البرلمان إلى ثلاث كتل رئيسية منذ الانتخابات المبكرة التي دعا إليها ماكرون في حزيران / يونيو. إذ حصل تحالف الأحزاب اليسارية على أكبر عدد من الأصوات لكنه لم يحقق الأغلبية، فيما يأمل ماكرون أن تساعد خبرة بايرو وعلاقاته الجيدة مع مختلف الفصائل في إخراج فرنسا من الفوضى السياسية الحالية.
تتمثل المهمة الأساسية لرئيس الوزراء الجديد في تشكيل حكومة قادرة على العمل مع البرلمان لتمرير اتفاق الميزانية للسنة المقبلة، بعد أن انهار مقترح الحكومة السابقة.
ردود الفعل السياسية
على اليسار، يعبر بعض السياسيين عن قلقهم من أن بايرو قريب جدًا من ماكرون وأن الاستمرار في سياساته لا يحترم نتائج الانتخابات الصيفية التي حقق فيها اليسار أكبر عدد من الأصوات. ووصفت مانون أوبري من الحزب اليساري المعروف باسم " فرنسا الأبية" بايرو بأنه "تجسيد حقيقي للماكرونية"، بينما أكدت ماثيلد بانوت، رئيسة مجموعة اليسار المتشدد في الجمعية الوطنية، أن تعيين بايرو يمثل "استمرارية السياسات السيئة لماكرون".
وتمثل الميزانية نقطة خلاف رئيسية بين الأحزاب السياسية في فرنسا، حيث يبدو أن الخلافات متعمقة حول التوجهات المالية للحكومة الجديدة. وقد أشار جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، إلى وجود "خطوط حمراء" في المفاوضات المحتملة حول الميزانية، مؤكداً ضرورة أخذ آراء مختلف الكتل السياسية في الاعتبار.
بايرو في مرمى القضاء.. تفاصيل قضية المساعدين البرلمانيين
إضافة إلى الرهانات السياسية يواجه رئيس الوزراء الجديد فرنسوا بايرو قضية قانونية معقدة متعلقة باستخدام مساعدين برلمانيين في حزب الديمقراطيين (MoDem)، وقد بدأت القضية عام 2015 بتصريحات النائبة الأوروبية السابقة كورين لوباج التي اتهمت الحزب باستخدام وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي. وفتحت النيابة العامة في باريس تحقيقًا أوليًا في يونيو/تموز، عام 2017 بتهم "خيانة الأمانة" و"التستر"، مما دفع بايرو للاستقالة من منصبه كوزير للعدل.
أحيلت القضية للمحكمة الجنائية في باريس، حيث حوكم 11 شخصًا بينهم بايرو في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فيما طالب الادعاء بالسجن 30 شهرًا مع وقف التنفيذ وغرامة 70 ألف يورو وثلاث سنوات حرمان من الانتخابات مع وقف التنفيذ.
وفي شباط/ فبراير 2024، برأت المحكمة بايرو "لعدم كفاية الأدلة"، لكن النيابة العامة استأنفت الحكم.
ويُتهم بايرو بالتورط في نظام احتيالي يقضي باستخدام أموال البرلمان الأوروبي لتمويل موظفي الحزب، بقيمة 293 ألف يورو، ولم تحدد محكمة الاستئناف موعدا للنظر في القضية، ليبقى مستقبل القضية القانونية معلقًا.