يرى معدّو التحقيق أن تعزيز الشراكات الصناعية الدفاعية مع الشرق الأوسط قد يوفر "بديلًا جزئيًا" عن الوجود العسكري الأميركي المباشر والمكلف في المنطقة.
كشف تقرير صادر عن مركز غيموندر للدفاع والاستراتيجية التابع لمعهد الأمن القومي اليهودي الأميركي (JINSA) أن الولايات المتحدة تواجه أزمة متنامية في قدرتها الصناعية الدفاعية، وهو ما يهدد قدرتها على خوض أو دعم حروب طويلة الأمد في أكثر من مسرح قتالي في وقت واحد.
ويحمل التقرير، الصادر في سبتمبر/أيلول 2025 بعنوان "شركاء في الإنتاج: التعاون الأميركي - الشرق أوسطي لتعزيز قاعدتنا الصناعية الدفاعية"، توقيع الجنرال المتقاعد جوزيف ف. دانفورد، والسفير السابق إريك إيدلمان، والباحث جوناثان روحه. ويؤكد أن الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة أظهرت محدودية المخزونات الأميركية من الذخائر، خاصة قذائف 155 ملم، إضافة إلى قصور في أنظمة الدفاع الصاروخي وقدرة الصناعة الأميركية على تلبية الطلبات الطارئة في حال اندلاع صراع واسع مع قوى كبرى مثل الصين أو روسيا.
نقص الذخائر يهدد الردع
يشير التقرير إلى أن دراسات حديثة توقعت أن مخزون الذخائر الأميركية لن يصمد سوى أسابيع قليلة في حال اندلاع مواجهة كبرى، بينما يستغرق تعويضه سنوات طويلة. ويرى معدّو التحقيق أن هذا الوضع يضعف ما يسمّى بـ"الردع بالاستمرار"، أي قدرة واشنطن على إقناع خصومها بقدرتها على الصمود في حروب استنزاف ممتدة.
ويستشهد التقرير بتصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في صيف 2024، الذي حذر من أن "المخزونات صغيرة للغاية، والطاقة الإنتاجية متأخرة، والفجوات في التشغيل المشترك خطيرة".
الشرق الأوسط.. فرصة غير مستغلة
بحسب التقرير، تبرز إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين كشركاء محتملين قادرين على المساهمة في سد الفجوات وتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية.
فإسرائيل تمتلك قطاعًا تكنولوجيًا دفاعيًا متطورًا، يشارك منذ سنوات في تطوير أنظمة مثل القبة الحديدية ومقلاع داود وآرو بالتعاون مع الصناعات الأميركية. كما تسعى لتوسيع قدراتها التصنيعية لإنتاج مزيد من الذخائر والمواد الخام العسكرية.
أما السعودية، فبموجب "رؤية 2030" تخطط لتخصيص نصف ميزانيتها الدفاعية السنوية، التي تقارب 80 مليار دولار، للإنتاج المحلي. وقد وقعت اتفاقًا لتصنيع أجزاء من منظومة ثاد الأميركية المضادة للصواريخ، وتعمل على تطوير سلاسل توريد بديلة للمعادن النادرة والمواد الاستراتيجية التي تهيمن الصين على إنتاجها عالميًا.
في المقابل، تستثمر الإمارات في صناعة الرقائق الإلكترونية للذكاء الاصطناعي وأنظمة مكافحة المسيّرات، إلى جانب مساعيها للمشاركة في تنويع سلاسل التوريد العالمية.
خطة "ازحف - امشِ - اركض"
يقترح التقرير نهجًا تدريجيًا لتعزيز الشراكات الصناعية الدفاعية:
المرحلة الأولى (ازحف): التركيز على إنتاج المواد الخام ومكونات بسيطة مثل الشحنات الدافعة والصواعق لقذائف المدفعية.
المرحلة الثانية (امشِ): توسيع الإنتاج ليشمل مكونات أنظمة اعتراضية دفاعية وذخائر عالية الطلب.
المرحلة الثالثة (اركض): الانتقال إلى تطوير مشترك لتقنيات متقدمة، مثل أنظمة الطاقة الموجّهة لمواجهة الطائرات المسيّرة والصواريخ منخفضة الكلفة.
إصلاحات داخلية ضرورية
لكن التقرير يشدد على أن نجاح هذه الرؤية يتطلب إصلاحات داخلية في الولايات المتحدة، أبرزها تسريع إجراءات مبيعات السلاح الأجنبية، وتخفيف قيود الرقابة على الصادرات التي تعرقل مشاريع التصنيع المشترك، إضافة إلى تبني عقود شراء متعددة السنوات لتشجيع الشركات على زيادة الطاقة الإنتاجية.
بديل جزئي للوجود العسكري
يرى معدّو التحقيق أن تعزيز الشراكات الصناعية الدفاعية مع الشرق الأوسط قد يوفر "بديلًا جزئيًا" عن الوجود العسكري الأميركي المباشر والمكلف في المنطقة، من خلال توزيع عبء الإنتاج والتسليح على شبكة من "الحلفاء الموثوقين".
ويخلص التقرير إلى أن هذا النهج يمكن أن يدعم أمن المنطقة في مواجهة "التهديدات الإيرانية"، ويمنح واشنطن مرونة أكبر في تخصيص مواردها لمواجهة تحديات الصين وروسيا في مسارح أخرى، مع الحفاظ على استقرار الردع الجماعي.