بشكل مفاجئ، حذفت شركة "ميتا" حساب الصحفي والمصوّر الفلسطيني الراحل صالح الجعفراوي من منصة "إنستغرام"، بعدما تجاوز عدد متابعيه ثلاثة ملايين شخص. ويأتي ذلك بعد أن تعرّض الحساب في السابق لتعطيلات متكررة من قبل الشركة، على خلفية منشوراته التي وثّقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الجعفراوي، الذي قُتل منذ يومين برصاص عصابات مسلحة في غزة وفقًا للتقارير الإعلامية، كان من أبرز الصحفيين الميدانيين الذين وثّقوا بالصوت والصورة معاناة المدنيين خلال الحرب.
عمل الجعفراوي مصوراً مستقلاً لعدد من المؤسسات الإعلامية المحلية في غزة، وبرز اسمه خلال العامين الأخيرين بفضل مقاطع الفيديو التي نشرها من الخطوط الأمامية، والتي حصدت ملايين المشاهدات على "إنستغرام".
عرفه متابعوه بمهنيته العالية وإصراره على مواصلة التغطية الميدانية حتى اللحظات الأخيرة من حياته، رغم ما تعرض له من تضييق وحملات تشويه من جهات إسرائيلية شككت في مصداقيته.
كما تعرّض حسابه للإغلاق مراراً قبل أن يُحذف نهائياً، إلى جانب أرشيفه الكامل الذي وثّق سنوات من التغطية الميدانية.
وفي وقت سابق، وبعد أن أُغلق حسابه، كتب صالح الجعفراوي عبر منصة "إكس": "من قلب شمال قطاع غزة، ومن قلب الميدان، مكملين لو يحذفولنا ألف حساب تابعوني على منصة إنستغرام".
مخاوف من "محو للذاكرة الفلسطينية"
أثار حذف الحساب عبر "إنستغرام" موجة استنكار واسعة بين الصحفيين والناشطين، الذين حذروا من أنّ الخطوة تمثل شكلاً جديداً من محو الوثائق الفلسطينية رقمياً، واعتبروا أنّها قد تكون جزءاً من محاولات طمس الأدلة المتعلقة بما يوصف بـ"جرائم الحرب الإسرائيلية" في غزة.
كتبت الكاتبة الفلسطينية الأمريكية سوزان أبو الهوى عبر منصة "إكس": "قبل بعض الوقت، أخبرتني صديقة لي أنها تعتقد أن إسرائيل، من خلال العديد من أذرعها التكنولوجية، ستحاول محو أدلة جرائمها من الإنترنت قدر الإمكان. في ذلك الوقت، ظننت أن ذلك مبالغة، لكنني أعود اليوم إلى تلك المحادثة بعد أن أدركت أن ميتا لم تحذف حساب صالح الجعفراوي الأساسي الذي يضم أكثر من 4.5 مليون متابع فحسب، بل قامت أيضاً بمسح أرشيفه بالكامل".
وفي منشور آخر، كتبت إحدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي: "حين تمسح ميتا حسابات صالح الجعفراوي، فهي لا تستهدف الحاضر بل تمهّد لمعركة الذاكرة. من لا يملك أرشيفه يصبح تاريخه عرضة للتزوير. هم لا يخشون الحقيقة اليوم، بل يخشون أن تبقى غداً شاهدة عليهم".
وقالت ناشطة صومالية عبر منصة "إكس": "حذف الأرشيف لن يضر الحقيقة اليوم، لكن شركات التكنولوجيا تتحضّر للمستقبل، حيث لا حقيقة إلا بدليل رقمي من الماضي، فيحذفونه ليسهل عليهم إعادة كتابة التاريخ".
وتواجه شركة "ميتا" منذ سنوات اتهامات متكررة بتقييد المحتوى المتعلق بفلسطين. ويعتبر ناشطون أن هذه الممارسات تمثّل امتدادًا لسياسة تهدف إلى الحد من انتشار الرواية الفلسطينية وطمس الشهادات الرقمية التي تعكس الواقع الميداني.