Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

معبر رفح بعد الحرب.. فلسطينيون عالقون بين حلم العبور والتمسك بالأرض

معبر رفح، الخميس 16 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
معبر رفح، الخميس 16 أكتوبر/تشرين الأول 2025. حقوق النشر  AP Photo
حقوق النشر AP Photo
بقلم: محمد نشبت مع يورونيوز
نشرت في
شارك هذا المقال محادثة
شارك هذا المقال Close Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناه Copy to clipboard تم النسخ

رغم مرور أكثر من عشرة أيام على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، لا تزال بوابة غزة الجنوبية ــ معبر رفح ــ مغلقة، في مشهد يجسّد هشاشة التفاهمات السياسية واستمرار الصراع على إدارة الممر الذي يمثل شريان الحياة الوحيد لسكان القطاع المحاصر منذ نحو عقدين.

بعد أن سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر في مايو/أيار الماضي، توقفت حركة السفر والمساعدات بالكامل، وسط تبادل للاتهامات بين الأطراف الثلاثة المعنية: إسرائيل، وحركة حماس، والسلطة الفلسطينية، فيما تتوسط مصر لضمان آلية تشغيل جديدة برعاية الاتحاد الأوروبي.

بوابة معطّلة على حدود الهدنة

منذ السابع من مايو/أيار 2024، حين اجتاح الجيش الإسرائيلي مدينة رفح التي كانت الملاذ الأخير للنازحين من شمال ووسط القطاع، أحكم قبضته على الجانب الفلسطيني من المعبر، فأُغلق تمامًا في وجه المرضى والطلاب والعالقين. وتحول بعدها إلى ساحة تجاذب سياسي بين تل أبيب والقاهرة والسلطة الفلسطينية وحركة حماس.

وبحسب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن إعادة فتح المعبر "مشروطة بترتيبات أمنية تضمن عدم استخدامه لأغراض عسكرية من قبل حماس"، في حين تصف الحركة هذا الشرط بأنه "ابتزاز سياسي ينسف جوهر اتفاق وقف النار".

من جهتها، أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة نيتها استئناف العمل في المعبر جزئيًا لتمكين العالقين من العودة إلى غزة، غير أن إسرائيل رفضت التنفيذ وأبقت الجانب الفلسطيني مغلقًا "حتى إشعار آخر".

شاحنة مساعدات إنسانية تعبر البوابة المصرية لمعبر رفح متجهة للتفتيش قبل دخولها غزة، في 20 أكتوبر 2025.
شاحنة مساعدات إنسانية تعبر البوابة المصرية لمعبر رفح متجهة للتفتيش قبل دخولها غزة، في 20 أكتوبر 2025. Mohammed Arafat/AP

آلية تشغيل جديدة قيد النقاش

تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الأطراف المعنية تبحث صيغة جديدة لإدارة المعبر، تقوم على إشراف السلطة الفلسطينية بمساندة بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية (EUBAM Rafah)، على أن تحتفظ إسرائيل بصلاحيات المراقبة التقنية عبر منظومة تفتيش وكاميرات متصلة مباشرة بوحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT)، فيما تتولى مصر التنسيق الأمني والإشراف اللوجستي.

ووفق خطة العمل التي تم التوصل إليها خلال مفاوضات شرم الشيخ برعاية مصر وقطر وتركيا وبإشراف أمريكي، ستُفتح البوابة تدريجيًا أمام المساعدات الإنسانية أولًا، ثم أمام حركة الأفراد، مع إعطاء الأولوية للمرضى والطلاب وحملة الإقامات الأجنبية.

لكن الخطة ما زالت تواجه عقبات سياسية وأمنية، أبرزها إصرار إسرائيل على "تجريد غزة من السلاح" قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الهدنة، وهو ما يعطل تنفيذ البنود الميدانية حتى الآن. ويقول مراقبون إن الدولة العبريية تسعى إلى تحويل المعبر لـ"نقطة رقابة مشروطة" تضمن استمرار السيطرة غير المباشرة على القطاع دون الحاجة لوجود عسكري دائم داخله.

غزة بين الحصار والسياسة

أعاد إغلاق المعبر معاناة الغزيين إلى نقطة الصفر، إذ تحول الأمل بعودة الحركة الإنسانية إلى انتظار مفتوح، فيما تتسع الفجوة بين الخطاب السياسي والواقع الميداني.

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد سُجِّلت 47 خرقًا إسرائيليًا منذ دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ، أسفرت عن مقتل 38 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 140 آخرين في عمليات قصف مدفعي وجوي طالت مناطق مختلفة من القطاع خلال الأسبوع الأول من الاتفاق.

ويرى محللون أن استمرار هذه الانتهاكات يعكس هشاشة الاتفاق وتعدد الأطراف التي تحاول استثماره سياسيًا. وفي ظل غياب جدول زمني واضح لفتح المعبر، تتعمّق المأساة الإنسانية في قطاع يعاني من نقص حاد في الدواء والغذاء والكهرباء والمياه.

أصوات من غزة: بين حلم السفر وإرادة البقاء

رصدت "يورونيوز" شهادات عدد من سكان غزة حول رؤيتهم لإعادة فتح معبر رفح، وجاءت الأصوات متباينة بين من يرى في السفر فرصة للحياة والتعليم والعلاج، ومن يعتبر البقاء في غزة شكلاً من أشكال المقاومة والصمود في وجه النكبة المستمرة.

يبدأ حمزة صقر، طالب في الثامنة عشرة من عمره، حديثه بنبرة تجمع بين الأمل والخذلان، مستعيدًا حلمه المؤجل منذ عام 2023. يقول: "أنهيت الثانوية العامة في عام 2023 بمعدل 73% في الفرع الأدبي، وكان حلمي أن أتابع تعليمي في أوروبا، وأشارك في مؤتمرات تعليمية وثقافية، وأرى العالم من منظور أوسع. الحرب سرقت من أعمارنا، لكنها لم تسلب أحلامنا. أريد السفر لا هروبًا، بل لأعود إنسانًا يعرف العالم".

وبينما يحلم حمزة باجتياز المعبر نحو أفقٍ أوسع، يختار آخرون البقاء رغم قسوة الواقع. يقول عبد المنعم أبو صخر: "وضعي المادي والصحي صعب، لكنني سأبقى في مكاني، حتى لو فوق الركام. لن أغادر، أريد أن أعيش وأموت في وطني".

رجل فلسطيني يحمل صندوقاً من المساعدات الغذائية التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في خان يونس جنوب قطاع غزة، في 20 أكتوبر 2025.
رجل فلسطيني يحمل صندوقاً من المساعدات الغذائية التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في خان يونس جنوب قطاع غزة، في 20 أكتوبر 2025. Jehad Alshrafi/AP

ويتقاطع موقفه مع ما يقوله عدلي عياد، الذي يرى في البقاء معنى للحياة بعد الحرب: "ولدت في هذه البلاد، فكيف لي أن أتركها وأسافر؟ لا أستطيع العيش خارجها، فهنا أعيش أفضل، حتى وسط الدمار".

ومن مدينة دير البلح في وسط القطاع، يعبّر أحمد أبو السبح عن الموقف ذاته، لكن بنبرةٍ أكثر تحديًا: "انهدم منزلي واستشهد عدد من أفراد عائلتي، وضحّيت بكثير من الأشياء. كيف أترك وطني وأرحل؟ سأموت هنا ولن أغادر. وإن سافرت يومًا، فسأسافر إلى أرضنا المحتلة، لا إلى الخارج".

لكن بين الرغبة في الرحيل والإصرار على البقاء، تظهر أصواتٌ أخرى تملي عليها الضرورة وجهتها. تقول خديجة أبو صفية، المصابة مع أطفالها الثلاثة: "أتمنى أن تُتاح لي الفرصة للسفر من أجل تلقي العلاج، فغزة تفتقر إلى الدواء والرعاية الطبية. أنا وأطفالي الثلاثة مصابون، ووضعنا صعب للغاية. أرجو أن يُفتح المعبر لنتمكن من الخروج للعلاج، وبعد أن نتعافى سنعود بالتأكيد إلى غزة".

خروقات متكررة وتصدّع في مسار الهدنة

في تصعيد جديد يهدد استقرار الهدنة الهشة في قطاع غزة، شنّ الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد 19 تشرين الأول/أكتوبر 2025، سلسلة غارات جوية وقصفًا مدفعيًا على مناطق متفرقة من القطاع، أسفرت عن سقوط 45 قتيلًا وعشرات الجرحى، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وتبرّر إسرائيل هذه الهجمات بأنها "ردّ على خرق حماس للهدنة" فيما وصفت حركة حماس القصف بأنه "محاولة لإعادة رسم موازين القوى ميدانيًا وفرض وقائع جديدة قبل أي مفاوضات لاحقة".

معبر رفح مرآة التوازنات الجديدة

يرى محللون أن تكرار الخروقات خلال الأيام الأخيرة ينذر بانهيار الهدنة في أي لحظة، لا سيما أن البنود الأمنية المتعلقة بانسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة رفح لم تُنفَّذ بعد.

يقول الباحث السياسي سامي عفيفي إن قضية معبر رفح "تجاوزت بُعدها الإنساني لتتحول إلى ملف تفاوضي يعكس موازين القوى بعد الحرب". ويوضح أن إسرائيل "تحاول فرض واقع جديد يقيّد حركة حماس حتى في الملفات المدنية"، بينما تسعى السلطة الفلسطينية "لاستعادة حضورها في غزة عبر بوابة المعبر".

ويضيف عفيفي أن مصر تواجه "معادلة دقيقة بين التزاماتها الأمنية وضغوطها الإنسانية"، فهي لا تستطيع فتح المعبر منفردة من دون توافق دولي، لكنها تدرك أن استمرار الإغلاق يهدد بانفجار الوضع.

وحتى إشعار آخر، يبقى معبر رفح مغلقًا أمام آلاف المرضى والطلاب والعائلات التي تنتظر على أمل العبور. الهدنة ما زالت معلّقة على أسلاك السياسة، فيما تتكدس الأحلام خلف بوابة من حديد، بانتظار أن يتحول اتفاق الورق إلى واقعٍ يفتح طريق الحياة من جديد.

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك هذا المقال محادثة

مواضيع إضافية

فانس في إسرائيل وسط قلق أميركي.. وحماس تتحدث عن "تطمينات" بانتهاء الحرب في غزة

فانس يصل إلى إسرائيل.. ونتنياهو يبحث مع رئيس الاستخبارات المصرية "خطة غزة"

وقف إطلاق النار في غزة.. ترامب يهدد بالقضاء على حماس إذا خرقت الاتفاق