وفق القناة فإن سلاح مليشيا الأسطل، يتكوّن أساسًا من بنادق كلاشنيكوف يشتريها من مقاتلين سابقين في حماس عبر السوق السوداء.
كشف تقرير بثّته شبكة "سكاي نيوز" البريطانية عن تشكيل أربع ميليشيات محلية في قطاع غزة تقول إنها تعمل على مشروع مشترك باسم "غزة الجديدة"، وتعترف – بشكل مباشر أو غير مباشر – بتلقي دعم إسرائيلي في مجالات الإمداد والتموضع، وربما أيضًا في "التنسيق الميداني".
وبينت التفاصيل التي حصلت عليها "سكاي نيوز" أن هذه الميليشيات – التي يقودها كل من حسام الأسطل، وياسر أبو شبّاب، ورامي حلّاس، وأشرف المنسي – لا تزال تتمركز في مناطق ما زالت تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية، خلف ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، الحد الفاصل الذي رُسِم في اتفاق وقف إطلاق النار لتحديد نطاق انتشار الجيش الاسرائيلي.
في حديث حصري مع "سكاي نيوز" من قاعدته في جنوب غزة، قال الأسطل: "لدينا مشروع رسمي – أنا، ياسر أبو شبّاب، رامي حلّاس، وأشرف المنسي. نحن جميعاً من أجل "غزة الجديدة". وقريباً سنحقق السيطرة الكاملة على قطاع غزة ونتوحّد تحت مظلة واحدة".
وأظهرت لقطات حصلت عليها الشبكة عناصر من ميليشيا الأسطل في عرض عسكري قرب مقرهم، ما مكّن "سكاي نيوز" من تحديد موقع القاعدة بدقة لأول مرة: على طريق عسكري يوازي الخط الأصفر، على مسافة لا تتجاوز 700 متر من أقرب نقطة تابعة للجيش الإسرائيلي.
وأوضح الأسطل لـ"سكاي نيوز" أن العلاقة مع الجانب الإسرائيلي لا تتعدى التفاهمات اللوجستية: "أسمع صوت دبابات الآن أثناء حديثي، ربما في دورية، لكنني لست قلقاً. لا يهاجموننا، ولا نهاجمهم. اتفقنا، عبر المنسّق، على أن هذه منطقة خضراء لا يُستهدفها القصف أو إطلاق النار".
من المنفى إلى السجن ثم السلاح
وبحسب التقرير، نشأ الأسطل في ضاحية كانت يوماً خضراء في خان يونس، لكنه غادرها عام 2010 بعد مطاردة من حماس بسبب انتمائه إلى جماعات مسلحة موالية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقضى أحد عشر عاماً في الخارج، عمل خلالها في أجهزة الأمن التابعة للسلطة في مصر وماليزيا. وبعد عودته إلى غزة بشهرين، حُكم عليه بالإعدام عام 2018 بتهمة الضلوع في اغتيال عضو في حماس بماليزيا.
وروى لـ"سكاي نيوز" كيف هرب من سجنه بعد اندلاع الحرب: "تركونا مسجونين، آملين أن تقصف إسرائيل السجن وتتخلص منّا. وبعد شهرين، هدمْنا الأبواب وهربنا".
إمدادات عبر كرم أبو سالم
وفق الشبكة، فإن سلاح ميليشيا الأسطل، يتكوّن أساسًا من بنادق كلاشنيكوف يشتريها من مقاتلين سابقين في حماس عبر السوق السوداء. أما الذخائر والمركبات، فتدخل عبر معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) بعد تنسيق مع الجيش الإسرائيلي.
وأشارت "سكاي نيوز" إلى أن ياسر أبو شبّاب يستخدم المعبر نفسه، وقد سبق أن كشفت الشبكة عن تهريبه مركبات إلى غزة بمساعدة جنود إسرائيليين وتاجر سيارات عربي إسرائيلي.
ولا يقتصر نشاط الميليشيا على الجانب العسكري. فالأسطل أفاد لـ"سكاي نيوز" بأن مجموعته توفّر دعماً طبيّاً وتعليميّا لنحو 30 عائلة مدنية تعيش في معسكر تابع لها: "الأطفال يحصلون على تفاح وموز، طعام وشراب، رقائق بطاطس وغيرها. أما في المناطق الأخرى، داخل الخيام، فتجد أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 5 و10 وحتى 15 عاماً يعيشون على العدس والمعكرونة فقط".
امتداد شمالي بنفس الآلية
في شمال غزة، أفادت "سكاي نيوز" أن ميليشيا أشرف المنسي ورامي حلّاس تتلقيان أيضاً إمدادات من إسرائيل.
وأفاد عضو في ميليشيا حلّاس للقناة أن التنسيق يتم بشكل غير مباشر عبر "مكتب التنسيق المحلي"، التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، والذي يضم أيضًا مسؤولين من السلطة الفلسطينية.
ورغم أن السلطة الفلسطينية سبق أن نفت أي علاقة بهذه المليشيات، قال الأسطل: "لديّ أشخاص في مجموعتي لا يزالون حتى اليوم موظفين في السلطة الفلسطينية".
وأضاف: "السلطة لا يمكنها الاعتراف بعلاقتها المباشرة بنا. لديها مشكلات كافية ولا تريد أن تزيد العبء. فلو تسرب خبر عن علاقتها بمليشيات أو بالقوات الإسرائيلية، فتخيّل كيف سيبدو ذلك".
ضربات جوية واتهامات
رغم نفي الأسطل لأي تنسيق عسكري مباشر، أفادت "سكاي نيوز" أن حماس اتهمته بالتعاون مع إسرائيل بعد أن تدخلت طائرات إسرائيلية في مواجهة بين الطرفين في 3 أكتوبر، ما أسفر عن مقتل عدد من مقاتليها.
وتُظهر لقطات نشرها الجيش الإسرائيلي – وحصلت عليها "سكاي نيوز" – الضربات الجوية في ذلك اليوم.
وقال الأسطل: "أنا لا أتحكم في الغارات الجوية الإسرائيلية. الإسرائيليون ببساطة رأوا مجموعات عسكرية مسلحة تابعة لحماس فضربوها".
وأشار إلى أن طائرة إسرائيلية قصفت خيمته في أبريل، قبل شهرين من تأسيسه المليشيا، ما أسفر عن مقتل ابنته نهاد (22 عاماً)، التي كانت حاملاً في شهرها السابع.
وعلّق: "يتهمونني بالتعاون. كيف يمكن لأحد أن يقول عني ذلك؟ هل كانت إسرائيل 'تمزح' معي بصاروخ؟"، مضيفاً: "لو عددت كل جريمة ضد الأطفال والنساء، فاللوم لا يقع على إسرائيل بل على حماس التي اختبأت بين المدنيين".
بصمة خارجية
كما كشفت "سكاي نيوز" عن مؤشرات على دعم خارجي لهذه المليشيات. فقد ظهر نائب قائد مليشيا أبو شبّاب، غسان الدحين، مرتين بجانب مركبة تحمل لوحة تسجيل إماراتية.
كذلك اكتشفت القناة أن شعار الجناح المسلح لمليشيا أبو شبّاب، "دائرة مكافحة الإرهاب"، يكاد يكون مطابقاً لشعار مليشيا تحمل الاسم نفسه وتدعمها الإمارات في اليمن.
وبالمثل، يستخدم شعار مليشيا الأسطل، "قوة الضربات لمكافحة الإرهاب"، نفس الرسم التوضيحي المستخدم من مليشيا أخرى مدعومة من الإمارات في اليمن.
ولم ترد دولة الإمارات على طلب "سكاي نيوز" للتعليق.
وعند سؤال الأسطل عمّا إذا كان يحظى بدعم إماراتي، ابتسم وقال: "إن شاء الله، سيتضح كل شيء مع الوقت. لكن نعم، هناك دول عربية تدعم مشروعنا".
"غزة الجديدة" تصل واشنطن
ويؤكد الأسطل أن لهذا المشروع اسمًا واضحًا: "غزة الجديدة".
وقال: "قريباً جدّاً، إن شاء الله، سترون ذلك بأعينكم؛ سنصبح الإدارة الجديدة لغزة. مشروعنا هو 'غزة الجديدة': لا حرب، في سلام مع الجميع – لا حماس، لا إرهاب".
وبعد يومين من هذا الحديث، استخدم جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العبارة نفسها، وفق ما نقلته "سكاي نيوز"، مقترحاً إمكانية تقسيم غزة بشكل دائم على طول الخط الأصفر، ومشيراً إلى أن "أموال إعادة الإعمار لن تُوجّه إلى المناطق التي لا تزال تحت سيطرة حماس"، بل ستُركّز على "بناء غزة الجديدة" في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.
وأفادت "سكاي نيوز" بأن الجيش الإسرائيلي امتنع عن التعليق على هذه المعلومات. كما لم ترد حماس، ولا السلطة الفلسطينية، ولا الجهاز الإسرائيلي المسؤول عن إدارة الحدود بين إسرائيل وغزة، على طلبات القناة للتعليق.