كانت وزارة الخارجية الفرنسية قد أدانت مرارًا ظروف احتجازهما، ووصفتها بأنها "غير إنسانية" و"ترقى إلى مستوى التعذيب"، مطالبة بالإفراج عنهما من دون شروط.
ينتظر المواطنان الفرنسيان سيسيل كولر وجاك باريس، يوم الأربعاء، السماح لهما بمغادرة إيران والعودة إلى فرنسا، بعد أن أفرجت عنهما السلطات الإيرانية مساء الثلاثاء، عقب أكثر من ثلاث سنوات ونصف من الاحتجاز.
وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني مسعود بزشكيان بالإسراع في تنفيذ الإفراج "الكامل والتام" عن المواطنَين الفرنسيَين.
وأكد قصر الإليزيه أن ماكرون رحب بإطلاق سراحهما من السجن، مشددًا على أن هذه الخطوة تمثل مرحلة أولى في مسار دبلوماسي طويل، وأنه يجب أن تتبعها إجراءات تضمن عودتهما إلى فرنسا بأمان وحرية كاملة.
وأشارت الرئاسة إلى أن ماكرون شدّد على استمرار الحوار والتنسيق بين باريس وطهران لضمان عدم فرض أي قيود أو شروط على المواطنَين بعد الإفراج عنهما، مؤكدًا أن فرنسا ستواصل متابعة ملفهما عن كثب لضمان حقهما في الحرية الكاملة بعد سنوات طويلة من الاحتجاز.
وفي سياق متصل، صرح السفير الفرنسي في طهران، بيار كوشار، لإذاعة RTL الفرنسية، أن الزوجين تحدثا صباح الأربعاء مع الرئيس ماكرون عبر مكالمة فيديو، مضيفًا: "كان الأمر مؤثرًا جدًا بالنسبة لهما وللرئيس، وقد شكراه على التزامه بتأمين إطلاق سراحهما".
إفراج بكفالة مالية
بدورها، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، على لسان المتحدث إسماعيل بقائي، أن الإفراج عن كوهلر وباريس تم بكفالة مالية، مشيرة إلى أنهما سيظلان في إيران "تحت الإشراف القضائي إلى حين استكمال الإجراءات القانونية".
وكانت السلطات الإيرانية قد اعتقلت الزوجين الفرنسيين في مايو 2022 بتهم 'التجسس والتآمر ضد أمن الدولة' قبل أن تصدر بحقهما في 14 أكتوبر/تشرين الأول أحكامًا بالسجن لمدة 20 و17 عامًا، وهي اتهامات نفتها باريس مرارًا، واعتبرتها "احتجازًا تعسفيًا".
في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية الأربعاء أن فرنسا أفرجت عن المواطنة الإيرانية مهدية إسفندياري (41 عامًا)، التي كانت موقوفة بتهمة "تمجيد الإرهاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، مؤكدة أنها "توجد داخل السفارة الإيرانية في باريس".
"ظروف اعتقال صعبة"
نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر مقربة من العائلة أن الزوجين سيسيل كولر وجاك باريس عاشا خلال فترة احتجازهما ظروفًا صعبة للغاية، ووصف وضعهما بأنه غير إنساني، شمل إبقاء الإضاءة مشتعلة في زنزانتهما على مدار الساعة، والسماح لهما بالخروج لفترات قصيرة لا تتجاوز نصف ساعة مرتين أو ثلاث مرات أسبوعيًا، بالإضافة إلى مكالمات نادرة تخضع لرقابة مشددة.
كما أشارت التقارير إلى أنهما "أُجبرا على الإدلاء باعترافات قسرية بثها التلفزيون الإيراني الرسمي".
ويُذكر أن كوهلر وباريس أستاذان وناشطان نقابيان، وكانا آخر فرنسيَّين معتقلَين رسميًا في إيران، فيما لا يزال نحو عشرين مواطنًا غربيًا رهن الاحتجاز هناك.
وأعرب والدا كوهلر عن ارتياحهما الكبير عقب الإفراج عنها، قائلين: "نحن مطمئنون لأنهما لم يعودا يتعرضان للمعاملة القاسية، ووجودهما في السفارة الفرنسية بطهران يمنحنا شعورًا بأنهما في قطعة صغيرة من فرنسا."
وخلال فترة الاحتجاز، اتهمت فرنسا السلطات الإيرانية بانتهاك حقوق الإنسان واحتجاز مواطنيها في ظروف "قاسية وتشبه التعذيب"، بينما نفت طهران هذه الاتهامات.
وخلال العقد الماضي، كثفت إيران من توقيف المواطنين الغربيين، متهمةً إياهم في غالب الأحيان بالتجسس.