مع دخول "فوجيان" الخدمة، تقترب بكين خطوة إضافية نحو تضييق الفجوة مع البحرية الأميركية، التي تمتلك أسطولاً واسعًا من حاملات الطائرات وانتشارًا عسكريًا عالميًا.
أعلنت الصين رسميًا دخول حاملة الطائرات الجديدة "فوجيان" الخدمة، بعد سلسلة من التجارب البحرية المكثفة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا".
وجرى حفل التدشين في قاعدة بحرية بجزيرة هاينان بحضور الرئيس شي جين بينغ، الذي يقود برنامج تحديث عسكري ضخم يهدف إلى بناء جيش "حديث ومتقدم عالميًا" بحلول منتصف القرن الحالي.
وتُعد "فوجيان" ثالث حاملة طائرات صينية والأولى التي تُصمم وتُبنى محليًا بالكامل، وبحسب محللين فإنها أداة لتوسيع نفوذ بكين البحري إلى ما وراء "سلسلة الجزر الأولى" التي تضم اليابان وتايوان والفلبين، والتوسع في "سلسلة الجزر الثانية" الأبعد، حيث تقع القواعد الأميركية في غوام.
ويرى غريغ بولينغ، مدير مبادرة الشفافية البحرية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن "حاملات الطائرات تمثل ركيزة في رؤية القيادة الصينية لبناء قوة قادرة على العمل في أعالي البحار ومنافسة الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ".
وفيما تعتبر الصين أن تعزيز قوتها البحرية "حق سيادي مشروع"، عبّرت اليابان عن قلقها من وتيرة التسلح المتسارعة لدى جارتها، معتبرة أنها تجري "من دون شفافية كافية".
وقال مينورو كيهارا، الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني، إن الخطوة تُظهر أن الصين "تُعزّز قوتها العسكرية بسرعة ومن دون شفافية"، مضيفًا أن طوكيو "تراقب عن كثب التحركات الصينية وستتصرف بحزم إذا لزم الأمر".
وتثير الحاملة الجديدة مخاوف إضافية بشأن احتمال حصار أو غزو تايوان، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها ولم تستبعد استعادتها بالقوة.
ومن الناحية التقنية، تُشكل "فوجيان" قفزة نوعية بفضل اعتمادها نظام الإطلاق الكهرومغناطيسي للطائرات ، وهو ابتكار كانت تحتكره حاملات الطائرات الأميركية من فئة "فورد". ويسمح هذا التطور بإطلاق طائرات أثقل وأكثر تطورًا، مثل الإنذار المبكر KJ-600 والمقاتلة الشبحية J-35.
واشنطن لا تزال في الصدارة رغم اتساع الأسطول الصيني
لا تزال الولايات المتحدة تتفوق نوعيًا وعدديًا. وبحسب تقرير نشرته وكالة أسوشييتد برس، بلغ عدد السفن القتالية الصينية 235 سفينة مقابل 220 للولايات المتحدة. غير أن التفوق الأميركي يبقى نوعيًا واستراتيجيًا، بفضل تنوع الأسطول وانتشاره العالمي، وتفوقه في عدد حاملات الطائرات والغواصات النووية والمدمرات.
فالولايات المتحدة تمتلك 11 حاملة طائرات و18 غواصة نووية قادرة على إطلاق صواريخ موجهة، بينما تملك الصين 3 حاملات فقط و6 غواصات من هذا النوع.
كما يبرز التقرير أن الأسطول الأميركي يتفوق أيضًا في قدراته البرمائية، إذ تمتلك الولايات المتحدة 32 سفينة إنزال وهجوم برمائي، مقابل 3 فقط لدى الصين. أما في فئة المدمرات، فتضم البحرية الأميركية 76 مدمّرة مقارنة بـ42 لدى الصين، في حين تملك بكين 49 فرقاطة لا تمتلك واشنطن أيًّا منها.
وفي مجال الغواصات الهجومية غير النووية، تتفوق الصين عدديًا بـ52 غواصة مقابل 48 لدى الولايات المتحدة، بينما يظهر تفوق أميركي واضح في الطرادات (9 مقابل 8 للصين) وفي سفن القتال الساحلية، رغم العدد الكبير من الكورفيت الصينية البالغ 72 مقابل 26 سفينة أميركية فقط..
من جهته، أشار البنتاغون في تقريره الأخير إلى الكونغرس إلى أن القدرات المتنامية للصين تجعلها "المنافس الوحيد للولايات المتحدة القادر على إعادة تشكيل النظام الدولي".
ويرى المحلل براين هارت من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن الصين "تُغلق الفجوة بسرعة"، مستفيدة من استثمارات هائلة في بناء السفن والتكنولوجيا العسكرية، لكنها لا تزال تفتقر إلى الخبرة العملياتية العالمية التي تتمتع بها البحرية الأميركية منذ عقود.