أقرّ البرلمان الباكستاني، يوم الخمس، تعديلًا دستوريًا يمنح حصانة كاملة للرئيس وقائد الجيش الحالي، إضافة إلى كبار الضباط، في خطوة أثارت اعتراضات واسعة ووصفتها المعارضة بأنها تقويض خطير للديمقراطية واستقلالية القضاء.
يمنح التعديل الرئيس آصف علي زرداری حصانة من أي ملاحقة جنائية، على أن تسقط إذا شغل منصبًا عامًا آخر في المستقبل. وكان زرداری قد واجه عددًا من قضايا الفساد سابقًا.
وتتضمن التغييرات أيضًا منح الرئيس سلطة نقل قضاة محاكم الاستئناف بناءً على توصية لجنة القضاء، وهو بند يرى منتقدون أنه قد يُستخدم لإبعاد القضاة المعارضين في باكستان.
ويحصل قائد الجيش عاصم منير، الذي رُفع إلى رتبة مشير ميداني بعد المواجهة مع الهند في أيار/ مايو، على سلطة تمتد لتشمل الجيش والقوات الجوية والبحرية، وتضمن استمرار امتيازاته مدى الحياة حتى بعد انتهاء خدمته.
وبموجب التعديل، سيحتفظ أي ضابط تتم ترقيته إلى رتبة مشير ميداني، أو مارشال في سلاح الجو، أو أدميرال الأسطول، برتبته وامتيازاته مدى الحياة، وسيستمر في ارتداء الزي العسكري ويحصل على حماية من أي ملاحقة جنائية. وكان هذا النوع من الحصانات في السابق محصورًا برئيس الدولة فقط.
كما ينشئ القانون محكمة دستورية اتحادية بصلاحية حصرية في القضايا الدستورية، ما يسحب جزءًا كبيرًا من صلاحيات المحكمة العليا وينقل إليها الالتماسات العالقة. ويمنع التعديل المحاكم من الطعن بأي تعديل دستوري "تحت أي ظرف كان".
المسار التشريعي وردود الفعل المعارضة
بدأ مشروع القانون مساره في مجلس الشيوخ، يوم الاثنين، ثم انتقل بعد ذلك إلى الجمعية الوطنية حيث عُدّل وأُقر بعد يومين، قبل أن يُعاد إلى المجلس الأعلى لنيل الموافقة النهائية.
وقال رئيس مجلس الشيوخ يوسف رضا جيلاني، يوم الخميس: "هناك أربعة وستون عضوًا صوتوا لصالح مشروع القانون، وأربعة ضده، وبالتالي تمّ إقرار المقترح". كما نال المشروع موافقة المجلس الأدنى المؤلف من 336 عضوًا بأغلبية الثلثين المطلوبة.
وفي الأيام الماضية، أقدمت أحزاب المعارضة، بقيادة حزب PTI، على تمزيق نسخ من المشروع في كلا المجلسين احتجاجًا على التعديلات.
وقد أثار التعديل موجة اعتراض واسعة في صفوف المعارضة، التي رأت فيه خطوة تُضعف ما تبقّى من استقلالية القضاء وتوسّع النزعة السلطوية، محذّرين من أن الحصانات الدائمة وتركيز الصلاحيات في موقع واحد قد تدفع البلاد نحو تقويض أوسع للضوابط الديمقراطية.
وتبقى باكستان، التي يزيد عدد سكانها على 250 مليون نسمة وتمتلك برنامجًا نوويًا، عالقة بين سلطتين متنازعتين: السلطة المدنية وموقع الجيش في الحياة السياسية، وقد يُشكّل هذا التعديل منعطفًا جديدًا في طبيعة العلاقة بينهما.