اندلع خلاف بين بولندا وإسرائيل عقب منشور أصدره معهد "ياد فاشيم" حول إلزام اليهود بارتداء شارة خلال الحرب العالمية الثانية، إذ اعتبرت وارسو أن الصياغة الواردة غير دقيقة، ما دفعها إلى استدعاء السفير الإسرائيلي.
استدعت بولندا يوم الإثنين 24 تشرين الثاني1منوفمبر السفير الإسرائيلي في وارسو، يعقوب فينكلشتاين، على خلفية منشور نشره معهد "ياد فاشيم" التذكاري للهولوكوست على منصة إكس، اعتبرت وارسو أنه لم يوضح بما يكفي أن إجبار اليهود على ارتداء شارات مميزة خلال الحرب العالمية الثانية كان بقرار من القوات النازية الألمانية، وليس من السلطات البولندية. وجاء هذا التصعيد في وقت تتزايد فيه التوترات بين بولندا وإسرائيل حول قضايا الذاكرة التاريخية المرتبطة بالهولوكوست.
منشور اعتبرته وارسو مضللاً
وكان وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي قد احتج على منشور "ياد فاشيم" الذي ظهر وكأنه يشير إلى بولندا بوصفها البلد الذي بدأ اتخاذ خطوات تمييزية ضد اليهود قبيل الهولوكوست. وقال المنشور: "كانت بولندا أول بلد يُجبر فيه اليهود على ارتداء شارة مميزة"، قبل أن يوضح أن هانس فرانك، الحاكم الألماني في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1939، هو من أصدر الأمر بإلزام اليهود بحمل شارة قماشية بيضاء تحمل نجمة داوود زرقاء.
وبعد ردود منتقدة، بينها تعليق من متحف أوشفيتز، أعاد "ياد فاشيم" نشر المنشور قائلاً إن المقال المرتبط يوضح صراحة أن القرار صدر عن السلطات الألمانية. إلا أن سيكورسكي رد بأن المنشور الأصلي يجب أن يبيّن بوضوح أن بولندا كانت "تحت الاحتلال الألماني". ومع بقاء المنشور دون تعديل، أعلن سيكورسكي الاثنين قراره استدعاء السفير الإسرائيلي.
انتقادات داخل بولندا وتصعيد دبلوماسي
كما تعرضت صياغة "ياد فاشيم" لانتقادات داخل بولندا، من بينها تصريحات لرئيس الوزراء دونالد توسك. ولم تصدر عن السفارة الإسرائيلية أو وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليقات فورية على القضية. وتأتي هذه المواجهة في إطار سلسلة من الخلافات بين البلدين في السنوات الأخيرة حول سردية الهولوكوست ودور بعض البولنديين في مساعدة النازيين.
خلافات مستمرة حول الذاكرة التاريخية
وتؤكد وارسو باستمرار أن اضطهاد اليهود على أراضيها خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك الجرائم المرتكبة في معسكر أوشفيتز بيركيناو، كان بالكامل من فعل القوات الألمانية النازية.
وكانت الحكومة السابقة ذات التوجه المحافظ قد اقتربت في إحدى المراحل من فرض عقوبة السجن على أي إيحاء بمسؤولية البولنديين عن الجرائم النازية.
وفي تعليقه على الجدل، كتب داني دايان، رئيس "ياد فاشيم"، أن المعهد "يقدم الحقائق التاريخية للنازية والحرب العالمية الثانية، بما في ذلك الدول التي كانت تحت الاحتلال أو السيطرة أو النفوذ الألماني"، مضيفاً أن أي تفسير آخر يسيء فهم التزام المؤسسة بالدقة.
موقف أميركي داعم للطرح البولندي
وجاء هذا الجدل بعد أيام من تصريح السفير الأميركي لدى بولندا، توم روز، الذي قال خلال مؤتمر في وارسو إن بولندا "تعرضت لظلم تاريخي كبير" بسبب استمرار الاعتقاد بأنها تشارك في ذنب الجرائم النازية التي ارتُكبت بحقها، واصفاً هذا الاعتقاد بأنه "افتراء بشع يعادل اتهام دموي بحق الشعب البولندي".
تصريحات غجيغوج براون تزيد التوترات
وفي سياق متصل بالتوتر المتزايد حول قضايا اليهود والهولوكوست في بولندا، أثار عضو البرلمان اليميني غجيغوج براون موجة استنكار واسعة بعد سلسلة تصريحات معادية لليهود. فقد قال خلال عطلة نهاية الأسبوع إن اليهود "يبحثون عن معاملة خاصة" في بولندا وإن الشرطة تمنحهم معاملة تفضيلية، رغم أن الحكومة البولندية تعتمد خطة وطنية بين 2025 و2030 لمكافحة معاداة السامية وتعزيز الحياة اليهودية.
خطاب معادٍ لليهود
وأضاف براون أن "بولندا للبولنديين" وأن اليهود "لديهم دولهم الخاصة"، وسخر من برامج دعم الثقافة اليهودية، وشبّهها بـ"دعوة جار خطير للانتقال للسكن بجوارك". كما تعهّد بأنه إذا وصل حزبه إلى السلطة فسيفكك المجلس الدولي لأوشفيتز من خلال تجريده من صلاحياته القانونية.
وقد أثارت تصريحاته إدانة واسعة، إذ قال وزير العدل والمدعي العام فالديمار جورِك إنه سيتخذ إجراءات قانونية ضده، معتبراً أن الخطاب المعادي للسامية يضر بصورة بولندا الدولية، ومتهماً براون بتحويل أوشفيتز إلى "ملعب سياسي".
وكان براون قد أُخرج من بث إذاعي سابق هذا العام بعدما قال إن غرف الغاز في أوشفيتز كانت "مزيفة". كما واجه محاولات لرفع الحصانة البرلمانية عنه بسبب تصريحات تقلل من شأن الجرائم النازية، وهي ممارسات يجرّمها القانون البولندي.