كتب المنتخب الأرجنتيني على "أكس": "لا يموت إلا من يُنسى، وأنت يا دييغو نتذكرك كل يوم".
تحل في نوفمبر/تشرين الثاني الذكرى الخامسة لوفاة النجم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا، الاسم الذي لا يزال حضوره يفرض نفسه بقوة في الذاكرة الكروية، بفضل إرثه الاستثنائي وحكاياته التي لا تُنسى داخل الملاعب وخارجها.
ورحل مارادونا عن 60 عامًا سنة 2020 إثر أزمة قلبية، بعد أيام من خضوعه لجراحة بسبب ورم دموي في الدماغ. وبعد عام من وفاته، خلصت لجنة مكونة من 20 خبيرًا إلى أنه "تُرك ليموت" على يد الطاقم الطبي المسؤول عن رعايته في أشهره الأخيرة، في تحقيق شامل حول ظروف وفاته.
ووُلد دييغو في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1960 داخل أسرة متواضعة بضواحي بوينس آيرس، واكتُشفت موهبته الكروية منذ سن الثامنة. وبدأ رحلته مع فريق إستريا روجا، ثم انتقل إلى أرجنتينوس جونيورز حيث وقّع أول عقد احترافي قبل بلوغه السادسة عشرة، وصولاً إلى بوكا جونيورز عام 1981، حيث أحرز أول ألقابه الكبرى، معلنًا انطلاقته نحو أوروبا.
محطات كروية مثيرة
كشف الصحافي جون لادين أن مارادونا كان قريبًا من الانتقال إلى إنكلترا بعد عرض تقدّم به فريق شيفيلد يونايتد بقيمة نحو 400 ألف جنيه إسترليني، إلا أن الصفقة لم تتم بعد أن تعاقد الفريق مع أليخاندرو سابيلا بدلاً منه.
كما اقترب من الانضمام إلى نادي ريفر بليت عام 1981، لكن الصفقة فشلت بعد رفض رئيس النادي منح اللاعب راتبًا أعلى من زملائه، لتبدأ مسيرته مع بوكا جونيورز ثم برشلونة الإسباني لاحقًا.
وانضم مارادونا إلى برشلونة عام 1982، حيث سجل 38 هدفًا في 58 مباراة، وتوّج بكأس الملك وكأس السوبر الإسباني، قبل أن ينتقل إلى نابولي في 1984، حيث أصبح رمزًا للنادي ومدينة نابولي، وقاد الفريق للفوز بلقبين في الدوري الإيطالي، إضافةً إلى كأس إيطاليا وكأس السوبر الإيطالي، لتظل تلك الفترة الأزهى في تاريخ النادي حتى اليوم.
أهداف لا تُنسى
في عام 1983، دخل دييغو مارادونا في مواجهة مع إدارة برشلونة إثر خلاف حول مشاركته في مباراة وداع اللاعب الألماني بول برايتنر، حيث هدد في كتابه "أنا دييغو" بكسر الكؤوس إذا مُنع من المشاركة.
وعندما وصل مارادونا إلى نابولي عام 1984، استقبله سكان المدينة كبطل ورمز لهم، وسرعان ما أصبح القوة المحركة التي حوّلت النادي من فريق مهمش إلى منافس شرس لكبار الدوري الإيطالي. على مدار 258 مباراة، سجّل 115 هدفًا، وقاد الفريق للفوز بلقبين في الدوري الإيطالي، بالإضافة إلى تحقيق كأس إيطاليا، وكأس الاتحاد الأوروبي، وكأس السوبر الإيطالي، ما جعل تلك الحقبة الأزهى في تاريخ نابولي حتى اليوم.
قبل 36 عامًا، تحدّى مارادونا الدوري الإيطالي بالسفر خمس مرات عبر الأطلسي خلال أسبوعين للانضمام إلى المنتخب في مباريات ودية، قبل أن يُستبعد لاحقًا من كأس العالم 1994 بعد تناوله مادة "الإيفيدرين".
بلغ مارادونا ذروة المجد في كأس العالم 1986 بالمكسيك، حيث أبدع في مباراة ربع النهائي التاريخية أمام إنجلترا بلقطتين خالدتين: الهدف الشهير بـ"يد الله"، و"هدف القرن" بعد مراوغته خمسة مدافعين لمسافة 60 مترًا. وقاد المنتخب الأرجنتيني للتتويج باللقب بفوزه على ألمانيا الغربية 3-2 في النهائي، منهياً مسيرته الدولية بإجمالي 91 مباراة سجل خلالها 34 هدفًا.
اختار مارادونا هدفه في مرمى ديبورتيفو بيريرا عام 1980 كأفضل هدف في مسيرته، فيما اعتبر مباراته أمام أوروغواي في مونديال 1986 أفضل أداء له، حيث سيطر على جميع الالتحامات وسدد كرة حرة على العارضة، رغم تسجيل هدف أُلغي ربما عن طريق الخطأ.
ودخل مارادونا عالم التدريب بعد اعتزاله، لكنه لم يترك بصمة كالتي صنعها كلاعب. قاد عدة منتخبات وأندية، بينها منتخب الأرجنتين الذي أُقيل بعد الخسارة 4-0 أمام ألمانيا في ربع نهائي مونديال 2010، كما درّب الوصل والفجيرة ودورادوس دي سينالوا وخيمناسيا لابلاتا، دون أن يصل إلى مستوى سحره على أرض الملعب.
تكريم الذكرى
بعد خمس سنوات على وفاته، انهالت الرسائل لتكريم مارادونا من قبل عالم كرة القدم وعائلته، التي لا تزال تنتظر العدالة بشأن ظروف رحيله، مع إعادة تحديد موعد المحاكمة في مارس 2026.
وكتب المنتخب الأرجنتيني على "أكس": "لا يموت إلا من يُنسى، وأنت يا دييغو نتذكرك كل يوم"، فيما كتب نادي بوكا جونيورز: "كل شيء يزول إلا أنت، فأنت باقٍ دائمًا".
وتشهد القضية القضائية تطورات مستمرة بعد إلغاء المحاكمة السابقة نتيجة فضيحة تورطت فيها إحدى القاضيات، فيما أكدت دالما مارادونا، ابنة اللاعب الكبرى، أن العدالة ستتحقق قريبًا.
ولا يزال مشروع إقامة ضريح له في بوينس آيرس مرتبطًا بإنهاء الإجراءات القضائية قبل التنفيذ، ليظل مارادونا حاضرًا في ذاكرة كرة القدم وعشاقه حول العالم.