خلال جلسة التصويت، وقف النواب تحت قبة المجلس الشعبي الوطني موشحين بألوان العلم الجزائري، وصفّقوا طويلاً بعد إقرار القانون الذي يُحمّل الدولة الفرنسية "المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري في الجزائر والمآسي التي تسبب بها".
صادق البرلمان الجزائري بالإجماع، الأربعاء، على قانون يجرّم "الاستعمار الفرنسي للجزائر" خلال الفترة 1830-1962، ويصفه بـ"جريمة دولة"، ويطالب فرنسا بتقديم "اعتذار رسمي"، في وقت لا تزال فيه العلاقات بين البلدين غارقة في أزمة دبلوماسية كبرى.
وخلال جلسة التصويت، وقف النواب تحت قبة المجلس الشعبي الوطني موشحين بألوان العلم الجزائري، وصفّقوا طويلاً بعد إقرار القانون الذي يحمل الدولة الفرنسية "المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري في الجزائر والمآسي التي تسبّب بها".
ويعدد القانون "جرائم الاستعمار غير القابلة للتقادم"، منها "الإعدام خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاغتصاب، والتجارب النووية، والنهب المنهجي للثروات".
وفي معرض عرض مشروع القانون، وصف رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، المقترح بأنه "فعل سيادي بامتياز"، مضيفًا أنه "رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن الذاكرة الوطنية الجزائرية غير قابلة للمحو أو المساومة"، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.
ومن جانبها، قالت الخارجية الفرنسية، على لسان متحدثها باسكال كونفافرو، إنها لا تعلق "على نقاشات سياسية تجري في دول أجنبية".
ويعود أصل مشروع القانون إلى عام 2006، كرد فعل على قانون البرلمان الفرنسي لعام 2005 الذي نص على تدريس "الدور الإيجابي" للاستعمار.
وفي تحليل لـ"يورونيوز"، يرى السياسي الجزائري عبد الرحمن صالح أن المشروع يهدف إلى ''تحصين الذاكرة الوطنية قانونيًا وتصحيح خلل تاريخي مقابل القوانين الفرنسية التي تمجّد الاستعمار''، مؤكداً أن ''الهدف ليس التصعيد، بل المساءلة التاريخية والاعتراف بالجرائم لتأسيس مصالحة حقيقية وبناء علاقة متوازنة بين الجزائر وفرنسا''.
ويغطي القانون ملفات حقوقية وإنسانية ظلت عالقة لعقود، أبرزها قضية المحامي علي بومنجل، الذي قُتل تحت التعذيب عام 1957، بعد أن ظلّت الرواية الرسمية الفرنسية تقول إنه انتحر، حتى اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2021 بأن بومنجل عُذّب ثم قتل.
كما يشمل القانون آثار التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، التي "لا تزال إشعاعاتها تؤثر على صحة الأجيال المتعاقبة"، فضلاً عن توثيق "المجازر الجماعية التي تعرضت لها قرى بأكملها خلال 132 عامًا".
وفي ظل هذا التراكم التاريخي، تبدو العلاقات الجزائرية الفرنسية وكأنها دخلت "نفقًا مظلمًا" يصعب الخروج منه،وفق توصيف وسائل إعلامية.
وقد تفاقمت الأزمة بعد صيف 2024، حين اعترفت باريس بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، ما اعتبرته الجزائر مساسًا مباشرًا بثوابتها الدبلوماسية. وردًا على ذلك، اتخذت الجزائر إجراءات شملت سحب سفيرها من باريس وإلغاء زيارة الرئيس عبد المجيد تبون المقررة إلى فرنسا.