شدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على التزام بلاده بـ "احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها".
أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أن العلاقات السورية الروسية تدخل مرحلة جديدة، معتبراً أن العام الحالي يمثل بداية الخروج الفعلي من حرب استمرت نحو 14 عاماً.
وأوضح الشيباني أن هناك تقارباً في وجهات النظر بين دمشق وموسكو داخل المنصات الدولية، إلى جانب مناقشات مستمرة لتطوير هذا التنسيق، معرباً عن تطلعه إلى حوارات أكثر صراحة وانفتاحاً لنقل العلاقات الثنائية إلى مستوى استراتيجي أشمل.
وأشار وزير الخارجية السوري إلى سعي دمشق لجذب الاستثمارات الخارجية في المرحلة المقبلة، معوّلاً على دور روسي داعم في هذا المسار، لا سيما في ظل حجم الدمار الواسع الذي لحق بالبلاد.
وأضاف أن نحو أربعة ملايين منزل دُمّروا خلال سنوات الحرب، ولا تزال مخيمات النزوح قائمة في الشمال، فيما ينتظر ملايين اللاجئين في الخارج ظروفاً مناسبة للعودة.
وفي الشأن الداخلي، أكد الشيباني أن الحكومة السورية تمكنت خلال عام واحد من القضاء على تجارة المخدرات التي كان يرعاها النظام السابق، واصفاً ذلك بإنجاز أمني واجتماعي مهم في سياق استعادة الاستقرار.
موقف روسي" ثابت"
من جانبه، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على التزام بلاده بسيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها، مشيراً إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين التقى الشيباني في موسكو، واصفاً المحادثات بأنها "جيدة وبنّاءة".
وأضاف لافروف أن الجانبين توصلا إلى اتفاقيات أساسية لتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بما يحقق المنفعة المتبادلة، استناداً إلى الأسس التي أرستها العلاقات التاريخية بين البلدين.
لقاء بوتين بوزيري الخارجية والدفاع السوريين
والتقى وزيرا الخارجية والدفاع السوريان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، حيث ناقشوا آفاق التعاون العسكري، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".
وذكرت الوكالة أن الاجتماع تناول ملفات سياسية وعسكرية واقتصادية، مع تركيز خاص على التعاون الاستراتيجي في مجال الصناعات العسكرية، بما يشمل تحديث العتاد، ونقل الخبرات التقنية، وتعزيز البحث والتطوير لدعم قدرات الجيش السوري الدفاعية.
وعلى الصعيد السياسي، بحث الطرفان مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، وأكدا أهمية تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي بين دمشق وموسكو في المحافل الدولية، مع التشديد على احترام مبادئ القانون الدولي ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول.
اقتصادياً، ناقش الجانبان آفاق توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، بما يشمل دعم مشاريع إعادة الإعمار، وتطوير البنية التحتية، وتشجيع الاستثمارات، إضافة إلى تعزيز التبادل التجاري وتسهيل الشراكات بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري ويحسن الظروف المعيشية.
وأكد بوتين، بحسب "سانا"، دعم بلاده الثابت لسوريا، مجدداً رفض موسكو لأي مشاريع تهدف إلى تقسيم البلاد أو المساس بقرارها الوطني المستقل، كما أدان الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية، معتبراً إياها تهديداً لأمن المنطقة واستقرارها.
سياق العلاقات الروسية السورية
تأتي هذه التحركات في ظل زيارات متكررة أجراها الشيباني إلى موسكو خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى زيارة رئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع إلى العاصمة الروسية في منتصف أكتوبر الماضي، حيث التقى بوتين وبحث معه مستقبل العلاقات الثنائية.
وكان بوتين قد أكد خلال استقباله الشرع أن العلاقات الروسية–السورية تمتد لأكثر من ثمانين عاماً، معرباً عن استعداد بلاده لإنجاز مشاريع مشتركة تحقق مصالح الطرفين، فيما شدد الشرع على سعي دمشق للتعريف بـ"سوريا الجديدة" وتعزيز العلاقات التاريخية مع موسكو بما يتلاءم مع المرحلة الراهنة.
ورغم أن روسيا كانت الحليف الأبرز للنظام السابق خلال الحرب السورية، فإن موسكو تسعى اليوم إلى بناء علاقات متوازنة مع السلطات السورية الجديدة، خصوصاً في ما يتعلق بضمان اتفاقات تشغيل قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية، بما يحفظ مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.