يقع إقليم أرض الصومال على الساحل الجنوبي لخليج عدن، ويعتبر مفتاحاً استراتيجياً يربط الملاحة بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم، الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض الصومال كدولة "مستقلة وذات سيادة".
وقال نتنياهو في تدوينة على منصة "إكس": "وقّعنا، أنا ووزير الخارجية جدعون ساعر ورئيس جمهورية أرض الصومال، إعلاناً مشتركاً ومتبادلاً".
وأضاف أن هذا الإعلان "يأتي بروح اتفاقيات أبراهام، التي تم توقيعها بمبادرة من الرئيس ترامب".
وهنّأ نتنياهو رئيس أرض الصومال، الدكتور عبد الرحمن محمد عبد الله، مشيداً "بقيادته والتزامه بتعزيز الاستقرار والسلام". ووجّه إليه دعوة لإجراء "زيارة رسمية إلى إسرائيل".
ووفقاً لتدوينة نتنياهو، فقد شكره الرئيس الصومالي على ما وصفه بـ"الإعلان التاريخي"، معرباً عن تقديره "لإنجازاته في مكافحة الإرهاب وتعزيز السلام الإقليمي".
تعاون فوري في قطاعات حيوية
أكد نتنياهو أن إسرائيل "تعتزم توسيع علاقاتها مع جمهورية أرض الصومال على الفور"، من خلال "تعاون مكثف في مجالات الزراعة، الصحة، التكنولوجيا، والاقتصاد".
وعبّر عن "امتنانه لوزير الخارجية جدعون ساعر، ورئيس الموساد ديفيد بارنيا، والموساد، على مساهمتهم في هذا الإنجاز"، متمنياً "لشعب أرض الصومال النجاح والازدهار والحرية".
سبق ذلك إعلان وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، عبر منصة "إكس"، أن الاتفاق يتضمن "إقامة علاقات دبلوماسية كاملة"، بما في ذلك "فتح سفارات وتعيين سفراء".
وأشار إلى أن وزارته تلقت توجيهات "بالتحرك الفوري لإضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات بين البلدين في مجموعة واسعة من المجالات".
في أول رد فعل: رفض عربي وإقليمي موحد
وفي أول رد فعل، رفض كلاً من وزير خارجية الصومال عبد السلام عبدي علي، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، ووزير خارجية جيبوتي عبد القادر حسين عمر، الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال، وذلك خلال اتصالات هاتفية منفصلة أجراها كلٌّ منهم مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي.
وشدّد الوزراء الأربعة على الرفض التام للخطوة الإسرائيلية، مؤكدين إدانتها باعتبارها "انتهاكاً صارخاً لسيادة الصومال ووحدة أراضيه".
وأكد الوزراء أن دعم "مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية" واجب إقليمي ودولي، ورفضوا "أي محاولات لفرض كيانات موازية".
واعتبروا أن الاعتراف بأجزاء من أراضي دولة ذات سيادة "يُعد سابقة خطيرة تهدد السلم والأمن الدوليين"، ويخالف المبادئ المستقرة في القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وشدّدوا على أن "احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي، ولا يجوز المساس بها أو الالتفاف عليها تحت أي ذريعة".
ما هي أرض الصومال؟
يقع إقليم أرض الصومال على الساحل الجنوبي لخليج عدن، ويعتبر مفتاحاً استراتيجياً يربط الملاحة بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.
ومنذ إعلان انفصاله من جانب واحد عام 1991، نجح الإقليم في ترسيخ مؤسسات حكم ذاتي نسبيًا تشمل حكومة منتخبة، برلماناً، عملة محلية، وقوات أمنية، ما جعله يوصف في الأدبيات الدولية بـ"جزيرة الاستقرار" وسط فوضى الصومال.
ومع ذلك، ظل دون اعتراف دولي، وظلت مقديشو ترفض مساعيه الانفصالية باعتبارها خرقاً لوحدة أراضي الدولة.
الاعتراف الإسرائيلي يُعدّ تحوّلاً جوهرياً في هذا المشهد. فهو لا يمنح أرض الصومال شرعية دبلوماسية فحسب، بل يُضفي غطاءً دولياً غير مباشر على مذكرة التفاهم الموقعة بين الإقليم وإثيوبيا، والتي تتيح لأديس أبابا الوصول البحري إلى البحر الأحمر.
ميناء بربرة بوابة استراتيجية جديدة
ويكتسب ميناء بربرة – الذي تديره "موانئ دبي العالمية" – أهمية متزايدة كنقطة ارتكاز لحلفاء الغرب وإسرائيل، خاصة مع إمكانية تحويل تدفقات الشحن بعيداً عن جيبوتي، حيث تتواجد قواعد عسكرية صينية وفرنسية وأميركية.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تسعى، من خلال هذا الاعتراف، إلى تحويل أرض الصومال إلى منصة استخباراتية وتقنية متقدمة، تُستخدم لمراقبة التهديدات القادمة من اليمن وتأمين الممرات البحرية المؤدية إلى إيلات.
وتشمل خطط التعاون المقترحة تزويد الإقليم بتقنيات "الموانئ الذكية" وأنظمة مراقبة ساحلية عبر طائرات مسيرة.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فيُنظر إلى خطوة نتنياهو على أنها محاكاة للمسار الذي سلكه المغرب عبر اتفاقيات أبراهام، حيث يُستخدم الاعتراف الغربي بـ"الوضع الخاص" للإقليم كبوابة لتعزيز الشرعية الدولية.
لكن في المقابل، يُثير هذا التطوّر مخاوف جيوسياسية عميقة لدى دول مثل مصر وتركيا، اللتين تدعمان وحدة الصومال، وتخشيان من تداعياته على التوازن الأمني في منطقة القرن الإفريقي.