مع استمرار التقلبات في الأسواق المالية وتأثير التوترات التجارية على الاستثمارات، تبرز مجموعة من المصطلحات التي تساعد المستثمرين على فهم ديناميكيات السوق.
مع تصاعد الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما تلاها من فرض رسوم جمركية جديدة من قبل الإدارة الأمريكية، يجد القراء أنفسهم أمام مصطلحات غير مألوفة في عالم الاستثمارات والأسواق المالية. وفي هذا السياق، نقدم لكم لمحة عن بعض المفاهيم الأكثر شيوعًا في هذا المجال.
سوق الدببة: تراجع مستمر في الأسواق المالية
يُستخدم مصطلح "سوق الدب" في وول ستريت عند انخفاض مؤشر رئيسي، مثل مؤشر S&P 500 أو مؤشر داو جونز الصناعي، بنسبة 20% أو أكثر من أعلى مستوى بلغه مؤخرًا، وذلك على مدى فترة زمنية متواصلة.
لكن لماذا ارتبط هذا المصطلح بالدببة؟ السبب يعود إلى أن الدببة تدخل في سبات، ما يعكس حالة التباطؤ التي تصيب الأسواق خلال فترات الهبوط. وعلى العكس من ذلك، يُعرف السوق الصاعد بـ"سوق الثور"، إذ يُنظر إلى الثيران على أنها رمز للصعود القوي والسريع.
ارتداد القط الميت: انتعاش مؤقت في خضم التراجع
عندما تشهد الأسهم انتعاشًا طفيفًا بعد فترة من التراجع الحاد أو الغموض، يُطلق على ذلك مصطلح "ارتداد القط الميت". ويستند هذا المفهوم إلى الفكرة القائلة بأن حتى القطة الميتة سترتد عند سقوطها من ارتفاع عالٍ بما يكفي. غير أن هذا الانتعاش عادةً ما يكون مؤقتًا، إذ تعود الأسعار إلى الهبوط مجددًا بعد فترة وجيزة.
الاستسلام: اللحظة الحاسمة في السوق
يشير مصطلح "الاستسلام" إلى المرحلة التي يفقد فيها المستثمرون الأمل في تعويض خسائرهم ويقررون البيع، غالبًا تحت تأثير الخوف وعدم القدرة على تحمل استمرار انخفاض الأسعار. وتحدث هذه الظاهرة عادةً خلال فترات انعدام الثقة وارتفاع حالة عدم اليقين في الأسواق.
ورغم أن الاستسلام قد يشير في بعض الحالات إلى بلوغ السوق أدنى مستوياته، إلا أن تحديد هذه اللحظة بدقة لا يكون ممكنًا إلا بعد مرور الوقت.
الركود: انكماش اقتصادي وارتفاع في معدلات البطالة
يُعرف الركود بأنه فترة يشهد فيها الاقتصاد انكماشًا مصحوبًا بارتفاع في معدلات البطالة، ما يؤثر على مختلف القطاعات الاقتصادية.
يتم الإعلان عن الركود رسميًا من قبل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وهو هيئة تضم مجموعة من الاقتصاديين الذين يأخذون في الاعتبار مجموعة من العوامل، مثل اتجاهات التوظيف ومستويات الدخل والإنفاق، إلى جانب مبيعات التجزئة وإنتاج المصانع. وتُعرّف لجنة تأريخ دورة الأعمال التابعة للمكتب الركود بأنه "انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي ينتشر عبر الاقتصاد ويستمر لأكثر من بضعة أشهر".
وعادةً ما لا يتم الإعلان عن الركود رسميًا إلا بعد مرور فترة طويلة من بدايته، وأحيانًا بعد عام كامل.
في الفترة التي سبقت دخول التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب حيز التنفيذ، رفع اقتصاديون في جولدمان ساكس تقديراتهم لاحتمال دخول الولايات المتحدة في حالة ركود، حيث ارتفعت النسبة من 35% إلى 65%. إلا أن المحللين عادوا وخفّضوا هذه التوقعات يوم الأربعاء، بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية عن تأجيل لمدة 90 يومًا لمعظم الرسوم الجمركية.
شراء الانخفاض: فرصة استثمارية أم مغامرة غير محسوبة؟
تعني عبارة "شراء الانخفاض" قيام المستثمرين بشراء الأسهم أو دخول السوق بعد انخفاض الأسعار، على أمل الاستفادة من التعافي المتوقع. وتُعد هذه الاستراتيجية شائعة بين مستثمري التجزئة الذين يسعون إلى اقتناص الفرص عند انخفاض القيم السوقية.
لكن رغم جاذبية هذه الفكرة، تبقى توقيتات السوق غير مؤكدة، إذ يصعب التنبؤ بمستوى القاع أو تحديد المدة التي سيستغرقها السوق في التعافي.
سندات الخزانة لأجل 10 سنوات: مؤشر رئيسي على معنويات السوق
يُعتبر عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات مقياسًا رئيسيًا لتوجهات المستثمرين والظروف الاقتصادية العامة، حيث يعكس الفائدة التي تدفعها الحكومة الأمريكية عند اقتراض الأموال لمدة عشر سنوات. وتلعب هذه السندات دورًا أساسيًا في تحديد أسعار الفائدة على مختلف القروض والاستثمارات الأخرى.
تاريخيًا، تُصنَّف سندات الخزانة الأمريكية ضمن أكثر الأصول أمانًا عالميًا، ما يجعل المستثمرين يقبلون على شرائها خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي، مما يؤدي إلى انخفاض العوائد. وعلى العكس، عندما تكون ثقة المستثمرين مرتفعة، تتراجع أسعار السندات، ما يرفع العائدات.
في الأيام الأخيرة، شهدت الأسواق عمليات بيع مكثفة لسندات الخزانة، ما أدى إلى ارتفاع العائد القياسي لسندات العشر سنوات. ويُفسر بعض المحللين هذا التوجه بأنه مؤشر على تراجع ثقة المستثمرين في السندات الحكومية، وهو ما قد يعكس حالة من القلق بشأن التوقعات الاقتصادية المستقبلية.