"Artistic Impressions" هو منتدى جديد للفنانين لمناقشة أفكارهم بحرية. وجلس المصوّران رانكين وفيليب توليدانو للحديث عن أثر الذكاء الاصطناعي على فنّهما وتداعياته الأوسع.
عالم الفن ليس غريباً عن التطورات التكنولوجية، لكن صعود الذكاء الاصطناعي يُحدث صدمة داخل المجتمع الإبداعي.
لهذا أنشأنا سلسلة "Artistic Impressions" (AI)، وهي سلسلة جديدة نستمع فيها إلى أشخاص في طليعة المشهد الفني حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي في عوالمهم، وما يفعلونه وكيف يفعلونه.
التصوير الفوتوغرافي هو أول محور في تركيزنا، لذلك تحدّث قسم الثقافة في يورونيوز مؤخراً مع رانكن، وهو فنان بريطاني وأحد أشهر مصوّري البورتريه في العالم، وقد زيّنت أعماله عدداً لا يُحصى من المجلات اللامعة وصالات العرض. كما أنّ فيليب توليدانو فنان مفاهيمي وُلد في بريطانيا ويقيم في نيويورك، وتتراوح أعماله اللافتة بين التصوير الفوتوغرافي والوسائط المتعددة والتركيبات الفنية والنحت والفيديو.
الذكاء الاصطناعي: تحبه أم تكرهه؟
رانكن، المعروف بصوره الأيقونية للمشاهير والموسيقيين، شديد الحذر لكنه انخرط بالكامل في الذكاء الاصطناعي: "لقد فُرضت علينا هذه التقنية. ليس لدينا أي قدرة على الرجوع لمناقشتها، أو التحدّث عمّا ستفعله بنا. أشعر بمزيد من التردد في استخدامه لأن كثيراً من الصور التي جرى سحبها عبر الإنترنت بأكمله هي ملكيات فكرية لآخرين"، يقول.
يستخدم رانكن أرشيفه الضخم من الصور لإنتاج تحويلات جديدة مولّدة بالذكاء الاصطناعي لأعماله منذ نحو عامين، وهو متحمّس للإمكانات التي يوفّرها. "لقد رأيت أشخاصاً يبكون ممّن حضروا العرض لأنهم شعروا أنه موت التصوير الفوتوغرافي، وأنا أختلف تماماً مع ذلك"، يقول. "وهناك من وبّخني على وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني أعتقد أنك لا تستطيع أن تنتقد هذه الأمور ما لم تستخدمها."
نهاية الحقيقة
أما فيليب توليدانو فقد تبنّى الذكاء الاصطناعي بالكامل وهو أكثر حماساً لاستخداماته. يقول: "أعتقد أن وظيفتي كفنان هي أن أكون فضولياً. وظيفتي أن أفتح كل نافذة، وأن أتأمل كل مشهد، وأن أفكر: "هل هذا مفيد؟ هل هذا غير مفيد؟""
يقول توليدانو: "فكرة التصوير باعتباره الحقيقة ماتت، لكن التصوير نفسه لم يمت. لأن الذكاء الاصطناعي موجود، فكل شيء صحيح ولا شيء صحيح في الوقت نفسه. لذا كان كل عملي يدور حول فكرة أن حقيقة التصوير قد ماتت. إنها علاقة مختلفة تماماً تقيمها مع عملك مقارنة بالعمل مع شخص حقيقي."
ويرى توليدانو أن الطريقة التي نصل بها اليوم إلى الصور والمعلومات الإخبارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولّدت ارتباكاً ومجتمعات تزدهر فيها المعلومات المضللة.
وبالنسبة لرانكن، فهذا يعني أن التصوير سيغدو أكثر أهمية. "أعتقد أن ما يفعله هذا فعلاً هو أنه يجعل الحقيقة نوعاً من الترف، ويجعلها أكثر قيمة. لذا سيستمر التصوير لأنني أظن أن الناس سيولون تركيزاً أكبر، ليس على الحشو، بل على البورتريه، وعلى اللحظة الزمنية، فالأمر يتعلق بصناعة ذكريات لتلك اللحظات الباهرة؛ الأشياء التي هي فعلاً مهمة".
مستقبل الفن
تطلّع رانكن وفيليب توليدانو إلى المستقبل وتخيّلا شكل الفن في عصر الذكاء الاصطناعي. ويتحمّس توليدانو للإمكانات التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي، ويؤمن أنه سيسمح له بابتكار أعمال لم يكن ليتخيّلها من قبل. يقول: "أعتقد أن كل فنان سيغوص حقاً في هذا العمل... سيتمكن من العثور على الحدود لما يمكنه فعله مما هو جديد تماماً".
ويعتقد توليدانو أنه من غير الواقعي تماماً أن نتوقع من البشرية أن تتصرف اليوم تجاه التكنولوجيا الجديدة بصورة تختلف عمّا فعلته خلال 30.000 عام. "الناس خائفون الآن، لكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع أن نكون منفتحين وفضوليين. قد تحدث أمور استثنائية ومريعة، نحن فقط لا نعرف."
ومع اقتراب الحوار من نهايته، دُعي الفنانان إلى توجيه رسالة لعمالقة التكنولوجيا الذين يقودون تطوير الذكاء الاصطناعي. كانت رسالة رانكن بسيطة: أبطئوا الوتيرة. يقول: "أعطوا البشرية فرصة لتلحق بالركب. أنتم تتحركون بسرعة كبيرة... أكثر ما يخيفني أن الناس الذين يتواصلون مع روبوتات الدردشة هذه، وهذا في جوهره ما هو "ChatGPT"... يشكّلون علاقات معها... أعتقد أنه ينبغي أن نتحمّل قدراً أكبر من المسؤولية في كيفية طرح هذا للجمهور. الأطفال بحاجة فعلاً إلى الحماية من هذه الأمور".
في المحصلة، ترك لنا الحديث مع رانكن وفيليب توليدانو مزيداً من الأسئلة والمواد للتفكير. لكن شيئاً واحداً واضح: صعود الذكاء الاصطناعي يغيّر عالم الفن بالفعل وسيواصل ذلك بطرق لا نستطيع حتى أن نتخيّلها بعد.
أحدث أعمال فيليب توليدانو "Another England" الصادر عن "L'Artiere" متاح الآن.
شاهدوا المحادثة كاملة في مشغّل الفيديو أعلى هذه الصفحة.