يمكن للمشاهدين متابعة البث المباشر والتصويت عبر الإنترنت لاختيار الدب الذي اكتسب أكبر قدر من الوزن بعد التهام كميات هائلة من سمك السلمون.
تستعد الدببة البنية في شبه جزيرة ألاسكا لخوض منافسة سنوية عبر الإنترنت تُعرف باسم "أسبوع الدب السمين"، حيث يتسابق كل منها على لقب أسمن دب بعد تراكم الدهون استعدادًا لفصل الشتاء.
تنطلق المرحلة الرئيسية للمسابقة، المخصصة للدببة البالغة، الأسبوع المقبل، بينما تُفتتح الفعاليات يوم الخميس بجولة تمهيدية أطلقت عليها إدارة المتنزهات الوطنية اسم "مقبلات الدببة السمينة"، وتتيح التصويت حتى الجمعة لاختيار دب مراهق يتأهل إلى المرحلة النهائية.
وانطلقت المسابقة عام 2014 بهدف تسليط الضوء على قدرة الدببة البنية على تخزين الطاقة عبر تناول كميات كبيرة من سمك السلمون في نهر بروكس، الواقع ضمن متنزه كاتماي الوطني، استعدادًا لفترة السبات الشتوي.
يُمكن متابعة الدببة عبر كاميرات بث مباشر، كما يُفتح باب التصويت أمام الجمهور العالمي لاختيار الدب الذي حقق أعلى مستوى من تراكم الدهون خلال الموسم الحالي.
قال مايك فيتز، عالم الطبيعة في محمية كاتماي والمؤسس الأصلي للمسابقة أثناء عمله حارسًا فيها: "المسابقة تمنح الجمهور فرصة للتأمل في آليات بقاء الدببة، والمتطلبات البيولوجية التي تمكنها من الصمود، والدور الحيوي الذي يلعبه النظام البيئي في دعمها، إضافةً إلى تتبع مسارات نجاحها الفردية".
وشهد هذا العام وفرة غير مسبوقة في هجرة سمك السوكي، ما يعني أن المشاركين في المسابقة سيظهرون مستويات استثنائية من التسمين.
في ما يلي لمحة دقيقة عن تفاصيل هذا الحدث الذي يحظى بمتابعة واسعة على الإنترنت.
كيفية التصويت في أسبوع الدب السمين
وسيُعلن يوم الإثنين عن أسماء الدببة الاثني عشر المتأهلة للمشاركة في البطولة، والتي تُقام بنظام خروج المغلوب (قوس واحد). ويتم التصويت بالكامل عبر الموقع الإلكتروني www.fatbearweek.org، على أن يُكشف عن الفائز النهائي في 30 سبتمبر.
وفي الدور الأول، تتنافس ثمانية دببة ضمن أربع مواجهات منفصلة، يتأهل منها أربعة إلى الدور التالي.
ويقطن متنزه كاتماي الوطني، الواقع في شبه جزيرة ألاسكا وتمتد مساحته على 16,997 كيلومترًا مربعًا جنوب غرب الولاية باتجاه جزر ألوشيان، نحو 2,200 دب بني. وهو رابع أكبر متنزه وطني في الولايات المتحدة، ويتميز بتنوع بيئي وحيوي استثنائي، أبرز رموزه الدببة البنية.
وللمشاركة في المسابقة، يشترط أن تكون الدببة متواجدة بانتظام في منطقة مخيم بروكس، حيث تُركّز كاميرات المراقبة وتُجرى عمليات التقييم.
وضع الدب على الميزان أمر مستحيل
ويُعد وزن الدببة في الواقع عملية معقدة وخطيرة، لذا يُترك تقدير حجمها للمصوتين بناءً على المظهر المرئي فقط عبر الصور ومقاطع البث المباشر.
وخلال السبات الشتوي، قد تفقد الدببة ما يصل إلى ثلث وزنها، إذ تمتنع تمامًا عن الأكل أو الشرب حتى تخرج في الربيع. ولتعويض هذا الفقد، تركز خلال الصيف والخريف على تناول أغنى المصادر الغذائية المتاحة — وأهمها سمك السلمون في متنزه كاتماي الوطني.
وبين أواخر يونيو ومنتصف أكتوبر، تتجمع عشرات الدببة عند مخيم بروكس لصيد السلمون، وبعضها قادر على التهام أكثر من 40 سمكة في اليوم الواحد.
ويعتمد بقاء الدببة على قيد الحياة خلال الشتاء على قدرتها على تكوين احتياطيات دهنية كافية قبل دخول العرين، ما يجعل الدب الأكثر سُمنة مؤشرًا مباشرًا على نجاحه البيولوجي.
وفي منتصف الصيف، يتراوح وزن ذكور الدببة البنية في كاتماي بين 318 و408 كيلوجرامات، لكنه يرتفع إلى أكثر من 454 كيلوجرامًا بحلول سبتمبر أو أكتوبر، نتيجة كفاءتها في جمع الغذاء.
ليس نادرًا أن يصل وزن بعض الذكور إلى 544 كيلوجرامًا، وقد سُجّلت حالات قُدّر وزنها بنحو 635 كيلوجرامًا.
أما الإناث، فحجمها يتراوح بين نصف وثلثي حجم الذكور البالغين، لكنها تحتاج أيضًا إلى زيادة وزنها بشكل ملحوظ لضمان ولادة أشبالها ورعايتها، إلى جانب تأمين بقائها خلال فترة السبات.
معايير التصويت
يشير فيتز إلى أن السمنة ليست المعيار الوحيد الذي ينبغي على المصوتين الاعتماد عليه.
يمكن أخذ عوامل أخرى في الحسبان، مثل التحديات التي تواجهها بعض المتسابقات — خصوصًا الإناث — اللواتي يقمن بأدوار متعددة: حماية الأشبال، وإدرار الحليب، وفي الوقت نفسه تجميع ما يكفي من الدهون لضمان بقائهن خلال الشتاء.
سبق لأمهات دببة أن فُزن باللقب. ومن أبرز الأمثلة "غرايزر"، التي حصدت لقب "أسبوع الدب السمين" مرتين، وهزمت في النهائي العام الماضي "تشانك"، أحد أكبر دببة نهر بروكس.
ورغم أن المسابقة تُجرى عبر الإنترنت، فإن الصراع بين الدبين لم يكن افتراضيًا. فقد واجها بعضهما في البرية قبل أشهر، حين هاجم "تشانك" أحد أشبال "غرايزر" بعد أن سقط من أعلى شلال — مشهد بُث مباشرة عبر الكاميرات. تصدت له "غرايزر" بشراسة، لكن الشبل لم ينجُ من الإصابات.
تشانك يتكيف مع فكه المكسور
أوضح فيتز أن "تشانك" عاد هذا العام إلى المتنزه، لكنه وصل إلى نهر بروكس في يونيو بفك أيمن مكسور، يتدلى دون أن يلتئم بشكل طبيعي.
من المرجح أن الإصابة نتجت عن شجار مع دب آخر، إذ تستهدف الدببة أثناء الصراعات الرأس والرقبة، وقد تتشابك فكوكها، ما يولّد عزم دوران كافٍ لكسر فك دب بني.
رغم ذلك، فإن "تشانك" أظهر تكيفًا ملحوظًا مع إصابته، ولم تُسجّل أي تأثيرات سلبية على قدرته على الأكل. لا يزال يُعد من بين الأضخم حضورًا على ضفاف النهر.
الدببة السمينة تواجه ضغطًا من تغير المناخ
وتشتهر شلالات بروكس فولز بمشاهد الدببة البنية وهي تصطاد سمك السلمون في الهواء، بينما تحاول الأسماك القفز عكس التيار للوصول إلى مواقع التزاوج.
لكن هذا العام، قلّت هذه المشاهد بشكل ملحوظ، بسبب الوفرة الاستثنائية في هجرة السلمون، التي خفّفت من حدة التنافس بين الدببة على مواقع الصيد عند الشلالات.
وقال فيتز: "نتوقع أن نرى هذا العام بعضًا من أكثر الدببة سُمنةً التي شهدناها منذ انطلاق الحدث".
ورغم أن خليج بريستول باي لا يزال يُعد موطنًا لأحد أصح تجمعات سمك السلمون في العالم، فإنه يواجه تغيرات متزايدة في بيئاته البحرية والنهرية والبحيرية. فارتفاع درجات الحرارة يجعل الأسماك أقل ميلًا لمغادرة مياه البحيرات الباردة والتحرك صعودًا نحو النهر، حيث تنتظرها الدببة وتتكاثر. كما يُشكّل تحمّض المحيطات وانخفاض هطول الأمطار تهديدات إضافية.
إذا تأثرت هجرة السلمون في الخليج سلبًا بتغير المناخ، فستكون الدببة أول المتضررين. فهي تعتمد كليًا على هذا الجريان لتأمين السعرات الحرارية الضرورية لفصل الشتاء، ما يجعل الحفاظ على صحة النظام البيئي لنهر بروكس أمرًا حيويًا لاستمرار الحياة البرية بأكملها في متنزه كاتماي الوطني.
العداوات العائلية
وسيحمل أسبوع الدب السمين الصغير هذا العام طابعًا عائليًا واضحًا.
ففي إحدى مباريات الدور قبل النهائي يوم الخميس، يواجه الشبل 128 جونيور — وهو ابن البطلة مرتين "غرايزر" وشقيق الدب الذي قُتل على يد "تشانك" العام الماضي — فريقًا مكونًا من شبلين يتنافسان معًا.
وستواجه الأشبال 803 — وهما نسل الدب 803 — الجمهور في مباراة، ويُعرفان بسلوكهما المشاغب: محاولات ركوب المركبات والقوارب، والعبث بإحدى كاميرات البث المباشر.
أما المباراة النصف نهائية الأخرى، فتجمع بين شقيقين من نفس الأم، الدبة 26. الأنثى أصغر حجمًا وأفتح لونًا من شقيقها، وأكثر هدوءًا في سلوكها. أما الذكر، فهو أكثر جرأة، ما قد يمنحه تفوقًا في حال تنافس على مصادر غذاء محدودة.