برأت الهند هذا الأسبوع مركز "فانتارا" التابع لعائلة أمباني من أي مخالفات في استيراد ببغاوات السبيكس النادرة، بعدما أثار انتقال 26 طائرًا منها من برلين إلى أحمد آباد في شباط/فبراير 2023 نزاعًا دوليًا مع البرازيل وألمانيا تحت مظلة اتفاقية سايتس.
خلصت تحقيقات رسمية في الهند هذا الأسبوع، بحسب ما أفادت وكالة رويترز، إلى أن مركز "فانتارا" التابع لعائلة أمباني، التي تُعد أغنى عائلة في آسيا، لم يرتكب أي مخالفات في استيراد ببغاوات السبيكس النادرة.
وأعاد هذا التطور إلى الواجهة نزاعًا دوليًا مستمرًا منذ أكثر من عامين حول كيفية وصول 26 من هذه الطيور، التي أُعلنت منقرضة في البرية عام 2019، إلى الهند في شباط/فبراير 2023.
خلفية النزاع
البرنامج الدولي لتربية هذه الطيور في الأسر، الذي أعاد بعضها إلى الطبيعة، فوجئ بوصول مجموعة منها إلى الهند عبر "فانتارا".
من جهتها، برّأت السلطات الهندية المركز، فيما تواصل جهات أوروبية مراقبة أي صادرات مستقبلية إليه، بينما تعمل البرازيل وألمانيا والهند على تسوية القضية ضمن إطار اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض (سايتس).
مركز فانتارا
يمتد المركز على مساحة 3500 فدان ويضم نحو ألفي نوع من الحيوانات. وقد افتتحه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في آذار/مارس الماضي، بعد أن أصبح موقعًا بارزًا في احتفالات زفاف أنانت أمباني، نجل الملياردير موكيش أمباني، التي حضرها ضيوف من بينهم إيفانكا ترامب ومارك زوكربرغ.ويقع المركز بمحاذاة مصفاة نفط تابعة لمجموعة "ريلاينس إندستريز".
تحليل أجرته رويترز لـ 2500 سجل جمركي متاح تجاريًا يُظهر أن "فانتارا" استورد منذ عام 2022 مجموعة استثنائية من الأنواع الغريبة من دول بينها جنوب أفريقيا وفنزويلا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والإمارات.
وتشمل القائمة ما يشبه "سفينة نوح" حديثة: 2,896 ثعبانًا، 1,431 سلحفاة، 219 نمرًا، 149 فهدًا، 105 زرافات، 62 شمبانزيًا، 20 وحيد قرن، وعشرات الزواحف بينها السحالي الشوكية والحرباء المحجبة.
قيمة هذه الشحنات سُجّلت بـ 9 ملايين دولار، وهي مبالغ قال متحدث باسم "فانتارا" إنها تخص رسوم الشحن والتأمين، وليست مدفوعات لشراء الحيوانات.
رحلة الببغاوات
وثائق جمركية اطلعت عليها رويترز تُظهر أن ببغاوات السبيكس وصلت إلى أحمد آباد من برلين في 4 شباط/فبراير 2023، بكلفة بلغت 969 دولارًا لكل ببغاء، أي ما مجموعه 25,194 دولارًا، مع إعفاء من رسوم وضرائب محلية قدرها 19 ألف دولار، وفق الممارسة الهندية.
من جهتها، أكدت سلطات البرازيل أنها لم تعطِ موافقتها على إرسال هذه الطيور إلى الهند، وأبلغت مخاوفها إلى سايتس. وجاء في رسالة من "معهد شيكو مينديز لحماية التنوع البيولوجي"، وهو هيئة حكومية برازيلية، بتاريخ 8 أيلول/سبتمبر:"حديقة فانتارا لم تنضم بعد إلى برنامج إدارة أعداد ببغاء السبيكس، وهو شرط أساسي للمشاركة الرسمية في جهود الحفاظ على هذا النوع. في الوقت الحالي لا تشارك أي مؤسسة هندية في البرنامج، وبالتالي لا يوجد سبب لإرسال هذه الطيور إلى الهند".
دور ACTP والنزاع القانوني
البرازيل أنهت العام الماضي اتفاقها مع جمعية ACTP الألمانية، قائلة إن الأخيرة أرسلت ببغاوات سبيكس إلى دول أخرى عبر "معاملات تجارية" من دون موافقة برازيلية.
ونفت الجمعية سابقًا أن يكون للنقل أي طابع تجاري، لكنها لم ترد على طلب رويترز للتعليق.
أما متحدث باسم "فانتارا" فقال إن نقل الببغاوات كان "قانونيًا بالكامل، غير تجاري، وتم في إطار ترتيب للتكاثر من أجل الحماية مع ACTP".
المواقف الدولية
وزارة البيئة الألمانية قالت إنها وافقت "بحسن نية" على نقل الببغاوات إلى "فانتارا" عام 2023، لكنها لم تستشر البرازيل في ذلك الوقت. وفي العام الماضي، وبعد التشاور مع السلطات البرازيلية، رفضت ألمانيا طلبًا آخر لنقل مزيد من ببغاوات السبيكس إلى "فانتارا"، مبررةً قرارها بأن المركز "ليس مشاركًا" في برنامج إدارة أعداد هذا النوع. وأضافت الوزارة أن "القرار يخضع حاليًا لإجراءات قضائية"، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
تفاصيل عن المركز وحيواناته
تقرير سنوي لـ "فانتارا" يظهر أنه في السنة المنتهية في آذار/مارس 2024، لم تتجاوز نسبة الحيوانات القادمة من الهند 20% من أصل 6,355 حيوانًا وصلت إلى المركز، فيما استورد الباقي من 40 دولة.
صور الأقمار الصناعية التي قدمتها "ماكسار تكنولوجيز" تُظهر أن الأرض barren تحولت منذ 2020 إلى مساحات خضراء منظمة ومروج شبيهة بالغابات.
في جولات إعلامية، عرض أنانت أمباني مطابخ مجهزة بمنتجات فاخرة لتحضير عصائر وحلويات وحتى "بوبكورن" كوجبات للفيلة. وعند زيارة مودي للمكان هذا العام، نشر مكتبه مقطعًا مدته ثماني دقائق وهو يطعم أشبال أسود وفيلة ووحيد قرن وزرافات. وأظهرت صورة رئيس الوزراء يحمل على يده ببغاء سبيكس.
دفاع هندي ومتابعة أوروبية
الهند دافعت عن المركز في اجتماعات سايتس بجنيف في شباط/فبراير، معتبرة أنه "مركز معترف به للتكاثر من أجل الحماية"، وفق ملخص نشرته سايتس.
وثائق سايتس المنشورة قبل اجتماعها المقبل في تشرين الثاني/نوفمبر تُظهر تقدمًا في معالجة الخلاف. وأكدت أمانة سايتس لرويترز أن هناك مشاورات جرت بين البرازيل والهند وألمانيا، وأن الجانب البرازيلي سيقدم تحديثًا.
مع ذلك، أشارت جهات أوروبية مؤخرًا إلى أنها ستبقي "عينًا ساهرة" على أي طلبات لنقل حيوانات إلى "فانتارا". وقالت مفوضة البيئة الأوروبية جيسيكا روسوال، في رد بتاريخ 1 آب/أغسطس على مخاوف أبداه أحد النواب بشأن تجارة الحيوانات :"ستولي دول الاتحاد الأوروبي اهتمامًا خاصًا لأي طلبات تصدير موجهة إلى الهند والمرفق المذكور، وستقيّمها بمزيد من التدقيق".
خطوات مقبلة
قضاة في نيودلهي نشروا هذا الأسبوع ملخصًا لتقرير المحققين الهنود، جاء فيه أن تصاريح الاستيراد والتصدير الخاصة بببغاوات السبيكس كانت سليمة، وأن "فانتارا" يجري الآن محادثات مباشرة مع البرازيل بشأن "إعادة إدماجها في الطبيعة". وأضاف التقرير: "مداولاتهم ما زالت في مرحلة أولية".