Newsletter الرسالة الإخبارية Events الأحداث البودكاست فيديو Africanews
Loader
ابحثوا عنا
اعلان

أسرار خلف المشكلة.. أزمة المياه في إيران "ليست من صنع الطبيعة وحدها"

تُظهر هذه الصورة، الملتقطة يوم الثلاثاء، 10 يوليو/تموز 2018، إحدى آخر برك المياه  المتبقية في أراضي غافكوني جنوب العاصمة طهران، إيران.
تُظهر هذه الصورة، الملتقطة يوم الثلاثاء، 10 يوليو/تموز 2018، إحدى آخر برك المياه المتبقية في أراضي غافكوني جنوب العاصمة طهران، إيران. حقوق النشر  Vahid Salemi/Copyright 2018 The AP. All rights reserved.
حقوق النشر Vahid Salemi/Copyright 2018 The AP. All rights reserved.
بقلم: يورونيوز
نشرت في آخر تحديث
شارك محادثة
شارك Close Button

اعتمدت الحكومة الإيرانية سياسات زراعية تقوم على الريّ المكثّف، دعمت من خلالها محاصيل شديدة الاستهلاك للمياه وسمحت بحفر آبار على نطاق واسع، ما أدى إلى استنزاف الموارد الجوفية وتفاقم أزمة الجفاف، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

تناول تقرير موسع لصحيفة "واشنطن بوست" الأزمة المتصاعدة في إيران جراء الجفاف الحاد ونقص المياه، في وقت تقترب فيه عشرات السدود من الجفاف، ويواجه سكان طهران احتمال نفاد المياه خلال أسابيع، بينما طرح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان فكرة إخلاء العاصمة، رغم عدم وضوح وجهة ملايين السكان.

وتشير الصحيفة إلى أنّ الأزمة الحالية تفاقمت بفعل نقص تاريخي في الأمطار وجفاف مستمر منذ خمسة أعوام، غير أنّ جذورها تعود إلى سياسات حكومية تراكمت على مدى عقود بهدف دعم الزراعة المكثفة وتعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي، ما أدى إلى استنزاف معظم الموارد المائية الثمينة في البلاد.

سياسات زراعية استنزفت المياه

توضح "واشنطن بوست" أنّ الحكومة الإيرانية ضمنت شراء محاصيل معينة، بما فيها محاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل الأرز والتفاح، وقدمت دعمًا للأسمدة ومدخلات أخرى، ومنحت قروضًا منخفضة الفائدة، وسمحت بحفر الآبار في مناطق قاحلة وشبه قاحلة، ما أدى إلى استنزاف كبير للمياه الجوفية. وفي كثير من الحالات، عجزت السلطات حتى عن منع الآبار غير المرخصة.

وبحسب التقرير، ساعدت هذه السياسات على مضاعفة الأراضي المروية تقريبًا منذ "الثورة الإسلامية" عام 1979، لتصل إلى أكثر من 22 مليون فدان.

ويقول نيما شكري، مدير معهد المعلوماتية الجيولوجية والهيدرولوجية في جامعة هامبورغ للتكنولوجيا، إنّ الحكومة "باعت رأس مالها الطبيعي المياه وخصوبة التربة والقدرة على الصمود، مقابل مكاسب قصيرة الأمد".

الاقتصاد الزراعي وعقدة العقوبات

يلفت التقرير إلى أنّ الوظائف الزراعية تبقى حيوية لأنّ إيران لم تنجح في تنويع اقتصادها بسبب العقوبات الغربية المفروضة على خلفية برنامجها النووي. وقد شكّلت هذه الوظائف ما يصل إلى ربع اليد العاملة، وفق أرقام مشروع "إيران 2040" التابع لجامعة ستانفورد.

ويستشهد التقرير بتصريحات عيسى كلانتري، وزير الزراعة السابق ومدير دائرة البيئة لاحقًا، الذي قال: "نحن ندمر البيئة ونستهلك حقوق الجيل القادم لأسباب سياسية دولية. من قال إن علينا أن نكون في صراع مع العالم كله؟".

في هذه الصورة الملتقطة يوم الثلاثاء، ١٠ يوليو ٢٠١٨، لم يعد نهر زاينده رود يجري تحت جسر سيوسه بل، في أصفهان، إيران.
في هذه الصورة الملتقطة يوم الثلاثاء، ١٠ يوليو ٢٠١٨، لم يعد نهر زاينده رود يجري تحت جسر سيوسه بل، في أصفهان، إيران. Vahid Salemi/Copyright 2018 The AP. All rights reserved.

آبار تجف بسرعة… وتجارب ميدانية

يعرض التقرير مثالًا من الواقع الإيراني عبر قصة "سجاد"، مزارع من سفوح جبال زاغروس، زرعت عائلته التفاح والعنب بعدما شجعت حكومة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد المزارعين على ذلك من خلال القروض وتوزيع الشتلات. كما سمحت الحكومة حينها بحفر آبار كانت ممنوعة سابقًا. إلا أنّ بئر عائلة سجاد جفت بعد عام ونصف فقط، في دلالة على سرعة نضوب المياه الجوفية.

مرتكزات أيديولوجية للسياسة الزراعية

يلاحظ التقرير أنّ قادة النظام الإيراني دافعوا طوال عقود عن فكرة عدم الوثوق بالغرب في تأمين الغذاء. وينقل عن آالمرشد الأعلى الراحل روح الله الخميني قوله إنّ الزراعة "يجب أن تكون أساس كل شيء"، وعن المرشد الحالي علي خامنئي قوله إنّ على إيران أن تؤمّن غذاءها حتى لا تخضع لـ"بلطجية العالم".

ويعلّق كاوه مدني، الخبير المائي ونائب مدير دائرة البيئة سابقًا قبل مغادرته إيران عام 2018، بأنّ اقتصاد البلاد يعمل في "وضع المقاومة"، موضحًا: "إذا لم تستطع خلق وظائف في الصناعة أو الخدمات، وإذا لم تستطع تنويع اقتصادك، فلن تتمكن من فصل اقتصادك عن المياه".

وتشير "واشنطن بوست" إلى أنّ 80 إلى 90 بالمئة من استخدام إيران السنوي للمياه يذهب إلى الزراعة، وهي نسبة تفوق بكثير موارد البلاد المائية المتجددة. كما تُعد إيران من بين الأعلى عالميًا في الاعتماد على المياه الجوفية، مع تسجيل هبوط مقلق في الأراضي وارتفاع كبير في ملوحة التربة.

جفاف تاريخي يزيد الأزمة حدّة

يتناول التقرير تأثير التغيّر المناخي الذي فاقم الأزمة عبر خفض هطول الأمطار، مشيرًا إلى أنّ 32 سدًا في إيران أصبحت تحت 5 بالمئة من طاقتها التخزينية، وأنّ معدل الأمطار خلال أول 53 يومًا من الخريف كان أقل بـ83 بالمئة من المتوسط طويل الأجل.

ويقول مدني: "لم نشهد جفافًا بهذا الحجم أو الطول في التاريخ الحديث"، لكنه يضيف أنّ الجفاف لا يفسّر وحده الأزمة العميقة التي تواجهها البلاد.

بدوره، يرى محسن مسكران، عالم البيئة الزراعية في جامعة كاليفورنيا في ديفيس والمشارك في إعداد دراسة ستانفورد عام 2018، أنّ تغيّر المناخ ونقص الأمطار "لا يمكنهما تفسير حجم أزمة المياه الحالية"، مؤكدًا أنّ المشكلة الأساسية تكمن في السياسات.

احتجاجات محدودة

ويشير التقرير إلى أنّ الحكومة الإيرانية واجهت موجات متكررة من الاحتجاجات خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية بسبب الأوضاع الاقتصادية، وبعضها ارتبط بالمياه، خصوصًا اعتراضًا على نقل الموارد المائية بين المناطق. لكن ورغم الاحتجاجات المعزولة هذا الصيف، لم تظهر انتفاضة واسعة بخصوص نقص المياه.

وفي المقابل، لا تزال الحكومة ملتزمة بالاكتفاء الذاتي الغذائي. فقد أقر البرلمان العام الماضي خطة تنمية لخمس سنوات تنص على أن يتم إنتاج 90 بالمئة من المواد الغذائية الأساسية مثل القمح، الشعير، الأرز، البقوليات، اللحوم الحمراء والبيضاء، والسكر، داخل البلاد.

وفي مناظرة نُشرت على يوتيوب، ناقش بيمن فلسفي، نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والموارد الطبيعية في البرلمان، بأنّ إيران يمكن أن تعتمد على التكنولوجيا والاستثمارات الصينية لتطوير القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج. كما استشهد بالقصف الإسرائيلي لإيران خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا هذا العام، وبالمجاعة التي يعانيها الفلسطينيون في غزة بسبب الحصار، معتبرًا ذلك دليلًا على ضرورة الاعتماد الذاتي. وقال: "اليوم، الزراعة والغذاء يُستخدمان كأسلحة".

شهادات مزارعين

يعرض التقرير شهادات مزارعين من مناطق مختلفة، ففي بستان عائلة سجاد، تنقل العائلة المياه في صهاريج من شبكة البلدية، نحو 850 غالونًا أسبوعيًا، ورغم ذلك "الأرض تبقى عطشى". وقد فشل محصول التفاح هذا العام بالكامل.

وفي محافظة جيلان الشمالية الغنية نسبيًا بالمياه، يقول مزارع قمح إنّ محاصيله كانت تكتفي بمياه الأمطار سابقًا، لكن ذلك تغيّر خلال السنوات الثلاث الماضية، وتوقفت شركات التأمين عن تأمين زراعة القمح. وقال: "زراعة القمح تكاد تختفي".

أما في منطقة تاكستان، المشهورة بزراعة العنب، يروي مزارع يدعى فرهاد أنّ المزارعين يعتمدون على آبار كهربائية، لكن انقطاع الكهرباء بسبب تراجع الطاقة الكهرومائية أدى إلى تعطّل الري وانخفاض الإنتاج. ويشير إلى أنّ المزارعين كانوا قبل 20 عامًا يصلون إلى المياه على عمق 25 إلى 30 مترًا، لكنّهم الآن يضطرون إلى الحفر حتى 150 مترًا.

ويقول فرهاد: "كل الهمسات تقول إنه خلال عامين أو ثلاثة، لن يكون لدينا أي مياه".

انتقل إلى اختصارات الوصول
شارك محادثة

مواضيع إضافية

ذكاء اصطناعي يرسم خريطة مذهلة لـ100 مليار نجم في مجرّة درب التبانة بدقّة غير مسبوقة

البرازيل: بولسونارو يتجه لتنفيذ عقوبة السجن 27 عامًا بعد تثبيت الحكم واستنفاد الطعون

الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء تصاعد عمليات الخطف الجماعي في نيجيريا