تضمّ الشكوى نحو 450 شخصاً، اعتبروا أن السياسات الحكومية الحالية في مجال المناخ "غير كافية بتاتاً"، وتشكل خطراً مباشراً على صحتهم وسبل عيشهم.
تقدّم مئات المواطنين في اليابان، لأول مرة، بدعوى قضائية ضد الحكومة، متّهمين إيّاها بالتقاعس "المخالف للدستور" في التعامل مع أزمة التغيّر المناخي.
وقال كبير محامي المجموعة المدّعية، أكيهيرو شيما، في تصريحات لوكالة فرانس برس، إن فريق الدفاع قدّم الالتماس وجميع عناصر الإثبات إلى المحكمة، مؤكداً أن الطلب قُبل رسمياً وبدأ مساره القضائي.
وأوضح أحد المدّعين، كييشي أكياما، وهو عامل في قطاع البناء، أن موجات الحر المتواصلة أجبرت فريقه على إبطاء وتيرة العمل، ما تسبّب في "خسائر فادحة" لنشاطه. وأضاف أكياما (57 عاماً) أنه شهد حالات "انهيار أشخاص في مواقع العمل، أو وفاتهم بعد عودتهم إلى منازلهم".
وتضمّ الشكوى نحو 450 شخصاً، اعتبروا أن السياسات الحكومية الحالية في مجال المناخ "غير كافية بتاتاً"، وتشكل خطراً مباشراً على صحتهم وسبل عيشهم.
ويرى أصحاب الدعوى أن فشل الدولة في اتخاذ تدابير أكثر صرامة لمواجهة الاحتباس الحراري يمسّ بحقوقهم الأساسية التي يكفلها الدستور.
ورغم أن المحاكم اليابانية نظرت سابقاً في خمس دعاوى متعلّقة بالمناخ، استهدفت خصوصاً محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، فإن هذه القضية تتميّز بكونها المرة الأولى التي يُطلب فيها من الحكومة نفسها دفع تعويضات مالية بسبب تقاعسها، وفق ما أكّدته الأستاذة المحاضرة في جامعة طوكيو والمتخصّصة في النزاعات المناخية، ماساكو إيشيهارا.
ويطالب المدّعون بتعويض رمزي قدره ألف ين ياباني لكلّ شخص، وهو مبلغ شدّد محاموهم على أنه ليس الهدف الأساسي من الدعوى، بل وسيلة لتحميل الدولة مسؤوليتها القانونية والدستورية في حماية المواطنين من تداعيات تغيّر المناخ.
وترى إيشيهارا أن فرص كسب القضية تبقى محدودة في السياق القضائي الياباني، لكنها تشير في المقابل إلى أن الدعوى قد تحقق هدفها الأساسي إذا نجحت في رفع مستوى الوعي العام والضغط على السلطات لتشديد سياساتها المناخية.
وشهدت اليابان هذا العام أشدّ صيف حرارة منذ بدء تسجيل البيانات المناخية عام 1898.
ويؤكد مقدّمو الشكوى أن موجات الحر المتزايدة تهدد صحة السكان، وتؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي، وتتسبب بخسائر اقتصادية متنامية.
من جهته، رفض الأمين العام للحكومة اليابانية، مينورو كيهارا، التعليق مباشرة على الشكوى خلال مؤتمر صحافي، مكتفياً بالتذكير بأن بلاده صادقت على أهداف وصفها بــ"الطموحة" لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، بما يتماشى مع التزاماتها ضمن اتفاق باريس للمناخ.
وتعهّدت اليابان بخفض انبعاثاتها بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 2013، وبنسبة 73 في المئة بحلول عام 2040. غير أن المدّعين يرون أن هذه التعهدات لا تُترجم على أرض الواقع بإجراءات كافية أو سريعة لمواجهة حجم التحديات المناخية.
وتندرج هذه الدعوى ضمن الإطار العالمي للقضايا المتعلقة بالمناخ، إذ قضت محكمة في كوريا الجنوبية العام الماضي بأن جزءاً كبيراً من الأهداف المناخية المعتمدة يتعارض مع الدستور، كما أصدرت المحكمة الدستورية الألمانية عام 2021 قراراً مماثلاً اعتُبر سابقة قانونية في تحميل الدول مسؤولية حماية الأجيال الحالية والمقبلة من مخاطر تغيّر المناخ.