كشفت دراسة بريطانية أن كوفيد الطويل سبب اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء، من نزيف غزير إلى غياب بعض الدورات، رغم بقاء المبايض سليمة.
أظهرت دراسة أجراها مركز الصحة الإنجابية بجامعة إدنبرة في المملكة المتحدة أن النساء المصابات بكوفيد الطويل يعانين من اضطرابات ملحوظة في الدورة الشهرية، تشمل نزيفًا غزيرًا، طول مدة الدورة، وارتفاع النزيف بين الدورات الشهرية، في حين تبقى وظيفة المبايض سليمة.
وأرجع الباحثون هذه الظواهر إلى تغيرات هرمونية والتهابات نسيجية داخل الرحم.
خلفية الدراسة
قبل انتشار جائحة كوفيد-19، كان نزيف الرحم غير الطبيعي مشكلة شائعة ومرهقة، إذ أبلغت واحدة من كل ثلاث نساء عن فقدان دموي مفرط خلال الدورة الشهرية، وترتفع النسبة لتصل إلى واحدة من كل اثنتين قرب سن اليأس. وفي المملكة المتحدة، تسعى أكثر من ثمانمئة ألف امرأة سنويًا للعلاج من النزيف الرحمي الغزير، بينما تصل التكاليف غير المباشرة لهذه الحالات في الولايات المتحدة إلى نحو 12 مليار دولار سنويًا.
ومع انتشار الجائحة، لوحظت تغيرات طفيفة ومؤقتة في الدورة الشهرية بعد التطعيم، وتغيرات أكبر بعد الإصابة بفيروس SARS-CoV-2، حيث يبدو أن كوفيد الطويل يؤثر على النساء أكثر من الرجال، مع استمرار غياب وضوح التفاصيل حول آلية تأثير الفيروس على الجهاز التناسلي.
منهجية الدراسة
نشرت الدراسة تحت عنوان: "العلاقة المحتملة ثنائية الاتجاه بين كوفيد الطويل والدورة الشهرية" في مجلة Nature Communications.
واعتمد الباحثون في دراستهم على ثلاثة محاور رئيسية وهي: استبيان إلكتروني شمل اثنتي عشرة ألفًا ومئة وسبعًا وثمانين امرأة من المملكة المتحدة، منهن ألف وثمان وأربعون يعانين من كوفيد الطويل، وألف وسبعمئة وست عشرة أصبن بكوفيد الحاد سابقًا، وتسع آلاف وأربعمئة وثلاث وعشرون لم يُصبن بالفيروس. كما أجرى الباحثون متابعة يومية للأعراض عبر تطبيق مخصص لأربع وخمسين امرأة يعانين من كوفيد الطويل وتتمتع دورتهن الشهرية بالانتظام، إضافة إلى تحليل عينات الدم وخزعات بطانة الرحم لمجموعات مختارة ومقارنتها مع نتائج لنساء قبل الجائحة، بهدف الكشف عن أي تغيرات هرمونية أو التهابية.
نتائج الدراسة
كشفت الدراسة أن النساء المصابات بكوفيد الطويل يعانين من عدة اضطرابات في الدورة الشهرية، تشمل نزيفًا أثقل مقارنة بالنساء غير المصابات، وزيادة عدد الدورات التي تتجاوز ثمانية أيام، وارتفاع النزيف بين الدورات، إضافة إلى تزايد حالات انقطاع الدورة أو غيابها. وتتركز شدة الأعراض خلال المرحلة الإفرازية المتأخرة وأثناء الحيض، وكذلك خلال المرحلة التكاثرية.
أما التحليل الهرموني، فقد أظهر ارتفاع مستويات هرمون 5α-ديهيدروتستوستيرون في الدم لدى المصابات خلال المرحلة الإفرازية، في حين لم تُسجل اختلافات كبيرة في مستويات الإستروجين أو البروجسترون أو هرمون مضاد مولر بين المجموعات.
وأظهر تحليل نسيج بطانة الرحم انخفاض عدد الخلايا الإيجابية لمستقبلات الأندروجين أثناء الحيض، وتراجع درجات هذه المستقبلات خلال الحيض والمرحلة التكاثرية، إلى جانب ارتفاع مستوى عامل نخر الورم (TNF) أثناء الحيض، وظهور تجمعات من الخلايا المناعية داخل بطانة الرحم، ما يشير إلى دور الالتهاب في هذه الاضطرابات.
الاستنتاجات والتوصيات
خلصت الدراسة إلى أن كوفيد الطويل يرتبط بالنزيف الرحمي غير الطبيعي، مع بقاء وظيفة المبايض سليمة. وأوضحت النتائج أن الاختلافات في تنظيم الأندروجين والاستجابة الالتهابية قد تكون السبب الرئيسي لهذه الاضطرابات.
ودعت الدراسة إلى ضرورة تطوير علاجات مستهدفة للنساء المصابات بكوفيد الطويل، مع مراعاة مرحلة الدورة الشهرية عند تصميم المؤشرات الحيوية والعلاجات المستقبلية، لتقديم حلول أكثر نجاعة ودقة.