أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمته الافتتاحية بمؤتمر "حل الدولتين" في الأمم المتحدة أن الوقت قد حان للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشددًا على أن الحل القائم على إقامة دولتين بات ضرورة ملحة لضمان الاستقرار في المنطقة.
انطلقت في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، اليوم الاثنين، أعمال مؤتمر "حل الدولتين" برئاسة مشتركة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، وبمشاركة قادة وزعماء دوليين.
ماكرون: مسؤولية جماعية عن الفشل في تحقيق السلام
وخلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاجتماع يهدف إلى الإفراج عن 48 رهينة تحتجزهم حركة حماس ووقف الحرب في قطاع غزة، مؤكدًا أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه.
وأضاف ماكرون أن المجتمع الدولي لم يعد قادرًا على الانتظار للاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشددًا على أن الحل السياسي القائم على إقامة دولتين أصبح ضرورة ملحة لضمان الاستقرار في المنطقة.
وتابع ماكرون أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية جماعية عن الفشل حتى الآن في بناء سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، داعيًا إلى تدارك ذلك عبر تحرك سياسي فاعل.
كما شدد على أن "وحشية حماس ومن تعاون معها في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 أذهلت إسرائيل والعالم"، مؤكدًا أن مواجهة الإرهاب يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع الجهود السياسية لإنهاء الصراع.
السعودية: هذا المؤتمر فرصة تاريخية لتحقيق السلام
من جهته، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن "مؤتمر حل الدولتين فرصة تاريخية لتحقيق السلام"، مضيفًا أن "إسرائيل تواصل ارتكاب جرائمها الوحشية في غزة وانتهاكاتها في الضفة والقدس الشريف"، داعيًا "بقية الدول إلى اتخاذ الخطوة التاريخية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية".
غوتريتش: ما البديل؟
من جهة ثانية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه "لا مبرر لما وقع في 7 أكتوبر، ولا للعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، ولا لما يحدث في الضفة الغربية، ولا لاستمرار إقامة المستوطنات فيها".
وتابع أن مدينة القدس يجب أن تصبح عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، مؤكدًا أن إقامة دولة للفلسطينيين ليست مكافأة، بل حق، مطالبًا "من يعرقل مسار حل الدولتين" بالإجابة عن السؤال الذي وصفه بـ الأساسي وهو: ما البديل؟
بيربوك: العالم خذل الأطفال الغزيين والإسرائيليين
رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، اختارت أن تبدأ كلمتها بالحديث عن معاناة الأطفال في هذه الحرب قائلة: "لا يمكن تجاهل صوت هند رجب عندما تعرضت السيارة التي كانت تقلها للقصف"، مشيرة إلى أن العالم خذل هذه الطفلة الغزية كما خذل الطفل الإسرائيلي كفير بيباس.
وتابعت بيربوك بأن الإنسانية لا تكمن في اختيار طرف دون آخر، بل في إدراك أن لكل حياة قيمتها ذاتها، داعية إلى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة. كما طالبت إسرائيل بتسهيل إيصال المساعدات للمدنيين في غزة، وحركة حماس بإطلاق سراح الرهائن.
وشددت على أن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية يقوض آفاق الحل السياسي، وأكدت على أن السبيل الوحيد ليعيش الإسرائيليون والفلسطينيون بكرامة هو إقامة حل الدولتين.
وأوضحت أن إعلان نيويورك حظي بتأييد 142 دولة عضو في الأمم المتحدة، مؤكدة أنه يجب إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ضمن حدود معترف بها دوليًا.
عباس: نريد دولة فلسطينية غير مسلحة
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فدعا إلى وقف "الحرب على شعبنا"، مشيرًا إلى أن "جرائم الحصار والتجويع ليست وسيلة لتحقيق الأمن"، وطالب بإدخال المساعدات إلى القطاع، وانسحاب إسرائيل منه، والإفراج عن الرهائن. كما أشاد بالوساطة المصرية والقطرية والأمريكية، معربًا عن تقديره لمواقف مصر والأردن الرافضة للتهجير.
وعن مستقبل حماس في القطاع، قال عباس إنه لن يكون لها دور، مؤكّدًا أن عليها وعلى باقي الفصائل تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية، معبّرًا عن رغبته في إقامة دولة فلسطينية غير مسلحة.
وفي كلمة عبر "الفيديو" طالب عباس بوقف الاستيطان ومخطط ضم الضفة الغربية، ووضع حد لعنف المستوطنين والاعتداء على المقدسات.
كما أدان "سياسات الاحتلال التي تعزل القدس" والتصريحات الإسرائيلية بشأن "إسرائيل الكبرى"، مؤكدًا التزامه بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام من انتهاء الحرب في غزة، ومتعهّدًا بوضع قانون انتخاب يمنع مشاركة أي طرف لا يلتزم بالشرعية الدولية.
ومع ذلك، شدّد عباس على رغبته في دولة قائمة على التعددية والتداول السلمي للسلطة، مؤكدًا اعترافه بحق إسرائيل في الوجود، موضحًا أنه لا "يجب الخلط بين دعم القضية الفلسطينية ومعاداة السامية".
العاهل الأردني: نرفع صوتنا من أجل العدالة
من جهته، قال العاهل الأردني عبد الله الثاني إن من حق كل بلد وكل شعب أن يكون له صوته المسموع، مضيفًا بأن الأردن "يرفع صوته من أجل العدالة"، مشددًا أن "علينا العمل على وقف جميع الإجراءات التي تقوض حل الدولتين".
أردوغان: الوقوف ضد "القمع" الإسرائيلي مسؤولية أخلاقية
هنّأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "جميع الدول التي اعترفت بدولة فلسطين على احترامها لصوت العدالة"، واتهم حكومة بنيامين نتنياهو بمحاولة جعل إقامة دولة فلسطينية أمرًا مستحيلًا، وارتكاب "إبادة جماعية" بحق جيرانها، لكنه أشار إلى أن الصوت الفلسطيني أصبح قضية عالمية، وأن الوقوف ضد "القمع الإسرائيلي" مسؤولية أخلاقية.
لولا: "لا مبرر لقتل وتشويه أكثر من 50 ألف طفل فلسطيني"
وصف الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، لكنه أشار إلى أن أفعال حماس غير مقبولة. مضيفًا بأنه لا مبرر لقتل وتشويه أكثر من 50 ألف طفل في غزة.
وتابع قائلًا: "لا بد من تصويب الخلل الذي حال دون الحوار وتحقيق السلام في الشرق الأوسط ولا بد من ضمان حق الفلسطينيين في تقرير المصير".
ترقب لرد نتنياهو
وكانت السلطة الفلسطينية قد رحبت بموجة الاعتراف، معبرة عن أملها في أن تؤدي يومًا ما إلى الاستقلال، فيما أثار القرار موجة استياء في الداخل الإسرائيلي الذي اعتبره "مكافأة لحماس".
وفي هذا السياق، طالب عدة وزراء يمينيون نتنياهو بالإعلان عن ضم الضفة الغربية ردًا على مؤتمر نيويورك، إلا أن الإمارات العربية المتحدة حذرت من أن ذلك يعتبر "خطًا أحمر"، دون توضيح كيف قد يؤثر على العلاقات الوثيقة حاليًا بين البلدين.
وكان نتنياهو قد أوضح أنه سيقرر كيفية الرد الإسرائيلي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد اجتماعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، وهو الاجتماع الرابع لهما منذ عودة ترامب إلى الرئاسة. ومن المقرر أن يخاطب زعيم إسرائيل قادة العالم في الأمم المتحدة يوم الجمعة.